يشعر المرء بدفء الوطن، حين يعلم أن النيابة العامة بالمدينة الفلانية فتحت أبحاثا بخصوص وقائع تستأثر باهتمام الرأي العام، بل وتومئ بأن هناك اختلالات ما في أحد القطاعات الحيوية، التي تكون مصدر الواقعة، أو الوقائع. لكن، مع توالي الأيام، يتبدد ذلك الشعور، وتتلاشى تلك الأمنيات، لأسباب تظل مجهولة، فكما كان لممثل الحق العام سبق في الإعلان عن فتح أبحاث لمعرفة ملابسات الحادث المعني، كان لزاما عليه أن يتابع أطوار القضية، ويشرح للمواطنين أين وصلت الأبحاث، على الأقل في إطار الحق في المعلومة. لا يعني هذا، بأي حال من الأحوال، خرق سرية الأبحاث، ولكن فقط بلاغ توضيحي لما آلت إليه الأمور، خصوصا أن أحداثا عرت اختلالات وتقصيرا كبيرا في مستشفيات عمومية، وطفت على السطح بعدما فعلت فيها الإجراءات المسطرية من قبل النيابة العامة، إلا أنها ظلت معلقة، ولم يعلم أحد إن كانت طويت نهائيا، أم أن نتائجها كانت سلبية ولم تورط أحدا. وقائع تتكرر بالمستشفيات العمومية، من قبيل حقنة العين لمرضى السكري، أو تلك التي كان جناح الولادة بابن رشد مسرحا لها، حين تحدث ضحايا عن وفاة حامل أثناء الولادة، أو تلك التي سبق أن كان مستشفى مولاي يوسف بالبيضاء مسرحا لها، حين نقل منه مرضى إلى مستشفى "بوافي"، بسبب عدم وجود الأوكسجين، ما أدى إلى أكثر من وفاة. المواطن يثق في المؤسسات، وحين يعلن عن فتح أبحاث وتحقيقات في أمر يهم شرائح كبيرة من أبناء الوطن، فإن الشغف يكون كبيرا للتعرف على ما حدث بالضبط، وكيف وقع الخلل، وهل هناك بالفعل مستهترون ومقصرون، أم أن الحادثة كانت قوة قاهرة أو حادثا فجائيا، لا يسأل عنه المرء، فإعلان نتيجة الأبحاث مهم لأنه يحقق تلك الثقة في المؤسسات. الطبيعة لا تقبل الفراغ، وحين لا يعلم الرأي العام نتائج الأبحاث والتحقيقات التي أمرت النيابة العامة بفتحها، يترك المجال للأبواق النشيطة في شبكات التواصل الاجتماعي، لتكيف الوقائع كيفما شاءت، بل وتوجه سهام الانتقاد المجانب للصواب، والذي قد يصل حد التشهير، وبما أن المعلومة معلقة، فإن الثقة تزداد في تلك المواقع لتستقطب الآلاف، بل الملايين، ممن يصدقون ما يرد فيها بعيدا عن القنوات الرسمية. في العديد من المناسبات، تفد اللجان الإدارية التابعة للوزارة المعنية، موازاة مع الأمر بإجراء الأبحاث، قبل أن تختفي النتائج، فهل تعقل اللجان الإدارية الأبحاث الجنائية؟ استفهام سيظل معلقا بدوره في انتظار ما سيؤول إليه الأمر في الحادث المأساوي لمستشفى مولاي يوسف بالرباط. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma