مرحلة السرعة القصوى

الرئاسة الاشتراكية الفرنسية تريد استدراك ما خلفته أزمة التعاون القضائي قبل موعد رئاسيات 2017 كشفت زيارة الصداقة والعمل الرسمية، التي قادت فرانسوا هولاند، الرئيس الفرنسي، ووفدا كبيرا من مسؤولي بلده، السبت والأحد الماضيين، إلى المغرب، عن انطلاق المرحلة "الفائقة السرعة" للعلاقات بين البلدين، بعد سنة من الجمود، وهي المرحلة التي تشمل أساسا مجالات مكافحة التطرف والإرهاب، وتعميق الروابط التاريخية، وإيجاد التقائية لأدوار البلدين في العمق الإفريقي، مع تكريس أواصر التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي بين البلدين.وتجسيدا لذلك، التحقت فرنسا بالدول التي تريد الاستفادة من النموذج الديني المغربي في مكافحة التطرف، بقيام جلالة الملك محمد السادس، مع الرئيس الفرنسي، بالإشراف على توقيع اتفاقية تعاون، سيتولى المغرب بموجبها، تكوين أئمة فرنسيين، ثم زارا موقعا لصيانة عربات القطار السريع المقبل بين طنجة والدار البيضاء الذي يفترض أن يفتتح في 2017 و2018. كما كان موضوع المناخ مطروحا على جدول أعمال المحادثات، إذ كان مرتقبا، أن يوقع هولاند مع جلالة الملك على "نداء طنجة"، تمهيدا لمؤتمر المناخ الذي سيعقد في باريس في دجنبر المقبل، وسينظم المغرب المؤتمر الموالي. هولاند: مرحلة جديدة من الشراكة أكثر قوة وتماسكا قال إن بلاده تراهن على "الخبرة الثمينة" للأجهزة المغربية في مكافحة الإرهاب لم يخف فرانسوا هولاند، رئيس الجمهورية الفرنسية، أثناء حلوله بمطار طنجة ابن بطوطة، في تصريحات أدلى بها لمناسبتين متفرقتين، حول زيارة العمل الرسمية التي قادته إلى المغرب، خلال اليومين الماضيين، أن بلاده، تريد أن تدشن مع المغرب، "مرحلة جديدة من الشراكة"، بعد أن تجاوز البلدان، في فبراير الماضي، الأزمة التي لم يتردد المغرب، عقبها، في تعليق اتفاقية التعاون القضائي وفرض مراجعتها.ويظهر أن الرئاسة الاشتراكية الفرنسية، وحكومتها، تضعان ضمن أولويات العامين المتبقيين من ولايتهما الانتخابية التي ستنتهي في 2017، استدراك ما فات على مستوى التعاون الثنائي مع الشريك المغربي، بسبب الأزمة التي عمرت عاما كاملا، إذ وعد فرانسوا هولاند، بأن الروابط التي تجمع المغرب وفرنسا "ستتقوى أكثر فأكثر وستزداد تماسكا وقوة".وقبل وصوله إلى طنجة، حيث وجد في استقباله جلالة الملك محمد السادس، كشف الرئيس الفرنسي، في حوار صحافي، أن الرسالة التي حملها معه إلى طنجة، مضمومنها "طموح مشترك، وإرادة في تطوير التعاون مع المغرب في ظل وضع يشهد مزيدا من الأخطار، ومزيدا من الفرص"، مؤكدا أن اللقاء الرفيع المستوى بين حكومتي البلدين، في باريس يومي 28 و29 ماي، مكن من تحديد الأهداف الكبرى "لشراكتنا الاستثنائية للسنتين المقبلتين. وأردت زيارة طنجة لأتناول مع جلالة الملك مسألة تنفيذ الأولويات التي حددناها معا".وزيادة على قضية التطرف، التي تعول فيها فرنسا على خبرة المغرب الأمنية ونموذجه الديني، وكان ذلك موضوع أول اتفاقية يجري التوقيع عليها في إطار الزيارة إلى طنجة، أكد الرئيس الفرنسي، أن التوجه نحو إفريقيا، "القارة الشاسعة التي تلامس أوربا تقريبا هنا في طنجة"، يوجد ضمن أولويات التعاون في العامين المقبلين.وفي هذا الصدد، قال الرئيس الفرنسي، إن بلاده والمغرب، يؤديان "دورا مهما في حقل تنمية إفريقيا ويقيمان علاقات ثقة مع البلدان الإفريقية. ولدينا تجربة من خلال الاتفاقات المبرمة بين الوكالة الفرنسية للتنمية والتجاري وفا بنك، والبنك الشعبي، والبنك المغربي للتجارة الخارجية؛ وينبغي أن يتوسع التعاون مع افتتاح شركة "بيجو" في المغرب. وطبعا هناك آفاق عديدة في مجالات البيئة والبنى التحتية وحقل اللوجستيك وغيرها".وتتزامن رغبة الاستدراك، مع ظرف دولي خاص يجمع المغرب وفرنسا، ويتعلق الأمر بالمؤتمر الأممي حول المناخ، الذي تستضيفه فرنسا في نهاية السنة الجارية، ويحتضن المغرب دورته الموالية في نهاية 2016، ما فرض على المغرب وفرنسا، "التنسيق على نحو وثيق للمساهمة في نجاحهما"، باعتبار "الأهمية الفائقة للمؤتمرين لمستقبل كوكب الأرض"، يؤكد فرانسوا هولاند، دون أن يخفي، أن الجمهورية الفرنسية، تضع نصب أعينها، الاستفادة من "التجربة الرائدة للمغرب في مجال الطاقة المتجددة".وحول التحديات الأمنية، أكد الرئيس الفرنسي، أن "التصدّي لها معا، يستوجب إقامة تعاون وثيق" مع المغرب، سيما في "مجال المعلومات الاستخباراتية الذي نعتبر خبرة المغرب فيه ثمينة لنا". إذ "سبق للأجهزة المغربية أن برهنت على فعاليتها من خلال تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية في الأشهر الماضية".وأضاف الرئيس الفرنسي، أن البلدين، لهما، أيضا، "الإرادة المشتركة للتقدم معا في محاربة الجريمة المنظمة". مشيرا إلى أنه تسنت له، قبل أسابيع، فرصة "الإشادة بمساهمة قوى الأمن المغربية بوضع اليد على عدة أطنان من المخدرات في منطقة مرسيليا"، خلال نشاط رسمي خصص لتلك المناسبة. كما كشف الرئيس الفرنسي، أن "التبادل بين أجهزة البلدين، أتاح إلقاء القبض في نهاية غشت الماضي، على شخص يحمل الجنسيتين الفرنسية والمغربية مُدان في فرنسا لتورطه في سرقة محل مجوهرات".امحمد خيي الشراكة الثنائية تبلغ السرعة القياسية أشرف الملك محمد السادس، رفقة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أول أمس (السبت) على تدشين ورشة صيانة القطارات فائقة السرعة بمدينة البوغاز. واعتبر هنري بوبار لافارج، رئيس شركة "ألستوم"، أن الورشة تعد لبنة أولى في بناء شراكة تعاون سككي بين المغرب وفرنسا، مضيفا أن المشروع يشكل نجاح شراكة كبرى وصداقة أكبر بين البلدين. وأكد أن مشروع القطاع فائق السرعة سيساهم في إحداث القيمة المضافة واكتساب الخبرة الصناعية بكل من فرنسا والمغرب.ويمثل الخط فائق السرعة بالمغرب، أحد أوجع علاقات الشراكة المغربية الفرنسية وهو أكبر ورش سككي بإفريقيا، مشروعا ضخما من حيث حجم الأشغال والمنشآت، وهو مزود بأكبر جسر مخصص لخط فائق السرعة بالعالم.وأشار محمد ربيع لخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، من جهته، أن مشروع الخط فائق السرعة، الذي سيمتد إقامته على مسافة تصل إلى 200 كيلومتر بسرعة 320 كيلومترا في الساعة، يعتبر مشروعا ضخما، بالنظر إلى حجم الأشغال وضخامة المنشآت، خاصة الجسر الكبير المخصص لخط فائق السرعة، وذلك على الصعيد العالمي.وأكد لخليع أن انطلاق الخط يتوقع أن يتم نهاية 2017، أو في النصف الأول من 2018، مضيفا، في الوقت ذاته، أن التعريفة ستكون في متناول زبناء شبكة النقل السككي الحالية. وأشار إلى أن المشروع سيساهم، خلال مرحلة الاستغلال، في خلق 2500 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.وتشغل "إدارة المشروع"، حاليا، زهاء 250 مهندسا، 120 منهم مغاربة. وأفاد لخليع أنه، بالموازاة مع تقدم أشغال المشروع، سيكون من الضروري تعزيز الموارد البشرية لتصل إلى 450 مهندسا، 250 منهم مغاربة. كما سيكون لتشغيله، الذي سيشكل ركيزة أساسية في اختيار إقامة مقاولات أو ترحيلها، وقعا لا يمكن نكرانه على الأنشطة الاقتصادية بالمدن والجهات المعنية، إذ سيمكن المقاولات الجهوية من تحسين تنافسيتها وتوسيع أسواقها.وبخصوص نقل المسافرين، يراهن المكتب الوطني للسكك الحديدية، اعتبارا من السنة الأولى للشروع في استغلال الخط، على نقل أزيد من ستة ملايين مسافر، وهو العدد القابل للارتفاع بالتزامن مع فتح أشطر جديدة وتبعا للمؤشرات السوسيو اقتصادية الشاملة.وأوضح المكتب، في الإطار نفسه، أن الخط فائق السرعة سيكون في متناول أغلبية المواطنين المغاربة، وليس فقط الأغنياء منهم، وذلك ضمن مقاربة وطنية تختلف عن تلك التي يعتمدها الغربيون، والتي تم تطويرها بالخصوص في أوربا، حيث القطار فائق السرعة يناسب زبناء النقل عبر الطائرة.وفي ما يتعلق بمردودية الخط فائق السرعة، فقد قدرها المكتب الوطني للسكك الحديدية بـ 9.4 في المائة، تحتسب على أساس التدفقات الاقتصادية (تكاليف الاستثمار والاستغلال)، وجوانب غير تجارية يمكن تحديد قيمتها نقدا، من قبيل ربح الوقت والسلامة الطرقية والتقليص من تلوث الهواء وانبعاثات الغاز المسبب في الاحتباس الحراري، وخلق فرص الشغل.ويستفيد إنجاز هذا المشروع الطموح من الخبرة الفرنسية، في إطار الشراكة التي تجمع بين المغرب وفرنسا، البلد الرائد عالميا في هذا الميدان.ع . ك باريس تطلب أئمة النموذج المغربي التوفيق : الدولة الفرنسية أدركت أن الدين قطاع حيوي مثل الطب لم يخف أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في حديث خص به "الصباح"، أمس (الأحد)، أن توقيع المغرب وفرنسا، أول أمس (السبت) على "الإعلان المشترك المغربي الفرنسي حول تكوين الأئمة"، حدث دبلوماسي "مهم وغير عاد".ويأتي استعمال التوفيق، لذلك التوصيف، من منطلق أن فرنسا، أول دولة علمانية، تدرك أن تلبية الحاجات الدينية غير الملوثة وعير المحرفة، من صميم الديمقراطية وأدوار الدولة، ومن منطلق اختيارها تحديدا، النموذج الديني المغربي، الذي ترعاه إمارة المؤمنين.وقال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إن "الحدث غير عادي ومهم جدا، إنها أول مرة يوقع إعلان مشترك مع بلد ينتسب إلى الحضارة الغربية، ويقع اتفاق حول مسائل أساسية تهم استعمال الدين، وتضع الأصبع على ما ينبغي أن يكون عليه الدين كمصدر للخير والسلام والمحبة".وفي وقت يعد فيه "تكوين الأئمة في المغرب أمرا غير مستجد عكس ذلك بفرنسا"، أكد التوفيق أن الاعتراف الفرنسي "بأهمية تكوين الأئمة، هو ذاته، اعتراف بالنموذج المغربي، النابع من إمارة المؤمنين، التي هي حامية الملة والدين من كل ما يسيء إليه والساهرة على ترقية الأمور المرتبطة به".ويحبل توقيع فرنسا، واحدة من الدول التي تمنع عن نفسها التدخل في المجال الديني، على اتفاق مع المغرب لتكوين أئمتها، بإشارات دالة على الصعيد الدولي، منها أن الحقل الديني قطاع حيوي، شأنه شأن الطب، "تشكل تلبية حاجيات المواطنين منه، من صميم الديمقراطية".وأضاف أحمد التوفيق، لـ"الصباح"، أن "ديباجة الإعلان المشترك المغربي الفرنسي، تنص على أمور مشتركة حول إرادة تكوين جيل جديد من الأئمة من أجل إسلام بعيد عن التحريف والفتنة، التي هي عدوة الدين، وبعيدا عن كل ما يسيء إلى هذا الدين، وهي مسألة مشتركة، لأن المسلمين أينما كانوا ترعاهم إمارة المؤمنين، خاصة إذا كانوا من رعايا أمير المؤمنين في المغرب، أو في غيره من البلدان".ولم يكن طلب فرنسا للنموذج الديني اعتباطيا، إذ أن النموذج الذي يسهر جلالة الملك محمد السادس، بصفته أميرا للمؤمنين وحاميا للملة والدين، هو الوحيد فعلا، على الصعيد العالمي، الذي يكون جيلا جديدا من الأئمة منذ 12 سنة، تاريخ إعطاء مؤسسة إمارة المؤمنين أمرا بالشروع في ذلك.ويرتكز ذلك التكوين، حسب أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، على "مواكبة ما استجد على الدين من أمور عديدة، منها ما يتعلق بتفاصيل الحضارة الحديثة وما ينبغي الأجوبة عنه من أسئلة هذه الحضارة، ومواكبة ما يقع من تقدم في العلوم الإنسانية، ومواجهة ما وقع من تلوث في الجو السياسي ومحاولة استغلال الدين في السياسة".ولا تتوقف دلالات الخطوة الفرنسية التي أثارت انتباه العالم الغربي، عند ذلك الحد، إذ وافقت، فرنسا، بدون تردد وبموجب الاتفاقية الموقعة، حسب أحمد التوفيق، "على أن يتولى المغرب اختيار الأئمة الذين سيكونهم، وفق مقاييس معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدات وبتوافق مع مساجد فرنسا وجمعيات المساجد، مع حرص باريس على أن يكون هناك تكوين تكميلي في فرنسا حسب ما تقتضيه قوانينها ومساطرها".وتنص الاتفاقية على إنشاء آلية للتتبع والتنسيق بين البلدين وعقد اجتماعين على الأقل في السنة بحضور وزارتي الداخلية والشؤون الخارجية والتنمية الدولية عن الجانب الفرنسي، ووزارتي الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون عن الجانب المغربي.ا . خ الحيطي: نداء طنجة اعتراف بجهود المغرب قالت حكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، إن نداء طنجة حول التغيرات المناخية، "تاريخي بكل المقاييس" لما يحمله من دلالات، إذ يعتبر بمثابة إقرار أن المغرب بلد يبذل جهودا كبيرة لمحاربة مخاطر التغيرات المناخية والتقليص من انعكاساتها. وأكدت الحيطي أن عقد اتفاق بين بلد ينتمي إلى الضفة الشمالية وبلد ينتمي إلى الضفة الجنوبية يحمل في طياته دلالة ورمزية كبيرتين، ويؤكد أن "بلدنا منخرط في محاربة مشاكل التغيرات المناخية"، مضيفة أن هذا الاتفاق يعبر عن التضامن بين الدول، وينادي المجتمعات الدولية إلى تنفيذ التزاماتها المالية تجاه الدول التي تعاني مخاطر التغيرات المناخية. وأكدت الحيطي أن المغرب، الذي يعتبر أول بلد عربي ينخرط في مكافحة التغيرات المناخية والثاني على الصعيد العالمي في ما يخص كيفية مكافحة التغيرات المناخية، يستعد للمشاركة في المؤتمر 21 بباريس، من خلال مساهمته الفعالة في المجهودات الدولية الرامية إلى تخفيض انبعاث الغازات، وذلك، تضيف الوزيرة المنتدبة في انتظار استضافة مراكش للمؤتمر الثاني والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، التي ستعرف تنزيلا لأهداف هذا النداء، ووضع آليات لتحقيق هدف باريس، متمثلة في كيفية إنفاق 100 مليار دولار ستضعها الدول المتقدمة في الصندوق الأخضر من أجل تنزيل مشاريع مكافحة التغيرات المناخية في البلدان المتضررة. ض. ز

مرحلة السرعة القصوى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شخصيات وازنة وراء لوبي العقار بخريبكة

بنكيران: سنشكل محور الحكومة المقبلة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات