إستراتيجية جديدة في التعليم العالي تعزز نقاط القوة بإجراءات عاجلة ومتوسطة وطويلة الأمد عقدت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب يوم الأربعاء 7 ماي الجاري بالقاعة 8، اجتماعا ترأسه النائب عدي شجري، رئيس اللجنة وحضره عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وعدد من النواب، لمناقشة مواضيع تتعلق بقطاع التعليم العالي تقدمت بها الفرق والمجموعات النيابية، من أجل إجراء تقييم شامل للوضع الحالي للتعليم العالي والاطلاع على خطة عمل الوزارة التي تضمنت إجراءات عاجلة ومتوسطة وطويلة الأمد لتحسين جودة التعليم العالي، وتطوير منظومة البحث العلمي والابتكار، ومعايير وشروط توزيع المنح الجامعية على العمالات والأقاليم المملكة. إعداد : ياسين قُطيب قدم عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عرضا مفصلا، تناول فيه النقط والأفكار التي أثيرت في الاجتماع، إذ أكد في بداية حديثه على ثلاثة مرتكزات أساسية يقوم عليها القطاع وهي: تعزيز استقلالية الجامعة، واستمرار السياسات العامة، والملاءمة مع المعايير الدولية، مشيرا إلى نقط القوة التي تميز منظومة التعليم العالي وإكراهاتها. الحد من التشتت والاكتظاظ أبرز الوزير أن المنظومة راكمت تجربة إيجابية، وقامت بمشاريع مهيكلة تحت القيادة الملكية، ونوعت من نماذج الولوج إلى الجامعة بين مفتوح ومحدود ومؤسسات عمومية وخاصة، كما اعتمدت على آلية الانفتاح بجعل الجامعة المغربية جذابة في وجه الطلبة المنحدرين من الدول الإفريقية. لكن الوزير لم يخف وجود إكراهات تواجهها الجامعة المغربية مثل التشتت المجالي، والاكتظاظ، وضعف التأطير البيداغوجي والإداري، ومحدودية نظام القيادة، وغياب نظام معلوماتي شامل ومندمج، ومحدودية الموارد المالية. تتضمن خانة الإطار المرجعي والمرتكزات الأساسية التوجيهات الملكية ودستور المملكة والقانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والقانون رقم 00.01 المتعلق بتنظيم التعليم العالي والرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015 – 2030 بالإضافة إلى النموذج التنموي الجديد والبرامج الحكومي 2021.2026، والالتزامات الدولية وتوصيات المؤسسات الدستورية.وتوزعت المرتكزات الأساسية بين تعزيز استقلالية الجامعة واستمرارية السياسات العامة والملاءمة مع المعايير الدولية وكل ذلك في إطار ترصيد مكتسبات أكثر من عقدين من الإصلاحات. توزيع مجالي غير متوازن خلص الوزير إلى وجود نقاط قوية متمثلة في تراكمات تاريخية إيجابية، ومشاريع مهيكلة في ارتفاع مطرد تحت القيادة الملكية، صنعت منظومة جامعية متنوعة بين الولوج المفتوج والولوج المحدود والمؤسسات العمومية والمعاهد الخاصة، وتتفاعل مع الأولويات الوطنية والحاجيات المعبر عنها، خاصة في ما يتعلق بالصحة والتعليم والرقمنة والصناعة، تمنح شهادات معترف بها دوليا وهو ما تشهد عليه جاذبية الجامعات المغربية خاصة بالنسبة إلى الطلبة المنحدرين من الدول الإفريقية، لكن في المقابل هناك بعض الإكراهات والتحديات من قبيل ضخامة الجامعات وتشتتها مجاليا، والاكتظاظ وضعف التأطير البيداغوجي والإداري وهياكل ومجالس تمثيلية محدودية الفعالية في ظل توزيع مجالي غير متوازن ونظام قيادة ذي فعالية محدودة مطبوع بغياب التعاقد والتقييم المستمر وغياب نظام معلوماتي شامل ومندمح، ومحدودية الموارد المالية وصعوبة صرفها. وتتجسد الإكراهات البيداغوجية في ضعف المردودية الداخلية والخارجية خاصة في ما يتعلق بنسب التخرج، والرسوب والهدر، وولوج سوق الشغل وضعف التنوع في أنماط التدريس بهيمنة التعليم الحضوري وغياب آليات اليقظة ورصد التطورات. نظام توجيه مبكر تنطلق الإستراتيجية الجديدة المعتمدة من قبل الوزير عز الدين ميداوي من تحسين وتنويع عرض التكوين من خلال إحداث مؤسسات ومسالك جديدة تتماشى مع الأولويات الوطنية وتواكب تطورات المهن على المستوى الدولي، ومراجعة دفاتر الضوابط البيداغوجية الوطنية، وتطوير منصة تعليم اللغات وإعادة تفعيل مراكز اللغات وإنشاء وتعميم مراكز الإبداع البيداغوجي ووضع إيطار تنظيمي ملائم للتكوين المستمر والتكوين بالتناوب والتعليم مدى الحياة، وإرساء نظام ناجع للتوجيه المبكر والإرشاد الجامعي من تعميم المسارات المهنية لمواكبة الخريجين وتسهيل إدماجهم، وتعميم إحداث وكالات إنعاش التشغيل والكفاءات داخل الجماعات. وتشمل الإستراتيجية الجديدة النهوض بالبحث العلمي والابتكار من خلال تقييم "الإستراتيجية الوطنية للبحث العلمي في أفق 2025" وإعداد إستراتيجية جديدة للفترة 2025- 2035، وتعزيز آليات القيادة في البحث العلمي مع التركيز على البحث التنموي ونقل التكنولوجيا، وترشيد منظومة البحث العملي الوطنية بوضع إطار مرجعي لاعتماد هياكل البحث وتنويع مصادر التمويل وأنماط التوظيف، وإحداث أقطاب جهوية للتكوين والبحث والابتكار في شكل معاهد موضوعاتية ومنصات تكنولوجية وتنويع فئات الباحثين، دكاترة ومنتسبين وأساتذة فخريين مع تعزيز انخراط الكفاءات المغربية بالخارج، وإطلاق برامج الدكتوراه في القطاع الصناعي ورفع عدد مسالك الماستر باعتبارها مشتلا لإعداد الباحثين المستقبليين. صفة "شريك" أوربي يرتكز ورش النهوض بالبحث العلمي والابتكار كذلك على إحداث وكالة وطنية للبحث تتيح إمكانية تحويل المركز الوطني للبحث العلمي والتقني إلى وكالة لتوفير الموارد والوسائل، وإرساء منظومة إستراتيجية وطنية للابتكار، وإعادة هيكلة مدن الابتكار وفقا للأقطاب الجهوية بما ينسجم مع تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، وتخصيص وضعية قانونية ونمط حكامة ملائمين لمدن الابتكار بإحداث بنيات متخصصة في تثمين البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وفي محور التعاون والشراكات، تنص الإستراتيجية الجديدة على تعزيز اندماج الجامعة ضمن محيطها الترابي والجهوي في إطار استقلاليتها ومن خلال التعاقد بين الدولة والجهة والجامعة، وكذلك الشأن بالنسبة إلى البعد الإفريقي والعربي والدولي، مع مأسسة الحركية على الصعيدين الوطني والدولي، وإرساء تدابير تواكب الجامعات في إستراتيجياتها لتعزيز مكانتها على الصعيد الدولي، سواء في ما يتعلق بالتصنيفات أوالترويج للمغرب وجهة أكاديمية، إضافة إلى التفاوض مع الاتحاد الأوربي بشأن تخويل المغرب صفة "بلد شريك" لبرنامج أفق أوربا. وبشأن تحسين الحياة الجامعية تنكب الإستراتيجية الجديدة على تجويد حكامة المكتب الوطني للأعمال الجماعية من خلال مراجعة القانون رقم 81.00 وبلورة مفهوم جديد ومبتكر للشراكات مع السلطات المحلية والجماعات الترابية والقطاع الخاص من أجل بناء وتدبير الأحياء والمطاعم الجامعية وتوفير المنح والخدمات الصحية وتحسين المركبات الجامعية ومأسسة الأنشطة الثقافية والرياضية والمسؤولية المجتمعية والبيئية. دليل مرجعي للكفاءات تنبني آليات تنفيذ الإستراتيجية الجديدة في إطارها القانوني على تنزيل مقتضيات الإطار رقم 51.17 من خلال إعداد النصوص التطبيقية. ويتعلق الأمر بخمسة قوانين هي : القانون المنظم للتعليم العالي، وقانون المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية وقانون الوكالة الوطنية للتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي وقانون المركز الوطني والوكالة الوطنية للنباتات الطبية والعطرية، بالإضافة إلى المراسيم التطبيقية لهذه القوانين، وإعداد تسعة مراسيم مرتبطة بالقانون الإطار. وتتوخى آليات التنفيذ تحسين حكامة التنظيم الإداري من خلال مراجعة الهياكل التنظيمية للوزارة والجامعات بوضع هياكل تنظيمية جديدة أكثر ملاءمة مع الإستراتيجيات والمهام وشبكات المؤسسات الجامعية، مع تحسين حكامة الموارد البشرية من خلال تحسين بيئة وظروف أشغال التهيئة والتجهيز، وإصدار المرسوم المتعلق بالدليل المرجعي للوظائف والكفاءات وتفعيله، وإعداد نظام أساس خاص بالموظفين الإداريين والتقنيين وتنفيذ برنامج للتكوين المستمر. ولا يستثني تحسين الحكامة التحول الرقمي بوضع نظام معلوماتي شامل ومندمج ورقمنة المساطر والإجراءات الإدارية، وكذا تحسين حكامة التتبع والتقييم من خلال مأسسة التعاقد وتوسيع اختصاصات الوكالة الوطنية للتقييم وضمان جودة التعليم العالي وتعزيز آليات التعليم العالي الخاص. وكذلك الشأن بالنسبة إلى حكامة التدبير المالي بتنويع الموارد الذاتية للجامعات وتبسيط تدبيرها ومراجعة التنظيم والتوزيع المجالي بإعادة النظر في تنظيم المؤسسات التي تضم أعدادا كبيرة من الطلبة وإحداث أصناف جديدة من المؤسسات ذات المهام المحددة لمواكبة الاحتياجات الوطنية والجهوية . السجل الاجتماعي معيار المنح أوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن المرسوم رقم 2.23.564 تضمن مستجدات مهمة في ما يتعلق بشروط ومعايير إعطاء المنح الجامعية وتوزيعها، حيث يتم أولا الاعتماد على السجل الاجتماعي الموحد كمعيار وحيد لتخويل صفة ممنوح. ثانيا إسناد البت في طلبات الاستفادة من المنح الدراسية الخاصة بالسلم الأول إلى لجنة وزارية تترأسها السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي، ثم ثالثا إحداث منحة خاصة للطلبة في إطار الحركية (تتعلق بطلبة الدكتوراه وباحثيها). نوه عدد من النواب بعرض الوزير، واعتبروا ما جاء فيه من تشخيص لوضعية القطاع ومن تحليل وأفكار واقتراحات إيجابيا، ويؤشر على إمكانية تطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. غير أن هذا التنويه لم يمنع نائبات ونوابا آخرين من التأكيد على أن مشاكل القطاع كبيرة، وأن الضرورة تقتضي بذل مزيد من العمل والاجتهاد، وخاصة في ما يتعلق بعدالة التوزيع الجغرافي للجامعات والكليات والمعاهد، وفي ما يتعلق أيضا بالأحياء الجامعية وظروفها الاجتماعية وبنيتها التحتية، والمنح وضرورة تعميمها ببعض المناطق والأقاليم التي تغلب عليها الهشاشة الاجتماعية. كما دعا كثير من النواب إلى الرفع من ميزانية البحث العلمي والابتكار، وتشجيع الباحثين ماديا ومعنويا لتعزيز كفاءتهم العلمية وجودتها. تقدم في مسار الملاءمة الدولية (خاص)