الجاي: تخفيض الفائدة لا يكفي لتيسير الولوج للتمويل

اعتبر مصطفى الجاي، الأستاذ الجامعي والإطار البنكي السابق، قرار والي بنك المغرب القاضي بتخفيض معدل إعادة تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة إلى 2 في المائة، مهما لكنه غير كاف، موضحا أن هناك مجموعة من المقتضيات الاحترازية القانونية، التي تمنع البنوك من رفع حجم التمويلات المقدمة لهذه الفئة من المقاولات وتيسير شروط ولوجها إلى القروض. وطالب بضرورة اعتماد برامج دعم أو آليات ضمان لتحفيز البنوك على تقديم القروض للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، مثل ضمانات مؤسسة تمويلكم، التي يمكن أن تغطي 80 في المائة من قروض الاستثمار والتسيير. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي قرر بنك المغرب تخفيض معدل إعادة تمويل المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة إلى 2 في المائة، هل يمكن أن يساهم هذا القرار في تسهيل ولوج هذه الفئة من الشركات إلى التمويل البنكي؟ > مما لا شك فيه أن تخفيض هذا المعدل سينعكس إيجابا على كلفة الدين بالنسبة إلى هذه الفئة من المقاولات، لكنه يظل غير كاف، إذ تتعين مصاحبة هذا القرار بمجموعة من التدابير، التي تقدم حلولا للبنوك للتمكن من تمويل هذه الشركات، إذ هناك مجموعة من المقتضيات الاحترازية القانونية التي تمنع البنوك من رفع حجم التمويلات المقدمة لهذه الفئة من المقاولات وتيسير شروط ولوجها إلى القروض. وتجدر الإشارة في هذا الباب إلى أن القواعد الاحترازية تفرض على البنوك ضرورة الحفاظ على مستوى كاف من الأموال الذاتية لمواجهة المخاطر، المتعلقة باسترداد القروض الممنوحة، خاصة بالنسبة إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، علما أن نسبة القروض معلقة الأداء وصلت، إلى غاية دجنبر الماضي، إلى 8.8 في المائة، ما يفرض على البنوك التشدد أكثر في منح القروض، لكي لا تضطر إلى رفع حجم الأموال الذاتية ومؤونات تغطية المخاطر. كما أن هناك معايير بازل 2 و3 التي يتعين على البنوك التقيد بها، في ما يتعلق بتقييم الملاءة المالية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة. لذا يمكن لبنك المغرب، بمساهمة هيآت أخرى، اعتماد برامج دعم أو آليات ضمان لتحفيز البنوك على تقديم القروض للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، مثل ضمانات مؤسسة تمويلكم، التي يمكن أن تغطي 80 في المائة من قروض الاستثمار والتسيير. لماذا فشلت كل البرامج المعتمدة لفائدة تيسير ولوج المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة إلى التمويل البنكي؟ > لا يمكننا أن نتحدث عن فشل ولا على نجاح، فهناك إجراءات عديدة كانت مهمة، على غرار كل ما يتعلق بمؤسسة تمويلكم، التي تساعد المقاولات الصغرى والمتوسطة على الولوج إلى القروض، لأنها تضمن القروض البنكية الممنوحة لهذه الفئات من المقاولات في حدود خمسين في المائة. وهناك، أيضا، برنامج "انطلاقة"، الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة، لكنه تزامن، مع الأسف، مع جائحة "كوفيد 19"، ورغم ذلك فالنتائج المسجلة مشجعة جدا، إذ وصل إجمالي الاعتمادات التي تمت تعبئتها، في هذا الباب، إلى ثمانية ملايير درهم، تقريبا، خصصت لتمويل ما لا يقل عن ثلاثين ألف مشروع، بنسبة فائدة لا تتجاوز 2 في المائة. صحيح أن هناك بعض التعثرات التي تعرفها بعض البرامج، لكن لا يمكن التعميم، فهناك مبادرات ناجحة، يتعين تدعيمها وتعزيزها، وأخرى فشلت في تحقيق أهدافها وجبت إعادة النظر فيها لتجويدها، بما يحقق الأهداف المتوخاة منها. ضعف الثقافة المالية ما هي العراقيل التي تحول، في نظركم، دون ولوج هذا الصنف من المقاولات إلى التمويل البنكي؟ > هناك عوائق متعددة تحول دون ولوج المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، منها ما هو مرتبط بالشركات ذاتها، مثل ضعف رأس المال ومحدودية الموارد الذاتية، ما يجعل هذه الوحدات تواجه صعوبات في تكوين رأس مال كاف لضمان القروض، إذ غالبا ما تفتقر إلى الأصول التي يمكن تقديمها ضمانا للحصول على القروض، ما يصعب الحصول على التمويل. ومن بين الأسباب الذاتية، أيضا، التي تعيق هذه الوحدات للوصول إلى التمويل البنكي، أنها تعاني نقصا في الكفاءات في الإدارة المالية ومسك المحاسبة بدقة، ما يصعب على المؤسسات المالية تقييم جدارتها الائتمانية، ما يجعل مهمة صعبة جدا خلال تقييم المخاطر المرتبطة بتمويل هذه الشركات، بسبب نقص في المعلومات الموثوقة والموحدة. كما أن ضعف الثقافة المالية لدى عدد من أرباب هذه الوحدات، يجعل معرفتهم بالمنتوجات المالية المتوفرة وإجراءات الوصول إليها محدودة، كما يواجهون صعوبات في إعداد مخططات عمل دقيقة، ما يجعلهم غير قادرين على تقديم مشاريع قابلة للتطبيق ومقنعة للمؤسسات المالية. ضرورة بذل مجهودات إضافية ماهي الأسباب غير الذاتية التي تحرم هذه الوحدات من التمويل البنكي؟ > بالموازاة مع الأسباب الذاتية، التي تمنع المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة من الحصول على التمويل البنكي، هناك عوامل موضوعية، منها ما هو مرتبط بالنظام البنكي، إذ تتردد البنوك المغربية، غالبا، في تمويل هذه الشركات بسبب مستوى المخاطر العالي المحيط بهذه الوحدات، ما يجعلها تطالب أرباب هذه المقاولات بتقديم ضمانات تفوق، في كثير من الأحيان، مبلغ القرض المطلوب، لضمان المبالغ المستحقة، في حال تعذر إرجاع الديون. كما أن القروض الممنوحة للمقاولات الصغيرة جدا تخضع لأسعار فائدة مرتفعة، بالنظر إلى المخاطر التي تحيط بهذا الصنف من الزبناء، إضافة إلى تعقيد وطول إجراءات طلب القروض، التي، غالبا، ما تكون ثقيلة ومثبطة لعزيمة طالبي التمويل. بالإضافة إلى ذلك، فإن النقص المسجل في عروض التمويل المصممة خصيصا لتلبية احتياجات هذه الفئة من الشركات، مثل رأس المال الاستثماري، والتأجير التمويلي، يحد من مصادر التمويل للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، إذ تظل البنوك مسيطرة على التمويل مع وجود بدائل محدودة، مثل سوق السندات أو المستثمرين الخواص. لذا يتعين على النظام البنكي مزيد من مواكبة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، لأن هذا الصنف من المقاولات يوفر مناصب الشغل، علما أن من بين التحديات الكبرى التي يواجهها المغرب، حل إشكالية بطالة الشباب الحاصل على دبلومات. لذا، فإن البنوك مطالبة بمواكبة هذا الصنف من المقاولات، من خلال آليات أخرى، مثل آلية صندوق الضمان "تمويلكم". ويجدر التنويه، بهذا الصدد، بالمجهودات الكبيرة التي تبذلها هذه الآلية. ويمكن أن تساهم آليات الضمان في تيسير ولوج المقاولات الصغير جدا والصغرى والمتوسطة الولوج إلى التمويلات. ويتعين اعتماد تدابير تحفز البنوك على مواكبة أكبر لهذا الصنف من المقاولات، الذي يوفر مناصب الشغل، علما أن من بين التحديات الكبرى التي يواجهها المغرب، حل إشكالية بطالة الشباب الحاصل على دبلومات. ضرورة التأسيس لعلاقات جديدة ما هي الحلول المقترحة لتحسين العلاقة بين البنوك والمقاولات؟ > يتعين الانتقال من العلاقة الحالية، التي تركز على المدى القصير وجلب الزبناء الجدد وزيادة الناتج البنكي الصافي، إلى نموذج جديد يدمج الجانب العلائقي، الذي يرتكز على الثقة المتبادلة بين الطرفين، والشفافية، التي تكتسي أهمية بالغة، سواء من جانب البنوك أو المقاولات، كما أنه يتعين التركيز على العلاقات الإنسانية، وعدم تلخيص رب المقاولة في مجرد مؤشرات إحصائية ومحاسباتية، ويتعين الأخذ بعين الاعتبار، أيضا، أهمية المواكبة، فدور البنوك يجب ألا يقتصر على تمويل المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، بل يتعين عليها مواكبة هذه المقاولات وتقديم الاستشارات لها واعتماد سياسة القرب تجاهها. وأنا على يقين من أن الجهود ستبذل من كلا الجانبين، لأن البنوك تعتمد على الزبناء، كما أن الشركات الصغيرة والمتوسطة لا يمكن أن تنمو وتتطور بدون التمويل المصرفي، خاصة في إطار اقتصاد يعتمد على الاقتراض. وإذا انخرط الشريكان في علاقة "رابح-رابح"، فسيتمكن المغرب من بناء اقتصاد قوي يتميز بكثرة إنشاء الشركات وفرص العمل. وكما ذكرت في المقدمة، فإن البطالة، خاصة في صفوف الشباب ذوي الشهادات العليا، تشكل عبئا كبيرا على الاقتصاد المغربي، إذ نعاني معدلات بطالة عالية. التأطير ومواكبة الإدارة المالية كيف يمكن تجاوز الوضع الحالي وتحسين العرض المتعلق بتمويل هذا الصنف من المقاولات؟ > يتعين، بداية، تعزيز قدرات الشركات، من خلال التأطير والمواكبة في في الإدارة المالية، ودعم إعداد خطط الأعمال، والتوعية بالمنتوجات المالية. كما يتطلب الوضع الحالي تطوير منتوجات مالية ملائمة، من خلال إنشاء صناديق ضمان وآليات كفالة، وتطوير أدوات رأس المال الاستثماري والتأجير التمويلي، بالموازاة مع تبسيط إجراءات الوصول إلى التمويل، عبر إحداث شبابيك موحدة، ورقمنة المساطر، وتقليص آجال المعالجة. ويجب بذل مجهودات كبيرة من أجل تحسين مناخ الأعمال بتجاوز البطء الإداري، وتبسيط القوانين، وتعزيز تطبيق القوانين، إضافة إلى العمل على تطوير مصادر التمويل البديلة، مثل تشجيع رأس المال الاستثماري، والتمويل الجماعي، وتمكين الشركات من الولوج إلى سوق السندات، إضافة إلى التوعية والمرافقة، من خلال إطلاق حملات توعوية لإخبار الشركات بفرص التمويل ومساعدتها في الإجراءات.

الجاي: تخفيض الفائدة لا يكفي لتيسير الولوج للتمويل

مصطفى الجاي الخبير البنكي قال إن هناك مقتضيات قانونية تمنع البنوك من رفع قروضها للمقاولات الصغيرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحذيرات من "كارثة" بالحارثي

8 سنوات لمعتد على سائحة ألمانية بطنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات