في شوارع البيضاء، طارد مراهقان يمتطيان دراجة نارية شابا، فقط لأنه يرتدي قميص فريق غير فريقهما المفضل، السبت الماضي. وفي كل أسبوع، نتابع المشهد نفسه: مباراة تبدأ بالحماس وتنتهي بالفوضى، وكراس تتطاير، وشهب نارية تحجب الرؤية، ومشجعون يطاردون بعضهم البعض وكأنهم في معركة حقيقية، بينما يحاول رجال الأمن استعادة السيطرة وسط مشهد لا علاقة له بكرة القدم. هذه ليست مجرد حالات معزولة، بل أصبحت ظاهرة تتكرر بشكل مقلق، وكأن الملاعب المغربية تحولت إلى ساحات حرب صغيرة، بدل أن تكون فضاء للفرجة والمتعة. لسنا بحاجة إلى البحث بعيدا عن أسباب هذا العنف، إذ يكفي أن ننظر إلى حال الشباب الذين يجدون في مدرجات الملاعب متنفسا للغضب والإحباط والإدمان، وغيرها من العوامل التي تجعل الكرة أكثر من مجرد لعبة، بل صراع لإثبات الذات أو حتى للانتقام من واقع لا يرحم. وحين تضاف العصبية المفرطة بين الجماهير وغياب الوعي بثقافة الروح الرياضية، يتحول التشجيع إلى انفجار غضب جماعي، ويصبح "الفوز بأي ثمن" شعارا يتجاوز حدود العشب الأخضر. هل هذا هو المشهد الذي نريده ونحن نستعد لاستقبال العالم في كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030؟، هل نريد أن نكون حديث الصحافة العالمية، بسبب أحداث الشغب، بدل أن نكون فخورين بتنظيم راق يعكس صورة المغرب الحقيقي؟ وما ذنب الضحايا، الذين لقى بعضهم حتفهم في أحداث شغب أو تعرضوا لعاهات مستديمة؟ الحلول ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى جدية، إذ لا يكفي أن ننتظر حتى يقع الشغب لنتحدث عن العقوبات، بل يجب أن تكون القوانين واضحة وصارمة منذ البداية، حتى يعي كل مشجع أن العنف في الملاعب ثمنه باهظ، كما أن دمج مجموعات المشجعين في إطار منظم، بدل تركها تعمل في الظل، خطوة مهمة لضبط الأجواء، بعيدا عن "الإلترات"، التي منعتها عدة دول لخطورتها. والأهم، زرع قيم الروح الرياضية في الأجيال المقبلة، لأن مشكلة الشغب ليست في المباريات فقط، بل في العقلية التي يتربى عليها المشاغب منذ الصغر. كرة القدم لعبة جميلة، لكن الشغب يشوهها، وإذا لم يتحرك المسؤولون الآن، فقد نجد أنفسنا يوما أمام ملاعب خاوية على عروشها، لأن لا أحد سيغامر بحياته من أجل متابعة مباراة. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma