تستريح السيرة المهنية لمحمد الطالبي، عميد كلية العلوم ابن امسيك بالبيضاء منذ 2015، على ست صفحات كاملة، تكاد تنفجر بـ"القراية"، لم تشفع له، قيد أنملة، في "مواجهة" وشاح. ارتبك المستشار الأسبق لدى وزيري الصحة والصيد البحري وكبير الخبراء لدى جامعات ومؤسسات ومعاهد دولية، أمام "كوفية"، وأصيب بما يشبه الصدمة، فاختلط عليه الأمر: -بين التعبير عن موقف سياسي من القضية "ما"، وبين وضعه الاعتباري، ضيف شرف في حفل لتوزيع الجوائز، مطوق بواجب الاحترام والتوقير، وبين "المربي" الذي عليه أن يسدي نصيحة لطالبة تتلحف بلباس "غير مغربي"، وبين الأستاذ والعميد الملتزم بالتذكير بقواعد السلوك الجامعي. كل هذه الأشياء، قفزت إلى رأس الرجل دفعة واحدة، وبشكل غير منهجي، وهو يعبر المسافة القصيرة بين مقعده، وحيث تقف طالبة تسدل على كتفيها وشاحا يحمل رموزا فلسطينية. وبين الارتباك والتردد والخوف والارتياب، غادرت الكوفية كتفي الطالبة مثل ثعبان، والتفت على عنق المسؤول الجامعي، وظلت تلتف وتلتف عليه، حتى خنقته، وسقط في "فضيحة". قبل أن يغادر مكانه في الصفوف الأمامية، ويعتلي المنصة، كان أمام عميد كلية العلوم، عدد من الاحتمالات، وكان عليه أن يختار الأحسن منها في وقت وجيز جدا، بحكم الخبرة والتجربة والنباهة الفكرية والعلمية. لكن شاءت النفس الأمارة بالسوء أن يختار الأسوأ على الإطلاق، ويتحول، بسرعة البرق، إلى "تراند" في مواقع التواصل الاجتماعي، وبالسرعة نفسها، نسي المغاربة لاعبا شابا اسمه لمين يامال، وتفرغوا إلى "سلخ" شيخ اسمه محمد الطالبي. لقد اختار العميد في النهاية الاحتمال الأسوأ، أي تغيير ما بدا له "منكرا" (من وجهة نظره) بيده، وليس بلسانه، أو حتى بقلبه. اختار سلطة الأب العاطفي، والأستاذ المربي الجاف الذي تصرف على سجيته في فضاء عمومي، حضر فيه الآباء والأمهات وأصدقاء الطلبة الخريجين، وحضرت الصحافة وعدسات التصوير وأجهزة الكاميرا، فسقط في المحظور، وما كان عليه أن يفعل ذلك، وهو في أرذل سنوات عمله في الجامعة والبحث العلمي. قد يكون موقف العميد والأستاذ الجامعي صائبا من الخصوصيات واللباس والرموز والحرم الجامعي ومختلف القواعد المرتبطة به، لكن الطريقة التي تصرف بها المعني أقل ما يقال عنها إنها غير لائقة، وفيها كثير من التسرع والاعتداء على حرية الآخر. فلم يعد مهما، اليوم، أن ينطوي "تصرف" الدكتور على موقف "ما"، في قضية "ما"، لكن الأخطر، ما ترسخ في الأذهان عن جامعة مغربية، يسيرها أشخاص تتحكم فيهم "غرائز" بدائية لم يفلح العلم والبحث وأدوات المختبر في صقلها. هذا كل ما في الأمر. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma