إلى أين تسير الأمور في قطاع العدالة، أمام حالة الاحتقان التي تشهدها مكوناتها؟ فالمحاكم لم تنعم بعد بعودة الحياة الطبيعية داخلها، بسبب الإضرابات المتتالية على امتداد أشهر، والتي انتهى جزؤها المتعلق بكتاب الضبط، بعد آخر جلسة حوار مع وزير العدل، وبعدهم المفوضون القضائيون، لكن بقيت حلقة الخلاف مع المحامين في مرحلة "ستاند أب"، إذ بعد أسبوعين من مقاطعة جلسات الجنايات عادوا خلال الأسبوع الماضي للعمل، لتتقرر مرة ثانية الدخول في إضراب جديد ينطلق من فاتح نونبر المقبل. الخطوة الثانية في احتجاجات المحامين تؤكد أن باب الحوار بينهم وبين وزير العدل مقفل، ولا أفق في حله رغم ما كانوا يمنون أنفسهم به، من أن تعود لغة الحوار إلى طريقها في علاقتهم مع وزير العدل، الذي يتهمه بعض المحامين بأنه يحمل فكرا انتقاميا من المهنة التي ينتمي إليها، من خلال ما شهدته خلال النسخة الأولى من حكومة أخنوش، والتي كان فيها التوتر سيد الموقف، وصل حد المطالبة برحيله في العديد من الوقفات والاعتصامات، والتي لا يظهر أنها ستتغير في النسخة الثانية من حكومة أخنوش، التي ظل فيها عبد اللطيف وهبي وزيرا للعدل. فالبلاغ الأخير لجمعية هيآت المحامين بشأن الإضراب المزمع تنفيذه، يتحدث عن محاولات متواصلة لتقويض مكانة مهنة المحاماة، باعتبارها فاعلا أساسيا في تحقيق العدالة، فهل فعلا يحاول الوزير تقويض مهنة المحاماة، أو ممارسة التعسف في حقها؟ أم أن له وجهة نظر في كل تلك الاختلافات؟ أسئلة تتطلب من وزير العدل التوضيح لأن الأمر لا يتعلق بالمحامين فقط، بل بمنظومة العدالة على وجه العموم والمحامون يعدون فاعلا أساسيا فيها، ولا يمكن الاستغناء عنهم، وإضراباتهم ستكون لها عواقب خطيرة على الحلقة الأضعف في الخلاف، والتي تدفع دائما الضريبة، وهي حلقة المتقاضين بجميع أصنافهم، والتي تدفع ثمن ذلك الاحتقان ويطلب منها أن تكون متفهمة لخلاف ليست طرفا فيه وعليها أن تتحمل نتائجه، حتى ولو ضاعت حقوقها وتعطلت المساطر الخاصة بها، ما يشكل قمة الأنانية لدى المحتجين والوزارة الوصية التي عليها أن تجد حلا، وأن تجلس لطاولة الحوار، لأنه لا يمكن أن يظل الحال على ما هو عليه، وإلا استدعى الأمر تدخلا ملكيا لحسم الأمور، على اعتبار أن الحكومة بجميع مكوناتها لم تتمكن من حل تلك المعضلة التي تتفاقم يوما بعد يوم، وبدأت تكبر مثل كرة ثلج، وقد تصعب السيطرة عليها في ما بعد. كريمة مصلي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma