سارع العدالة والتنمية إلى تدارك زلة أخرى من زعيمه عبد الإله بنكيران، تضمنتها تصريحات صدرت عنه خلال الاجتماع الأخير للأمانة العامة، والمتعلقة بفتوى عن مشاركة إسرائيل في مناورات عسكرية بالمغرب. لكن المشكل الذي يجب على الحزب معالجته أكبر من ذلك، لأن خطاب الأمين العام أصبح يهدد مستقبل "بيجيدي” والمعارضة والمشهد الحزبي بأكمله. لقد أصبحت مواقف بنكيران المتصلبة تعكس حالة من النرجسية السياسية، التي أضحت عائقا رئيسيا لتطور المشهد السياسي المغربي، إذ يصر على رفض الاعتراف بالخصوم والحلفاء ورفاقه في المعارضة، خاصة بالاتحاد الاشتراكي، باعتباره قوة قيادية في المعسكر المضاد للحكومة، بدليل أنه كان صاحب مبادرة تقديم ملتمس الرقابة، في حين أن بيان الحزب اختار سياسة الهروب إلى الأمام، بادعاء أن "بعض الأصوات المأجورة والمعروفة بمعاداتها لإيديولوجيته، تسعى، دون كلل، وبطريقة مغرضة، إلى الاستعداء عليه والوقيعة بينه وبين مؤسسات الدولة”. وبدل محاولة مراجعة النهج التسلطي لبنكيران ونزعته للهيمنة التي أدت إلى فشله في تشكيل حكومة، وبالتالي إقصائه من المشهد، يستمر في سياسة الإنكار ويلقي باللوم على الجميع، متجاهلا مسؤوليته الشخصية في عرقلة المسار الديمقراطي، عقب انتخابات 2016، وسيبقى الحزب تائها خلف زعيمه يصحح أخطاءه كما فعل في البيان الأخير للأمانة العامة، الذي نفى أن يكون اجتماع القيادة تطرق لمؤسسة الجيش، التي "يكن لها كل التقدير والاحترام ويقدر عاليا أدوارها الوطنية الكبيرة، وهو ما يعبر عنه في كل مناسبة". هذا السلوك السياسي المأزوم لا يقوض فقط العمل السياسي الجاد، بل يشوه مكتسبات مسار الإصلاح الديمقراطي في المملكة، ويفرض الإصغاء إلى آراء بعض حكماء الحزب، الذين طالبوا، غير ما مرة، بفتح نقاش كبير لبدء عملية تخليص الورقة المذهبية من بعض الشوائب، ما يفرض المزيد من التطوير في عدد من القضايا، التي لم تكن مطروحة في السابق، على اعتبار أن قضية “الأطروحة السياسية” مهمة جدا لطابعها الوظيفي، وكذلك بالنسبة إلى البرنامج العام الذي يكتسي طابعا تأطيريا فكريا مذهبيا. هناك تشكيك يبثه "بيجيدي” في قنوات الرأي العام، من خلال الهجوم على أركان الدولة، إذ لم يتردد في الإساءة إلى سلطات أخرى، قبل الانتقال إلى الجيش، عندما تساءل بعض أعضائه، بعيد الانتخابات السابقة، عن مدى تنفيذ القوانين التنظيمية للجماعات الترابية في ما يتعلق بالتدقيق والمراقبة السنوية المقررة، في إشارة إلى المحاكم المالية والإدارية التي تعتبر ملاذ الأبحاث والتحريات الإدارية المنجزة من قبل مفتشيات الداخلية والمالية. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma