للجماعات الترابية وهيآتها أسطولها من "الحديد" الذي لا يقهر، بأكثر من 48 ألف قطعة من السيارات والشاحنات و"الطراكسات" والحافلات والدراجات النارية، تضاهي قطع أكبر جيوش العالم. أسطول لا يكاد يرى بالعين المجردة، لكنه موجود في الأوراق المالية والصفقات العمومية وعقود الكراء، أو "ليزينغ"، باعتمادات مالية ضخمة وصلت في ست سنوات إلى 620 مليار سنتيم، وهي ميزانية ضخمة تتمنى أن تصل إليها أكبر مدن المغرب (البيضاء) في نهاية 2028. مجموعات من المستشارين والمنتخبين وممثلي الشعب يعتبرون أن الركوب في "الحديد الجديد والمجاني"، حق مشروع، بل الحق الأول الذي ينبغي أن ينعموا به، بمجرد تسلمهم للمسؤولية، إلى حد أن نسبة المشتريات، أو عقود الكراء الخاصة بالسيارات النفعية وصلت إلى 77 في المائة، من مجموع الأسطول. بمعنى أن رئيس الجماعة يوقع على شراء 77 سيارة من أصل 100 مركبة، تخصص للمنتخبين وبعض النواب ورؤساء اللجان ورؤساء المصالح، وما تبقى، أي 23 مركبة توجه إلى الخدمة العمومية، من قبيل سيارات الإسعاف ونقل الموتى وشاحنات نقل الأزبال ورافعات إصلاح الإنارة العمومية وحافلات تستعمل، في الغالب، في رحلات استجمام إلى مولاي يعقوب، تشرف عليها رئيسات الحملات الانتخابية. نظريا، يشكل أسطول "الحديد" بالجماعات الترابية، الممول من جيوب دافعي الضرائب، أحد المكونات الأساسية لوظائف الدعم التي يتعين تسخيرها من أجل ضمان السير العادي والمنتظم للخدمات وتأمين استمراريتها واستدامتها وتلبية حاجيات المواطنين من مختلف خدمات المرافق العمومية مع مراعاة تحقيق مبادئ الاقتصاد والفعالية والنجاعة في تدبيرها. لكن، في الواقع يتم تسخيره، عن سبق إصرار وترصد، لأغراض شخصية محض، تبرر الحروب التي تندلع، كل ولاية انتدابية، على توزيع السيارات، والاتهامات التي تستمر، على مدى سنوات، حول سوء استعمال هذا الامتياز وتوجيهه إلى أغراض أخرى، مثل وضع سيارة بترقيم "ج" رهن إشارة الزوجة للذهاب للحمام والتسوق والسفر إلى البيت الثاني بالمنتجع الصيفي، والسيارة الأخرى التي توضع تحت تصرف الابن، أو الابنة، للذهاب إلى الجامعة، والثالثة التي تسلم إلى "الصديقة" للذهاب عند "الكوافورة" والنادي الرياضي و"السبا". في إحدى المقاطعات بالبيضاء، تجاوزت مستشارة كل هذه الاستعمالات التقليدية، التي لم تعد تقنع أحدا من كثرة اقترافها، فدخلت في جنح الليل إلى مستودع السيارات، وانتقت سيارة لنقل الأموات، بستة مقاعد، ووضعتها رهن إشارة بناتها، حتى يتوسعن فيها، وهن ذاهبات، أو عائدات من مؤسسة التعليم الخاصة. الغريب أنه عوض أن يحاسب "الرئيس" المستشارة على فعلتها، ويتهمها بالاعتداء على حقوق الأموات، سمح لها بتسجيل اسمها في لجنة للأخلاقيات، للاستماع إلى عضو في الحزب، طالب بالتحقيق في صفقات عمومية مشبوهة. "سير ما فيها والو". للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma