كتاب لفيليب بروسار يستعيد تاريخ الكرة الصفراء بالمغرب في كتابه "رواد التنس المغربي" حرص الفرنسي فيليب بروسار، المسؤول السابق في نادي سطاد المغربي والأولمبيك المغربي، على كتابة التاريخ الرياضي للعديد من رواد الكرة الصفراء في المغرب. من موقعه مسؤولا سابقا، ومن خلال معاشرته إياهم خلال فترة مقامه بالمغرب. في هذا الخاص تختار لكم "الصباح" عينة من البورتريهات التي تضمنها الكتاب والتي تؤرخ لرواد كاد يطويهم النسيان. إعداد: عزيز المجدوب أبحر فيليب بروسار من خلال كتابه "رواد التنس في المغرب" في تاريخ كرة المضرب بالمغرب، منذ مطلع القرن الماضي، حين شغف بها السلطان مولاي عبد العزيز، كما وثقت ذلك كتابات العديد من الأجانب الذين رافقوا السلطان العلوي، منهم غابرييل فير ووالتر هاريس. كما استحضر بروسار بدايات دخول لعبة كرة المضرب تدريجيا إلى المغرب، منذ إحداث غابرييل فير لأول ملعب تنس بالدار البيضاء، قريبا من الموقع الحالي لفندق "بلازا" قبيل الحماية الفرنسية، إلى حين إحداث مسابقة "كأس معلمي التنس الفرنسي" في الملاعب المغربية، منذ عشرينات القرن الماضي، كما تم إحداث ملعبين بالقصر السلطاني للرباط في مطلع الثلاثينات، حيث أبدى السلطان الشاب محمد الخامس شغفا خاصا بهذه الرياضة. واستقبل السلطان الشـــاب في 1941"جون بورتورا"، قبل أن ينتقـــل لزيارة اللاعب والمـــدرب في ملعبه رفقـــــة الصـــدر الأعظـــم محمد المقـــــري والجنرال نــوغيس، المقيـــم العـــــام الفرنســـي آنذاك. وتابع بروسار ميلاد العديد من الأسماء المغربية التي تألقت في المجال منذ الخمسينات مرورا بالستينات والسبعينات حين تألق البطل العالمي عمر ليمينا الذي مهد الطريق إلى العديد من الأبطال كصابر، وعرفة الشقروني، وخالد أوطالب، وآخرين. كما عرفت الرياضة ذاتها ازدهارا كبيرا خاصة في منتصف التسعينات وبداية الألفية الأولى بفضل الثلاثي اللامع يونس العيناوي، وهشام أرازي، وكريم العلمي الذي جال العالم ومثل المغرب في المنتديات الدولية الكبيرة. لحسن الشاذلي... الرائد يعد لحسن الشاذلي واحدا من أوائل الأسماء المغربية التي تألقت في بداية الاستقلال، وتحديدا منذ منتصف الخمسينات. كان الشاب متحدرا من زاكورة، حيث رأى النور في مطلع الثلاثينات، قبل أن يستقر المقام بأسرته في القنيطرة، قادمة من الجنوب في رحلة على الأقدام. اكترى والد الشاذلي كوخا قبل أن يشتغل في جمع الأخشاب من غابة المعمورة القريبة من المدينة، فيما كان الفتى لحسن وهو طفل بالكاد قد تجاوز العاشرة من عمره، يمر بالقرب من نادي التنس التابع للقنيطرة، ويشاهد من بعيد تداريب اللاعبين، وكانت تحدوه الرغبة في أن يصبح يوما ما مثلهم. وفي إحدى المرات انتبه لاعب كرة مضرب للحسن الشاذلي وهو يراقب التداريب، فاقترح عليه أن يساعد اللاعبين في جمع الكرات، وهكذا وجد الفتى نفسه قريبا منهم، فأصبحت مهمته جمع كرات، وفي الوقت نفسه بدأ يكتسب أبجديات اللعبة. خلال الحرب العالمية الثانية، توقفت الحركة الرياضية بشكل نسبي، خاصة أن الكثيرين من اللاعبين تم تجنيدهم، في الوقت الذي حل فيه الجنود الأمريكيون بالقاعدة العسكرية للقنيطرة، فكان حضورهم إيذانا بمرحلة جديدة، في مسار لعبة كرة المضرب، وفي حياة لحسن الشاذلي حيث انخرط في حياتهم وبدأ يشاركهم اللعب. كما أتيحت للشاذلي ملاعبة أطفال مسؤول فرنسي بالمصالح البلدية يدعى "فيلار"، الذي منحه غرفة بحديقة منزله، فظل ملازما أسرته، حتى بعد أن انتقلت إلى مدن أخرى مثل وزان وأكادير. وفي سنة 1947 أهدت زوجة "فيلار" للشاذلي أول مضرب، لينخرط بشكل فعلي في أجواء اللعبة، ويصبح تدريجيا أحد أبرز ممارسيها، لدرجة أنه اختير لملاعبة السلطان محمد الخامس خلال زيارته لضيعة معمر فرنسي بمنطقة أولاد تايمة، ضمن مباراة رباعية. ومنذ تلك اللحظة اشتهر اسم لحسن الشاذلي، ووضع نفسه رهن إشارة العائلة الملكية طيلة أزيد من نصف قرن، خاصة عندما استدعاه السلطان محمد الخامس إلى الرباط ليصبح مدربا لكرة المضرب، ومنحه سكنا هناك. وبعد أن قضى السلطان سنتين بالمنفى، عين لحسن الشاذلي مدربا خاصا لكرة المضرب لأفراد العائلة الملكية بمجرد عودته إلى أرض الوطن، وفي الوقت نفسه كان يشارك في المسابقات والمنافسات، إذ كان أول حائز على بطولة المغرب ابتداء من 1956، كما توج بثلاثة ألقاب خاصة بشمال إفريقيا. وفي السنة الموالية شارك لحسن الشاذلي لأول مرة في دوري "رولان غاروس" كأول مغربي، وتمكن سنوات قليلة بعد ذلك من الوصول إلى دور 16 في هذه المسابقة، كما دافع عن ألوان المغرب في العديد من المسابقات الدولية وبمختلف القارات. بوشعيب حيبابي... بهجة اللعبة ولد بوشعيب حيبابي بمراكش في 1942، وكان يعتبر من الجيل الأول من اللاعبين واسما بارزا في تاريخ كرة المضرب الوطنية. وبدأ مساره جامع الكرات خلال فترة من طفولته في سن 11 عاما عندما كان الفرنسيون محتكرين كليا لهذه الرياضة التي صنفت برياضة البورجوازيين . ثم فوجئ الجميع بتقدم الشاب المغربي، حتى أنه عرض عليه في 1958 للعب نيابة عن نادي التنس الملكي بمراكش، وبطولة المغرب للمبتدئين. وأقصي بصعوبة في ربع نهائيات الكأس، ولكن خلال السنوات التالية فاز في البطولات الموالية بكأس المغرب على التوالي . لم تنته مغامرة الفتى، إذ ارتقى بسرعة ليصبح اللاعب رقم 2 بالمغرب ممثلا علم البلاد على الصعيد العالمي في عدة دول أوربية، إذ شارك في كأس "ديفيس" عدة مرات، كما مثل المغرب في 1964 بالاتحاد السوفياتي. كان بوشعيب حيبابي ولحسن الشاذلي في المزدوج كشريكين. وفي 1965، واجه بيوغوسلافيا مع علي لعروسي في المزدوج. اعتى الابطال العالميين وانتصر بحصة 5-0 على لبنان ولكن هذه المرة مع عمر ليمينة في المزدوج كذلك . كما لعب معه في صفقة العام نفسه بالاتحاد السوفياتي ولوكسمبورغ. في 1966، طار إلى باريس حيث كان يلعب في الملاعب الفرنسية المشهورة، وفاز بالعديد من البطولات بما في ذلك بطولات الأمل. بعد أربع سنوات، عاد إلى البلاد لتدريب اللاعبين. فقدم خدمات رياضية في العديد من الأندية. البداية كانت مع الأولمبيك المغربي حيث نظم عددا من البطولات همت النطاق الدبلوماسي،. ثم تولى الادارة الفنية لأندية أخرى في الدار البيضاء، واحة للتنس (TO)، وشركة نفط الجنوب، وRUC ،CASA، أورينت، إرتي أكادير رويال تنس كلوب (RTCA) وأخيرا نادي التنس الملكي بمراكش (RTCMA). حيث تدرب العديد من الأبطال على يده. أحمد بن علي... مدرب العيناوي لمع اسم اللاعب أحمد بن علي خلال مرحلة الستينات، بعد أن حاز على بطولة المغرب في سنتي 1965 و1970، رغم أنه تعرض لحادثة سير خطيرة بين السنتين، إلا أنه سرعان ما عاود التتويج مرة أخرى. ولد أحمد بن علي سنة 1938 بمنطقة سيدي بنور التابعة لإقليم الجديدة، قبل أن تنتقل أسرته إلى منطقة الصخيرات وعمره لا يتجاوز السابعة، وأتيحت له فرصة الانخراط مبكرا في عوالم الرياضة بفضل ابن عمه الذي كانت له صلة بالأندية الرياضية بالعاصمة ونواحيها. وعندما بلغ بن علي العاشرة من عمره انتسب إلى نادي "سطاد المغربي" جامعا للكرات بعد أن توسط له الحارس حسن المكي، وفي الوقت نفسه كان الطفل يزاول التنس بعد أن أهداه فرنسي يدعى "رونو شويسا" أول مضرب، جعله يثق في قدراته لاعبا لهذا الصنف من الرياضات. وفي 1956 شارك أحمد بن علي في بطولة الفتيان بمراكش، وتوج فيها بطلا، معلنا بذلك ميلاد اسم جديد سيرصع عالم الكرة الصفراء في المغرب. كما كان بن علي من أوائل المدربين المغاربة لكرة المضرب بنادي "سطاد المغربي"، حيث تخرج على يديه مجموعة من الأسماء التي سيصير لها شأن كبير في هذا المجال، أشهرها النجم العالمي يونس العيناوي، بفضل الكفاءة البيداغوجية وتوجيهات مدربه الذي وضع رهن إشارته خبرة السنين التي راكمها، بين جيلين وعصرين، قبل الاستقلال مع الفرنسيين، ثم بعده ضمن جيل الرواد المغاربة الذين وضعوا لبنات الممارسة محليا. علي العروسي... الأناقة الطنجوية هيمن اسم اللاعب علي العروسي على ملاعب الكرة الصفراء المغربية خلال النصف الثاني من عقد الستينات، بعد تتويجه ثلاث مرات متتالية سنوات 68 و69 و70. دخل العروسي مجال الرياضة وعمره لا يتجاوز الثانية عشرة، بعد أن رأى النور في طنجة في 1940، وداعب المضرب والكرة الصفراء لأول مرة ضمن نادي "بريتيش الرياضي"، الذي سيتحول بعد الاستقلال إلى النادي البلدي لطنجة. خلال الفترة التي بدأ فيها علي العروسي مساره الرياضي، كان أغلب المدربين، الذي أشرفوا عليه، في طنجة من جنسيات أوروبية منهم الإنجليزي بيب أبيول أو الفرنسي بول ريمي أو الألماني فون كرام وآخرون. وكغيره من نجوم التنس تدرج علي العروسي في الممارسة من جامع كرات، إذ أتاحت له هذه المهمة، مراقبة أسلوب اللعب وتقنياته عن كثب، إذ كان يتعقب بعيني الطفل الشغوف بدقة حركات وسكنات اللاعبين، ويتحين الفرصة ليقف مكانهم، قبل أن يتاح له ذلك وهو في سن السادسة عشرة التي بلغها في السنة التي حصل فيها المغرب على استقلاله. شارك العروسي في مسابقة مخصصة للقسم الثالث لفئة الأمل الفرنسية، كما توج بطلا في بطولة شمال المغرب، وتأهل للنهائي الذي أجري بالدار البيضاء، كما توج بلقب آخر نهاية الخمسينات. وانطلقت مسيرة علي العروسي منذ تلك المرحلة لاعبا ومؤطرا، في العديد من المدن منها فاس وطنجة، وتتلمذ على يديه مجموعة من اللاعبين الذين سيتألقون في مسار اللعبة أشهرهم منير لعرج الذي سيسطع اسمه في مسابقة "ديفيس" العالمية. وابتداء من مطلع الستينات انتسب علي العروسي إلى نادي "سطاد المغربي"، كما شارك في العديد من المسابقات الدولية ممثلا المغرب، إلى جانب أسماء من قبيل لحسن الشاذلي وأحمد بن علي وأحمد دوكلاص، وبوشعيب حيبابي.