الأول جنائي صدر فيه حكم غير نهائي والثاني مدني موقوف على خبرة والثالث غسل الأموال أحالت النيابة العامة المختصة باستئنافية البيضاء، على غرفة غسل الأموال بالمحكمة الزجرية عين السبع، ملفات أحكامها لم تحز بعد صيغة الحكم الحائز لحجية الشيء المقضي به، وملفات أخرى لم تصدر فيها أحكام بعد، ومازالت جلساتها متواصلة. وضمن الملفات التي أدين فيها المتهمون بأحكام ابتدائية، ملف صفقات وزارة الصحة، الذي أصدرت بخصوصه غرفة الجنايات الابتدائية أحكاما بالإدانة، أما تلك التي لم تصدر فيها الأحكام بعد، فيتعلق أحدها بما يسمى قضية "إسكوبار الصحراء"، المتابع فيه متهمون ضمنهم بعيوي، رئيس جهة الشرق سابقا، والناصري، رئيس الوداد الرياضي السابق. وتطرح إحالة الملفين على غرفة غسل الأموال، سؤال، هل يمكن للغرفة أن تفصل فيهما رغم عدم وجود أحكام نهائية بالإدانة؟ وسؤالا آخر يتعلق بملفات اختلاس المال العام والنصب والارتشاء والمخدرات التي أصبحت أحكامها نهائية ولم تحل بعد على غرفة غسل الأموال، باعتبارها جرائم أصلية تدخل في خانة الجرائم الأربع والعشرين التي تستلزم المتابعة بتبييض الأموال. إنجاز : المصطفى صفر ملف صفقات وزارة الصحة الذي سبق لغرفة الجنايات الابتدائية أن أصدرت بخصوصه، شتنبر الماضي، أحكاما بالإدانة بلغت في المجموع 105 سنوات، علقت الهيأة نفسها البت في الشق المتعلق بالدعوى المدنية إلى حين إجراء خبرة حدد لها موعد لإنجازها وتقديمها للمحكمة قصد الفصل في المطالب المدنية. وبينما مازالت أحكام غرفة الجنايات الابتدائية تنتظر مرحلة الاستئناف، عجلت النيابة العامة بإحالة الملف على غرفة غسل الأموال بالمحكمة الزجرية عين السبع، ليصبح المتهمون أمام ثلاثة أوجه للمتابعات، كما أن من شأن تعليق البت في الدعوى المدنية التابعة للقضية الجنائية أن يواصل عقل الممتلكات والأموال، ناهيك عن أن إحالة الملف على غرفة غسل الأموال، من شأنها أن تمدده أيضا... وانطلقت قضية اختلالات صفقات وزارة الصحة في مارس 2022، بعد أن أعلن الوكيل العام للملك، عن الاشتباه في تورط مجموعة من الأطر والموظفين والمهندسين العاملين بالمصالح المركزية والجهوية لقطاع الصحة وبعض أصحاب الشركات والمقاولات والمستخدمين فيها، يمارسون أنشطة تجارية مرتبطة بالقطاع، في ارتكاب أفعال منافية للقانون تمثلت في تسهيل تمرير ونيل صفقات عمومية، سيما توريد واقتناء أجهزة ومعدات طبية مخصصة لتجهيز مستشفيات القطاع العمومي، مقابل الحصول على عمولات وتلقي مبالغ مالية ومنافع عينية. عقل الممتلكات والأموال كانت الإجراءات الاحترازية التي أمرت بها النيابة العامة، عقل وحجز ممتلكات بعض المشتبه فيهم، والمشكوك في أنها من مصادر ناتجة عن الأفعال المنسوبة إليهم، كما تم الحجز على مبالغ مالية مهمة لدى بعض المشتبه فيهم. وفي متم الشهر نفسه، أحالت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، المكتب الوطني لمحاربة الجريمة المالية والاقتصادية، على الوكيل العام للملك، 31 مشتبها فيهم، ضمنهم 18 موظفا عموميا تابعا لوزارة الصحة، و13 متهما يتشكلون من مديري ومسيري شركات ومستخدمين. إثر ذلك قدم الوكيل العام للملك، ملتمسا بإجراء تحقيق، وجهه إلى قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، متابعا المتهمين بجرائم ضمنها تكوين عصابة إجرامية والإرشاء والارتشاء وتبديد المال العام وتزوير محررات رسمية وتزوير وثائق تصدرها الإدارة العمومية واستعمالها، وإتلاف وثيقة عامة من شأنها أن تسهل البحث عن الجنايات والجنح وكشف أدلتها ومعاقبة مرتكبيها، والتحريض على ارتكاب جنح، وإفشاء أسرار مهنية. وعمد قاضي التحقيق إلى إيداع 19 منهم رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن، فيما قرر إخضاع الباقي لبعض تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية، نظير إغلاق الحدود أو إيداع كفالات مالية بصندوق المحكمة، ضمانا لحضور إجراءات التحقيق التفصيلي. واستمع قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف، في جلسات ماراثونية للمتهمين، وواجه بعضهم ببعض للوقوف على درجة تورط كل مشتبه فيه في الاختلالات التي كانت موضوع تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة، وأيضا لأبحاث الضابطة القضائية، سواء في ما تعلق بشبهة اقتناء بعض المعدات والأجهزة الطبية بأسعار تزيد عن تلك المطبقة في السوق الدولية، أو بمقارنتها مع وثائق لطلبات مماثلة، أو اقتناء المعدات الطبية من شركات حقق أصحابها هوامش ربح عالية مقارنة بالأسعار المعلنة في الجمارك، أو شبهات عدم تسوية الصفقات والموافقة عليها إلا بعد الشروع في تنفيذها، في تجاوز للمساطر القانونية المتعلقة بهذه النوعية من الصفقات والطلبيات، أو تغطية تكاليف النقل لبعض المعدات، رغم عدم نقلها أصلا وغيرها من صور وأوجه التلاعب بالمال العام. 43 جلسة بالجنايات الابتدائية قرر قاضي التحقيق بعد الانتهاء من أبحاثه، متابعة المتهمين بالتهم نفسها التي وجهها إليهم الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف. وانتهى التحقيق التفصيلي، بإحالة 28 متهما على غرفة الجنايات الابتدائية لمحاكمتهم في واحد من أكبر ملفات الفساد بوزارة الصحة، بعضهم ظل ممتعا بالسراح المؤقت وآخرون في اعتقال، وبعد 43 جلسة من محاكمة المتهمين ومناقشة الملف والاستماع إلى الدفوعات، نطق رئيس الهيأة بالأحكام. وبرئ المتهمون من جناية تكوين عصابة إجرامية، فيما أدينوا، كل حسب المنسوب إليهم بعقوبات سالبة للحرية بلغت في المجموع 105 سنوات، تضمنت السجن النافذ وموقوف التنفيذ. وقضت المحكمة بثماني سنوات سجنا نافذا، في حق المتهم الرئيسي، وغرامة تقدر بـ 800 ألف درهم، كما قضت في حق المندوب السابق للصحة بجهة طنجة تطوان الحسيمة بالسجن النافذ لسبع سنوات وغرامة 700 ألف درهم، وتراوحت باقي العقوبات بالنسبة إلى المتابعين في حالة اعتقال من موظفين بوزارة الصحة أو أرباب شركات و"سماسرة"، بين أحكام قضائية بالسجن تراوحت بين 3 سنوات حبسا نافذا و7 سنوات، وغرامات مالية تراوحت بين 800 ألف درهم و50 ألفا. أما بخصوص المتهمين الموجودين في حالة سراح وعددهم عشرة، فقد أصدرت هيأة الحكم ضدهم أحكاما تراوحت عقوباتها بين سنتين حبسا نافذا في حدود 6 أشهر، وموقوف التنفيذ في الباقي، كما أصدرت قرارها بإدانة متهمين بسنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ، وغرامات مالية تراوحت بين 10 آلاف درهم و5 آلاف، فيما أدانت متهمة غيابيا بسنتين حبسا نافذا. وقررت هيأة المحكمة بفصل الدعوى العمومية عن الدعوى المدنية، وأمرت بإنجاز خبرة مع أداء الطرف المدني وهو وزارة الصحة 50 ألف درهم، وهي الخبرة التي ينتظر أن تكون قد أنجزت، سيما أنه تم تحديد ثالث دجنبر أجلا لإعدادها وتقديمها للمحكمة. بعيوي والناصري... بداية المحاكمة ملف المتابعين في القضية المعروفة إعلاميا بـ"إسكوبار الصحراء"، بعيوي البرلماني ورئيس جهة الشرق سابقا، والناصري، رئيس الوداد الرياضي السابق، ومن معهما، سيمثلون أمام غرفة جرائم غسل الأموال، بعد إحالته من قبل النيابة العامة. وستجري محاكمة المتهمين، الذين خضعوا لإجراءات عقل وتجميد الأموال والممتلكات، بجريمة تبييض الأموال بابتدائية عين السبع، تزامنا مع محاكمتهم في الغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف، من أجل جرائم تشكل جنحا وجنايات ضمنها تهريب المخدرات وتصديرها دون تصريح أو ترخيص. انتهت إجراءات البحث في ملف "إسكوبار الصحراء"، بمتابعة 20 متهما، في حالة اعتقال، وتمتيع شخص واحد بالمتابعة في حالة سراح. ويتقدم المتهمين المعتقلين رئيس جهة الشرق وشقيقه وصهره، ورئيس فريق رياضي، وموثقة وأربعة عناصر للشرطة القضائية وثلاثة أطر من الدرك. وبعد استنطاق الوكيل العام للماثلين أمامه، في الأسبوع الأخير من دجنبر الماضي، أي قبل سنة، أمر بتعميق البحث مع أربعة أشخاص، وإحالة 21 متهما على قاضي التحقيق لإجراء التحقيق التفصيلي معهم، ملتمسا منه إيداع 20 منهم السجن واتخاذ ما يراه مناسبا في حق متهم واحد. وتوزعت التهم الموجهة إلى المتابعين من قبل النيابة العامة، بين جنايات وجنح، ضمنها التزوير في محررات رسمية وعرفية والمشاركة في ذلك، والاتجار الدولي في المخدرات والارتشاء وتسهيل خروج أشخاص من التراب الوطني في إطار عصابة واتفاق بينهم، والمشاركة في مسك المخدرات ونقلها وتصديرها وإخفاء أشياء متحصلة من جنحة واستعمال ناقلات ذات محرك. ولم يطو ملف شبكة رئيس جهة الشرق، إذ مازالت الجلسات تنعقد كل أسبوع، ولم تتراوح بعد الدفوع الشكلية، ما يعني أنها ستطول بسبب العدد الكبير للمتهمين والمحامين. جريمة تابعة ومستقلة توصف جريمة غسل الأموال بالجريمة التابعة لجريمة أصلية مفترض ارتكابها، وهي من الجرائم الـ 24 التي حددها المشرع، في الفقرة الثانية من الفصل 574 الخاص بمكافحة غسل الأموال، وكان التوجه السائد هو تحريك المتابعات بشأن تبييض الأموال بعد الإدانة بإحدى الجرائم الأصلية والتي ضمنها الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية والنصب وغيرها من الجرائم المذكورة في الفصل ذاته على سبيل الحصر. لكن التجربة القضائية أكدت أن جريمة تبييض الأموال هي أيضا جريمة مستقلة، تتوفر عناصرها القانونية، سواء تم تحريك الدعوى العمومية في إحدى الجرائم الأربع والعشرين المحددة حصرا، أو لم يتم تحريكها، إذ لم تعد متوقفة على إدانة مرتكب الجريمة الأصلية. رهان التكوين قال محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، لمناسبة افتتاح دورة تكوينية حول "تعزيز قدرات القضاة في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال"، إن التأسيس لثقافة مكافحة غسل الأموال في بلدنا يتم وفق مقاربة تشاركية وتراكمية تنم عن دينامية حيوية تستجيب للمتطلبات الدولية مع مراعاة الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لبلادنا. ولعل هذه الرؤية التدريجية المتبصرة والمتفاعلة مع توصيات فريق العمل المالي، هي التي شكلت خلفية لمختلف التعديلات القانونية الموضوعية والشكلية التي أدخلت على قوانين مكافحة غسل الأموال. واضطلاعا من المجلس الأعلى للسلطة القضائية بدوره عضوا في المنظومة الوطنية لتنزيل خطة العمل المتفق عليها في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتفعيلا لاختصاصاته الدستورية في صيانة الأمن القانوني وتحقيق النجاعة القضائية، فقد نظم دورات تكوينية حول غسل الأموال وشارك في أخرى.