صباح كل أحد، يضع البيضاويون أياديهم على قلوبهم، خوفا من منعهم من التنقل، فالعاصمة الاقتصادية للمغرب، أصبحت تعيش على إيقاع الحواجز الحديدية والشوارع المغلقة، نتيجة تنظيم سباقات العدو التي أصبحت ظاهرة متكررة، خاصة في أحياء مثل الألفة والحي الحسني. باتت هذه السباقات موضة لدى العديد من الجمعيات، التي تجد فيها مصدرا للربح المالي، تتحول إلى عبء ثقيل على السكان، إذ تعطل حركة التنقل وتضرب عرض الحائط احتياجات مدينة نابضة بالحياة. السلطات المحلية، التي تبدو وكأنها تعتقد أن جميع سكان البيضاء يغطون في نوم عميق، صباح كل أحد، تفرض إغلاق الشوارع وتمنع مرور الحافلات والسيارات، وحتى الدراجات، دون مراعاة طبيعة المدينة مركزا اقتصاديا يضم قطاعات حيوية لا تتوقف، فالأطباء والممرضون والعاملون في الوقاية المدنية والحرفيون، وغيرهم من المهنيين، يجدون أنفسهم عالقين بين حواجز مفاجئة تعيق وصولهم إلى أماكن عملهم، فيما يتحول المواطن إلى رهينة في شوارعه الخاصة. الأمر الأكثر إثارة للغضب هو غياب الإعلانات المسبقة عن الشوارع والأزقة التي سيتم إغلاقها، إذ يتفاجأ السكان بحواجز حديدية تظهر فجأة، دون إشعار يتيح لهم التخطيط لتنقلاتهم، وهي لا مبالاة تجعل البيضاويين يشعرون وكأنهم أسرى في مدينتهم، محاصرين بين قرارات غير مدروسة تعطل حياتهم اليومية، في مدينة تعد قلب الاقتصاد المغربي، ويفترض أن تكون الأولوية لتسهيل حركة السكان، لا عرقلتها. لا أحد يعارض فكرة تنظيم سباقات العدو، التي تعزز الرياضة وتدعم أنشطة اجتماعية مفيدة، لكن يجب ألا تأتي على حساب حرية التنقل، وهي حق أساسي لكل مواطن، إذ كان بالإمكان اختيار مواقع بعيدة عن الأحياء السكنية المزدحمة، مثل غابة بوسكورة، التي توفر مساحات واسعة ومناسبة لمثل هذه الفعاليات، بدلا من إغلاق شوارع حيوية تشهد حركة دائمة. من المفارقات أن الموكب الملكي نفسه، بكل ما يحمله من أهمية رمزية وأمنية، يحرص على عدم تعطيل حركة السير، حيث تدار تحركاته بعناية لضمان انسيابية الطرقات، فكيف يعقل أن يؤدي سباق يشارك فيه بضعة أشخاص إلى إغلاق شوارع رئيسية ساعات طويلة، دون مراعاة لاحتياجات السكان؟ إنه تناقض يكشف عن خلل في التخطيط وسوء تقدير لأولويات المدينة. إن تنظيم سباقات العدو في قلب الأحياء السكنية ليس مجرد إزعاج مؤقت، بل إخلال بمبدأ أساسي يتمثل في احترام حقوق السكان في التنقل بحرية، وعلى السلطات في البيضاء إعادة النظر في سياساتها، والعمل على وضع خطط واضحة تتضمن إشعارات مسبقة، واختيار مواقع مناسبة، وتقليل الإزعاج إلى أدنى حد، فالمدينة تستحق إدارة أكثر كفاءة تحترم حياة سكانها. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma