"إسكوبار الصحراء" ومبديع على رأس قائمة القضايا التي تناقشها الهيأة على امتداد الأسبوع الأول من يناير الجاري، استحوذ ملف "إسكوبار الصحراء" على جل الجلسات المقررة من قبل هيأة المحكمة بغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية البيضاء، بعد أن شرعت الهيأة في مناقشة الموضوع بالاستماع إلى ثلاثة من المتهمين الـ 28 المتابعين في الملف، في الوقت نفسه مازال ملف الوزير السابق محمد مبديع، في مراحله الأولى، إذ لم تشرع بعد الهيأة في مناقشته وقررت تأخيره إلى نهاية الشهر، تنضاف إليهما ملفات أخرى تصب في قضايا الجرائم المالية والتي هي من اختصاص الغرفة نفسها. إنجاز: كريمة مصلي في كل جلسة من جلسات المحاكمة التي تديرها غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية البيضاء، والتي يترأسها علي الطرشي، تطرح إشكالية مهمة في شأن العدد الهائل من قضايا الفساد المالي، الموكول إلى الغرفة النظر فيها إلى جانب قضايا جنائية أخرى، آخرها جلستا الثلاثاء والخميس الماضيين، اللتان شهدتا مناقشة ملف الناصيري وبعيوي، وملف مبديع. 40 دقيقة لتفتيش سيارة مع شروع الهيأة في الاستماع إلى المتهمين في ملف "إسكوبار الصحراء"، تمسك دركي متابع بمباشرة عمل تحكمي ماس بالحرية الشخصية والفردية بقصد إرضاء أهواء شخصية، بنفي الاتهامات الموجهة إليه، على خلفية وقائع توقيفه لسيارة من نوع "رونج روفر"، على متنها زوجة عبد النبي بعيوي، رئيس جهة الشرق السابق، قائلا خلال وقوفه في قفص الاتهام أمام هيأة الحكم إن تلك المرأة ارتكبت مخالفة متمثلة في عدم وضعها لحزام الأمان، مضيفا، أنها رفضت الإدلاء بوثيقة تثبت هويتها مما صعب عليه عملية التفتيش. واستفسره رئيس الهيأة، الطرشي، عن المدة التي استغرقتها عملية التفتيش التي أجراها داخل السيارة، فأجابه، حوالي 30 دقيقة إلى 45، ليعاود سؤاله بالقول "أليس كثيرا هذه المدة على عملية التفتيش؟"، فرد عليه "لم تكن متعاونة معنا البتة"، وبالنظر إلى أن السيارة موضوع التفتيش كانت باسم فاطمة الزهراء بعيوي، استفسرها الدركي المذكور عن نوع العلاقة ببعيوي، فأخبرته بأنها طليقته، حينها ابتعد عن مكان السيارة، إذ قام بإجراء مكالمة هاتفية، ونفى الدركي هذا المعطى، وقال إنه غير صحيح. تصريحات المتهم واجهتها المحكمة بما تضمنته محاضر الضابطة القضائية التي تتحدث فيها قريبة طليقة بعيوي عن عنف نفسي تمت ممارسته عليهما، وهما ترتديان لباسا تقليديا لحضور عرس عائلي، بحضور شقيق عبد النبي بعيوي المسمى عبد الرحيم. وتابعت المصرحة وفق المحاضر التي عرضتها المحكمة، بأن عبد الرحيم بعيوي ظل يصرخ في وجه عناصر الدرك الملكي ويتوعدها بمعية طليقة شقيقه قائلا "يا هيا يا أنا"، الأمر الذي دفع عناصر الدرك الملكي إلى محاولة تهدئته وتقبيل رأسه، ما جعل رئيس الهيأة، المستشار علي الطرشي، يخاطب الدركي المتهم "واش رئيس جماعة يمشيو الدركيين يبوسو ليه راسو باش يبقى على خاطرو؟"، ليرد المتهم بالنفي "لا هادشي مكاينش السيد الرئيس". خبرة لم تنجز كشف ضابط شرطة متهم بتزوير محضر والمتابع على خلفية ملف "إسكوبار الصحراء"، أنه قام بإنجاز المحضر، بعد إصدار التعليمات من وكيل الملك شفويا بالانتقال والبحث والتحري، وبناء على مضامين شكاية المشتكية سامية موسى، التي تقدمت بها إلى النيابة العامة، مفادها أنها في خلاف مع عبد النبي بعيوي وأنها تقيم بالبيضاء، إلا أنها فوجئت بالمشتكى به قام بتحرير وكالة مزورة والمصادقة عليها من بلدية وجدة، وبيع عقارين وسحب أموالها من بنك. وذكر الضابط أمام هيأة المحكمة بغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية البيضاء، في شأن تأخير إنجاز الخبرة التي كلفته بها النيابة العامة في 2013، للوقوف على صحة تزوير العقود، أنه كان بسبب غياب المشتكية، وليس للضغط عليها بإجراء التنازل، وظل يستدعيها لذلك لمدة ثمانية أشهر، فقاطعه علي الطرشي، رئيس هيأة المحكمة، بسؤال جوهري، "هل قمت بإنجاز ذلك في محضر رسمي وربط الاتصال مع وكيل الملك؟، فأجاب المتهم أنه كان يقوم بالاتصال بوالدها الذي أخبره أن سامية طليقة بعيوي توجد بفرنسا، الشيء الذي عقد مسطرة إجراء الخبرة، على اعتبار أن وجودها ضروري في ذلك لتقديم تصريحاتها في الموضوع ومطابقة توقيعها مع التوقيع المزور. "الرونج روفر" بداية القصة من النقاط التي ستعرف مناقشة في ملف "إسكوبار الصحراء" خلال الاستماع في الجلسات المقبلة إلى عبد النبي بعيوي، رئيس مجلس جهة الشرق السابق، العلاقة التي تربطه بالحاج إبراهيم، والتي أكد بشأنها في محاضر الشرطة على أنها جاءت بناء على رغبة هذا الأخير في 2013 في شراء سيارته من نوع "رونج روفر"، وذكر خلال التحقيقات معه أن المالي ألح على شرائها رغم رفضه في البداية، ليرضخ لطلبه، لتكون تلك بداية التعارف بينهما، ويعبر في ما بعد عن رغبته في الاستثمار بالمغرب، ليحيله على سعيد الناصري، باعتباره برلمانيا معه في الحزب نفسه. حاول بعيوي حصر علاقته في تصريحاته بالمالي على أنها عرفت فتورا بعد أن سلمه شقة في البيضاء، للإقامة فيها، إلا أن سكان العمارة اشتكوا من تصرفاته وكثرة الضوضاء ليطلب منه مغادرتها، وانقطعت الاتصالات بينهما إلى أن تلقى مكالمة من الخارج، تبين أنها تخص المالي الذي أخبره أنه يوجد بالسجن بموريتانيا، نافيا بذلك تعامله معه في تجارة المخدرات، كما أقر المالي، وأنه غير معني بالشاحنة التي ضبطت فيها المخدرات بالجديدة، وليس هناك ما يثبت إجراءه لأي مكالمات دولية ما بين 2006 و2013، ولا يتحمل أي مسؤولية عن الخلاف الذي نشب بين الناصري والمالي. شاحنات المالي... الوسيلة المضمونة للتهريب بعد أن أوقفت المصالح الأمنية في 2015 شحنة 40 طنا من المخدرات، تم حجز شاحنة تبين أنها تعود في ملكيتها للمالي، وبعد اعتقاله حاول المالي نفي صلته بالشاحنة، من خلال تقديم وثائق مزورة لم تسعفه في إبعاد التهمة عنه. خلال مسارات البحث في تشابك خيوط الشبكة الدولية لتهريب المخدرات، ظهرت من جديد ارتباطات الشاحنات، التي تم حجزها لدى عبد النبي بعيوي، وعمليات تهريب المخدرات، إذ أظهرت الأبحاث أن شريط فيديو على موقع التواصل لاجتماعي، كان وراء قيام شقيق بعيوي بالتخلص من الشاحنات، التي كانت تنقل فيها المخدرات، إذ أفاد أنه خلال تصفحه لموقع "تيك توك" صادف شريط فيديو يتحدث عن "إسكوبار الصحراء" وتورط عائلته في الموضوع، فأعطى أوامره، بالتخلص من تلك الشاحنات وأجهزة "جي بي إس" المتصلة بها مع تغيير الأرقام التسلسلية، لأنها لا تتوفر على وثائق الملكية. ما قاله شقيق بعيوي، نفاه الأخير الذي أكد ألا علم له بالشاحنات وأن شقيقه هو المسؤول عنها وأن عملية البيع والشراء تمت بين شركة المالي وشركة تابعة لبعيوي. وأوضح الحاج إبراهيم بشأن الشاحنات، أنه أحضر 11 منها إلى المغرب لبيعها باعتباره الوكيل الحصري للشركة المنتجة، إلا أن السلطات المغربية لم توافق على المصادقة عليها، ما دفع بعيوي إلى اقتناء سبع منها، دون أن يؤدي ثمنها، وهي التي استغلت إحداها في نقل المخدرات وتم حجزها. مبديع... الغموض سيد الملف على امتداد تسع جلسات منذ إحالة ملف الوزير السابق محمد مبديع، على غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية البيضاء، في يونيو الماضي، لم يكتب لهذا الملف أن يدخل أي مرحلة من مراحل المحاكمة سواء في الشق المتعلق بالطلبات الأولية أو الدفوع الشكلية التي يفترض أن يقدمها محامو المتهمين الـ 13 في الملف، قبل الشروع في مناقشة موضوع القضية، بين التأخير لعدم إحضار المتهمين، أو بسبب إضرابات المحامين، أو تنصيب مطالب بالحق المدني، كما هو الشأن في جلسة، الخميس الماضي، التي عرفت انتصاب الجمعية المغربية لحماية المال العام جهة البيضاء سطات، طرفا مدنيا لتقرر غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم المالية باستئنافية البيضاء، تأخير الملف إلى 30 يناير الجاري، بعد أن التمس دفاع الجمعية مهلة للاطلاع على الملف، وربما تكون المهلة الأخيرة التي يمكن أن تمنحها المحكمة لأجل الشروع في مناقشة الملف الذي يتابع فيه الوزير السابق والقيادي في حزب الحركة الشعبية بتهمة تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والارتشاء والتزوير في وثائق عرفية وتجارية ورسمية، إلى جانب متهمين آخرين، بناء على الأبحاث التي فتحت في الملف حسب شكاية قدمها الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام جهة البيضاء ــ سطات ضده، تحدثت عن "تبديد أموال عمومية والاغتناء غير المشروع وخرق قانون الصفقات العمومية، وتلاعبات في الصفقات، والنفخ في قيمة الفواتير، وأداء مستحقات مقابل أشغال لم تنجز، وتوجيه بعض الصفقات نحو شركات ومكاتب دراسات معينة"، وهي الأبحاث التي أحيلت على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي استمعت إليه، قبل أن تقرر إحالته على الوكيل العام لاستئنافية البيضاء، الذي تقدم بملتمس إلى قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها، لأجل التحقيق معه في المنسوب إليه في حالة اعتقال. وعرفت جلسات التحقيق التفصيلي مع رئيس جماعة الفقيه بن صالح لولايات متتالية النبش في اختلالات شابت تدبيره لهذه المدينة، ناهيك عن التحقيق في تهم تتعلق بتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والارتشاء والتزوير في وثائق عرفية وتجارية ورسمية. مفاهيم قانونية: استغلال النفوذ عمل المشرع على تنظيم جريمة استغلال النفوذ في الفرع الرابع من الباب الثالث من الجزء الأول من الكتاب الثالث، خاصة مقتضيات الفصل 250 من القانون الجنائي المغربي، الذي أفاد أنه يعد مرتكبا لجريمة استغلال النفوذ، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، من طلب أو قبل عرضا أو وعدا، أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أي فائدة أخرى، من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه، من الحصول على وسام أو نيشان أو رتبة شرفية أو مكافأة أو مركز أو وظيفة أو خدمة أو أي مزية أخرى تمنحها السلطة العمومية أو صفقة أو مشروع أو أي ربح، ناتج عن اتفاق يعقد مع السلطة العمومية أو مع إدارة موضوعة تحت إشرافها، وبصفة عامة الحصول على قرار لصالحه من تلك السلطة أو الإدارة، مستغلا بذلك نفوذه الحقيقي أو المفترض. وإذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عاما أو متوليا مركزا نيابيا، فإن العقوبة ترفع إلى الضعف. مع ضرورة التأكيد على أن قيام جريمة استغلال النفوذ يشترط فيه ركن مادي، عبارة أولا عن فعل إجرامي يقوم به الجاني، إذ تقوم جريمة استغلال النفوذ على العناصر نفسها، التي يتحقق بها النشاط الإجرامي في جريمة الرشوة، والذي يتمثل ذلك في طلب أو قبول عرض أو وعد أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أي فائدة أخرى، كيفما كان شكل الطلب أو القبول أو التسلم، وسواء تم ذلك بشكل صريح، أو ضمني، مباشرة أو عن طريق وسيط.