الأمين العام لحزب "الشمعة" دعا إلى جبهة واسعة للنضال وتقوية انخراط قوى اليسار في الحراكات الشعبية أكد جمال العسري، الأمين العام الجديد للحزب الاشتراكي الموحد، أن يده ممدودة لجميع التنظيمات المنخرطة في النضالات الشعبية من أجل إحداث تغيير في موازين القوى، "يسمح ببناء المجتمع الذي نطمح إليه". وأوضح العسري، في حوار مع "الصباح" أن المغرب يعيش على جمر ساخن، عنوانه الأبرز ارتفاع منسوب الأزمة الاجتماعية وحالة من الاحتقان والسخط الشعبيين، تعكسه الحراكات الشعبية المتواصلة. ودعا العسري إلى العمل من أجل تأسيس جبهة شعبية واسعة للنضال، تؤسس من داخل الحراك المجتمعي ومن داخل النضالات الشعبية، وتقوي انخراط قوى اليسار في مختلف الجبهات النضالية. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني / تصوير: (عبد الحق خليفة) انتخبتم، أخيرا، أمينا عاما للحزب الاشتراكي الموحد. هل لنا أن نعرف حقيقة انسحاب منافسيكم من السباق؟ كما هو معلوم عقد الحزب الاشتراكي الموحد مؤتمره الوطني الخامس أيام 20/21/22 أكتوبر الماضي، وقد مر في أجواء إيجابية، رغم ظروف التضييق والحصار، وأبرز تجلياته الحصار المالي، بعد حرمان الحزب من حقه الدستوري في الدعم المالي. وبإصرار من مناضلات ومناضلي الحزب، نجحنا في عقد المؤتمر الذي انتخب أعضاء المجلس الوطني، وهو برلمان الحزب، الذي من صلاحياته انتخاب المكتب السياسي، طبقا لقوانينه التي تنص على تقديم لوائح تحدد كل لائحة وكيلها أو على الأصح أمينها العام. وهكذا عقد المجلس الوطني دورته الأولى، وتم التقدم بلائحة وحيدة كلفتني الرفيقات والرفاق بأن أكون وكيلها. أما مسألة الانسحاب، فلا يمكن الحديث عن انسحاب، ما دام المجلس لم يقدم أي لائحة ثانية، حتى نقول إنه كان هناك منافس أو انسحاب لمنافس. ماهــي خارطة الطريق التي سطرتموها للحزب في ولايتكم؟ بالنسبة إلى خارطة الطريق المسطرة لهذه الولاية، يكفي القول إن أرضية "السيادة الشعبية" التي صادق عليها المؤتمر، هي التي سيستند إليها المكتب السياسي، من أجل بلورة برنامج المرحلة المقبلة، والذي سيقدم للمجلس الوطني للمصادقة عليه في دورته المقررة يوم الأحد 7 يناير المقبل. وسأكتفي هنا بالتذكير بالعناوين الكبرى لهذا البرنامج، وهي تمتين بناء الحزب، والعمل على التوسع الكمي والجغرافي، وتقوية حضوره في الساحة الوطنية، والعمل من أجل بناء جبهة شعبية واسعة للنضال لتجسيد شعار المؤتمر "نضالنا اليساري من أجل الشعب والوطن والديمقراطية". لاحظ المتتبعون غياب وجوه لها حضور وازن في تجربة الحزب عن تشكيلة المكتب السياسي. ألا تخشون أن يكون لذلك تأثير على أداء الحزب في ظل صعود نسبة كبيرة من الوجوه الجديدة؟ شخصيا لا أفهم معنى هذا السؤال في ظل الدعوات ومطالب تشبيب العمل السياسي، بفتح المجال أمام الشباب ومصالحتهم مع العمل السياسي المنظم والمهيكل، وتجديد النخب والتداول على المسؤوليات. إن هــــــــــذه الشعارات دافع ويدافع عنها الحزب، بل يجسدها في تجربته الديمقراطية، التي أعطت نسبة تصل إلى حوالي 70٪ من التجديد داخل المجلس الوطني والنسبة نفسها تقريبا في المكتب السياسي. ومع هذا التجديد داخل المكتب السياسي والمجلس الوطني، هناك قيادات من الجيل الأول لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، ومن مؤسسي حزب اليسار الاشتراكي الموحد، وهي القيادات التي لن تبخل على الوجوه الجديدة الشابة بتجربتها وخبرتها السياسية. وفي ظل هذا التلاقح والتفاعل بين الأجيال، التي تجمعها قيم ومبادئ الحزب، وتشترك في النضال من أجل المشروع المجتمعي، الذي يدافع عنه، لا خوف على الحزب. وأكيد أن الأثر سيكون إيجابيا، خاصة أن جل أعضاء المكتب السياسي الجديد تحملوا مسؤوليات محلية وجهوية في الحزب وداخل مجموعة من هيآت المجتمع المدني من نقابات وجمعيات حقوقية ومدنية أخرى. تزامن تحملكم لمسؤولية قيادة الحزب مع ارتفاع في منسوب الاحتجاجات الاجتماعية. كيف تقيمون حصيلة الحكومة بعد سنتين من الولاية، وما هي مقترحاتكم لمواجهة هذه الأوضاع؟ فعلا يعيش المغرب على جمر ساخن، عنوانه الأبرز ارتفاع منسوب الأزمة المركبة التي يعيشها الوطن ومعه مختلف القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها التعليم والصحة، حيث يعيش المغرب حالة من الاحتقان والسخط الشعبي، ترجم في حراكات شعبية، هذه الأزمة المركبة وهذا السخط الشعبي، يثبت مرة أخرى صدق موقفنا من الحكومة الحالية، التي اعتبرناها لحظة تشكيلها حكومة لا شعبية، جيء بها لتدافع عن مصالح الباطرونا، وأكدنا في حينه أنها حكومة وبرمزية رئيسها هي إعلان وإشهار لزواج السلطة والمال، وقلنا عبر بياناتنا إن هذا الزواج لن ينتج عنه سوى مزيد من الفساد ومزيد من الاستبداد، وأن أول ضحاياها سيكون الشعب وطبقته الفقيرة وعموم المأجورين، كما أنها ألحقت ضررا بجيوب الطبقة المتوسطة. وها نحن اليوم أمام حكومة تدعي أنها تبني الدولة الاجتماعية، بينما هي في الحقيقة تؤسس للتسول والتفقير. إن أزمة المغرب هي قبل أن تكون أزمة اقتصاد، أزمة سياسية وأزمة اختيارات وغياب إرادة سياسية حقيقية للتغيير والإصلاح، ومازلنا نؤكد أن المدخل الأساسي للخروج من هذه الأزمة المركبة، هو الإصلاح السياسي، فلا إصلاح ولا عبور نحو ديمقراطية حقيقية تقطع مع ديمقراطية الواجهة، ولا وصول لهذه الديمقراطية إلا بتغيير للدستور، من أجل دستور يشرع للملكية البرلمانية. اليسار يعيش تناقضا يطرح وجودكم في المعارضة موضوع التنسيق مع الأحزاب التقدمية. هل لنا أن نعرف كيف تنظرون اليوم إلى أوضاع قوى اليسار وضعف مبادراتها السياسية رغم تطابق وجهات النظر؟ يعيش اليسار اليوم نوعا من التناقض، فمن جهة نسجل حضوره القوي في الساحة العمومية، وحضور مناضلاته ومناضليه في نضالات الشارع المغربي ومشاركتهم الفعلية في جل الحراكات الاجتماعية، التي يعيشها الوطن، بل إن شعارات هذه الاحتجاجات والنضالات الشعبية هي نفسها شعارات اليسار، والمطالب الشعبية هي نفسها مطالب اليسار، فاليسار حاضر وبقوة في الشارع وفي نضالاته. ويكفي أن تنظر لحراك قطاع التعليم وكذا للمسيرات الشعبية الداعمة لفلسطين والمناهضة للتطبيع، لتدرك حضور مختلف مكونات اليسار ولغته ومواقفه، وفي المقابل تعيش أحزاب اليسار حالة من الانكماش التنظيمي، وغياب التنسيق المنظم، وهذا يطرح على اليسار سؤال تجديد خطابه ليدركه ويتفاعل معه الشعب، كما يطرح عليه سؤال تجديد آليات اشتغاله، ومن هنا جاءت مبادرتنا بالدعوة الى تأسيس جبهة شعبية واسعة للنضال، تؤسس من داخل الحراك المجتمعي ومن داخل النضالات الشعبية، وتقوي انخراط قوى اليسار في مختلف الجبهات النضالية. تعاقد جديد بين الدولة والمجتمع تعرف الساحة الاجتماعية غليانا كبيرا في قطاع التعليم يهدد بالانتقال إلى قطاعات أخرى بسبب أزمة الحوار الاجتماعي وأزمة الغلاء المتواصل. هل لديكم مبادرة في اتجاه حشد الجهود من أجل فرض الإصلاحات الاجتماعية المطلوبة؟ انسجاما مع شعار مؤتمرنا الأخير "نضالنا اليساري من أجل الشعب والوطن والديمقراطية"، والتزاما بأرضية السيادة الشعبية، عبرنا عبر بياناتنا وبلاغاتنا عن دعمنا لنضالات نساء ورجال التعليم، وحملنا الدولة مسؤولية الأزمة، التي يعيشها القطاع، ودعونا المسؤولين إلى فتح حوار مسؤول مع ممثلي الشغيلة التعليمية من نقابات وتنسيقيات. كما طلبنا من أعضاء الحزب والمتعاطفين معه الانخراط الفعلي في هذا الحراك. ولم نكتف بهذا، بل فتحنا حوارا مع ممثلي الشغيلة بهدف الوصول والاتفاق حول مبادرة يمكن أن تخرج التعليم من الأزمة التي يعيشها وتعيشها الملايين من الأسر، ونحن اليوم في طور إطلاق هذه المبادرة. هذه الأوضاع لم تنسنا العمل قدما من أجل تفعيل المبادرة التي بدأها المكتب السياسي السابق، والتي تهم فتح حوار وطني من أجل تعاقد جديد بين الدولة والمجتمع، ونحن اليوم في انتظار انعقاد برلمان الحزب للتأشير على البرنامج النضالي، وضمنه برنامج المبادرات السياسية. إغلاق قوس تجربة الاندماج عاش الحزب تجربة التحالف في إطار فدرالية اليسار انتهت إلى الفشل. هل مازال هناك أمل لفتح صفحة جديدة مع رفاق الأمس على قاعدة العمل المشترك في الساحة السياسية والاجتماعية؟ اليوم وبعد مؤتمرنا الوطني الخامس، يمكن القول إن الحزب الاشتراكي الموحد أغلق قوس تجربة الاندماج، التي اعتبرها المؤتمر تجربة فاشلة، فبعد تقييمه لهذه التجربة التي امتدت لعقدين من الزمن، خلص المؤتمر ومعه مناضلات ومناضلو الحزب إلى أن شروط الاندماج الحزبي السياسي الفكري وحتى التنظيمي لم تنضج بعد. وعليه أغلق المؤتمر الخامس صفحة الاندماج، وفتح صفحة جديدة هي صفحة الجبهة الشعبية الواسعة للنضال، التي يمكن أن تتشكل من الأحزاب والتنظيمات السياسية اليسارية التقدمية الديمقراطية، المنخرطة في الحراكات والنضالات الشعبية، إضافة إلى الهيآت الحقوقية والجمعوية المؤمنة بفكرة ضرورة العبور للديمقراطية الحقيقية، وبناء مغرب الغد، مغرب الحرية والكرامة والديمقراطية و العدالة الاجتماعية والمساواة الفعلية. وعليه، فيدنا ممدودة لجميع التنظيمات المنخرطة في النضالات الشعبية من أجل بناء هذه الجبهة القادرة على إحداث تغيير في موازين القوى، بشكل يسمح لنا ببناء المجتمع الذي نطمح إليه. نعم لمبادرات التنسيق أين وصل التنسيق الذي أطلقه الحزب مع قوى اليسار؟ وهل هناك أفق لإطلاق مبادرات مشتركة في المستقبل؟ كما قلت سابقا أطلق الحزب مبادرة عمل على بلورتها المكتب السياسي السابق وبدأ في تفعيلها، واليوم وكقيادة جديدة لا يمكن إلا أن نجدد قناعتنا بتلك المبادرة والقناعة بضرورة تفعيلها وفق شروط جديدة ومنظور جديد يتماشيان مع مستجدات الساحة السياسية. تشتت اليسار يضعفه سجل المتتبعون حضوركم الملحوظ في واجهة مناهضة التطبيع إلى جانب قوى يسارية وإسلامية. هل هذا يندرج في إطار سعيكم إلى تشكيل جبهة واسعة لدعم النضالات الشعبية؟ كنت دوما ولازلت مؤمنا بأن لا تغيير ولا بناء للديمقراطية الحقيقية بدون تغيير موازين القوى. وأعتقد جازما أن تغيير موازين القوى لا يمكن أن يتم في ظل التشتت الحاصل داخل الجسم اليساري، ومازلت أؤمن بأن قوة اليسار تظهر عندما تتوحد قواه في الميدان في الشارع، ومن هنا يأتي إيماني الكبير بصواب فكرة تشكيل جبهة واسعة للنضال والانخراط إلى جانب المواطنات والمواطنين في نضالاتهم، وهي الجبهة التي أؤمن بأن مكوناتها الصلبة والأساسية هي قوى اليسار الديمقراطي التقدمي المناضل، والمنخرط في النضالات، وليس الداعم لها فقط. في سطور < من مواليد11 أكتوبر 1967 بأكادير < متزوج وأب لثلاثة أبناء < حاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي < أستاذ للتعليم الثانوي بطنجة. < حاصل على الإجازة من كلية آداب القنيطرة. < شارك في تأسيس الجمعية المغربية لحملة الشهادات العاطلين. < التحق بالتعليم في 1992 وعمل بالداخلة وهناك كانت الانطلاقة مع العمل السياسي والنقابي. < أسس يوم 23 مارس 1997 فرع منظمة العمل الديمقراطي الشعبي بالداخلة. < في 2003 تم إبعاده من الصحراء، ضمن المجموعة التي عرفت آنذاك بـ "المبعدين من الصحراء". < التحق بطنجة سنة 2004 وبها استمر نشاطه بحزب اليسار الاشتراكي الموحد. < انتخب عضوا في المجلس الوطني للحزب. < في 2018 انتخب عضوا في المكتب السياسي. < انتخب في المؤتمر الوطني الخامس أمينا عاما للحزب. < عضو بالمكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم. < منسق وطني للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع. < عضو في سكرتارية شبكة التضامن مع الشعوب والتي تضم مجموعة من الأحزاب اليسارية والهيآت النقابية والحقوقية.