رجة في الحقل الديني

إمارة المؤمنين أطلقت ورش إعادة ضبط المجال ومحاربة التطرف يشكل المغرب نموذجا ناجحا لإعادة هيكلة الحقل الديني، إذ أن هذا المشروع الذي أطلق منذ تعيين أحمد التوفيق وزيراً للأوقاف والشؤون الإسلامية في 2002، عرف تطورا كبيرا، وظل مفتوحا على التحيين والتجديد. وما يجعل النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني، نموذجيا، هو الدور الذي تضطلع به مؤسسة إمارة المؤمنين، في تأطير هذا الحقل، وحمايته من كل مظاهر الغلو والتطرف، انطلاقا من الدور الذي تضطلع به المؤسسة الملكية، كما جاء في خطاب سابق للملك حين قال "بصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم. وبهذه الصفة، لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين. فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية. وأنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب". ويرى الباحث سعيد لكحل أن إعادة ترتيب الحقل الديني وتنقيته من الشوائب التي علقت به تتطلبان جهدا ووقتا حتى تتم عملية ترتيب الحقل الديني على المستوى الإداري، كما على مستوى الخطاب الديني، مشيرا إلى أن الحقل الديني ظل لعقود مسرحا للتسيب حتى أضحى مجالا تهيمن عليه تنظيمات الإسلام السياسي، وتوظفه في نشر عقائدها واستقطاب الأتباع بما يناهض أسس الدولة. ومع أحداث 16 ماي 2003، فطنت الدولة إلى مخاطر التسيب في الحقل الديني، وأدركت أن خطر الإرهاب ناتج عن انتشار عقائد التكفير والكراهية والتحريض على القتل باسم "الجهاد" ، كما هيمن الإسلام السياسي تنظيميا وفكريا على المجالس العلمية. وأوضح لكحل في دراسة حول تأهيل الحقل الديني، أن أولى الخطوات كانت إعادة الهيآت الدينية إلى سلطة الدولة وتوجهاتها، حتى لا تخرج عن ثوابت الشعب والسياسة الرسمية التي وضعتها الدولة تحت إمرة إمارة المؤمنين. وحرصت الدولة على اتخاذ التدابير الزجرية ضد الأصوات التي تغرد خارج السرب، وتتبع ومراقبة الخطب التي تلقى بالمساجد أو وضبط الفتوى وحصرها داخل جهة رسمية لا تخرج عن اختيارات الدولة وسياستها. وفي الوقت ذاته، إعادة تكوين الخطباء والعلماء والمرشدين، نساء ورجالا، حتى يكونوا على بينة من أمر الدين وعلى دراية بعقائد الإسلام السياسي وكيفية الرد عليها ومواجهتها. وأوضح لكحل أن من أهداف هيكلة الحقل الديني إدماج الأئمة والعلماء في المسار التنموي والتحديثي الذي يسير فيه المغرب، مشيرا إلى أن الخطب الملكية، وحثت على استنهاض همم العلماء وانخراطهم في المسلسل التنموي منذ 2003. وحرص جلالته في رسالة إلى أعضاء المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية، بمناسبة انعقاد الدورة العادية الأولى للمجلس العلمي الأعلى في 2009، على أهمية الأمن الروحي، قائلا "وإذا كنا قد أعلنا عن حرصنا الدائم والمستمر، في أكثر من مناسبة، على تعزيز الأمن الروحي بمملكتنا، بتحصين عقيدتها، وصيانة وحدتها المذهبية، والذود عن ثوابتها وقيمها، فإننا ما زلنا نؤكد على ضرورة إدماج الخطاب الديني، في صلب المشروع المجتمعي، الذي نعمل جادين على إنجازه، لتحقيق التنمية البشرية المنشودة، ورفع تحدياتها واستشراف المستقبل، في ثقة وعزم واطمئنان". إن مسؤولية العلماء والفقهاء، يقول لكحل، ليس فقط شرح أحكام الدين للناس، بل رصد حاجات المجتمع ومواكبة حركيته فهما واستيعابا من أجل بلورة اجتهادات فقهية تيسر للناس ظروف حياتهم وتخلق في نفوسهم الانسجام المطلوب بين أحكام الدين وحركية الواقع . برحو بوزياني

رجة في الحقل الديني

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تقارب بين الإسلاميين والاشتراكيين

شهادات

مقالات ذات صلة