يتابع القضاء "منتخبين كبارا" بشبهة تورطهم في الفساد، بينهم رؤساء مجالس ترابية ونوابهم، ووزراء سابقون، وبرلمانيون حاليون، بعضهم يقبع الآن في السجن، في انتظار أولى جلسات المحاكمة، ومنهم من ينتظر. ويوما بعد آخر، يرتفع عدد الذين أسقطهم الفساد، سواء بالمجالس الترابية، أو بالمؤسسة التشريعية، إذ تم تجريد العشرات من العضوية، ووضعهم وراء القضبان. وسجل تحول لافت في سرعة إحالة الملفات، والبت فيها من قبل القضاء، بسبب استقلالية السلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة عن وزارة العدل. ويتابع "المنتخبون الكبار"، ومعظمهم من أحزاب الأغلبية الحكومية (التجمع و"البام" والاستقلال) بتهم مختلفة، كلها تصب في نهر الفساد، وهو أمر جيد ومحمود ومرحب به، ويدخل في باب محاربة الفساد والمفسدين، وتفعيل شعار "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، مهما كان الانتماء، ونتمنى أن يتواصل ذلك دون توقف. لكن دعونا ننقل "تظلمات" بعض السياسيين والمنتخبين، الذين يتحدثون في الكواليس عن نهج "عين ميكة" عن بعض "كبار المفسدين"، الذين فعلوا في المال العام ما شاؤوا، دون أن تحال ملفاتهم على القضاء، أو تتخذ في حقهم إجراءات ردعية، نظير التوقيف أو العزل. ويستدل الغاضبون على "الانتقائية" برؤساء جهات، من القدماء والجدد، إذ لا يوجد اسم واحد ضمن قائمة المنتخبين المفسدين، الذين رصدهم "رادار" المفتشية العامة للإدارة الترابية، أو المجلس الأعلى للحسابات. هل جميع رؤساء الجهات، القدماء منهم والجدد، نزهاء، ويتقون شر المال العام، ولا يقحمون ذواتهم في "تخلويض" الصفقات، رغم أن الجهات تتمتع بصلاحيات واسعة، واعتمادات مالية ضخمة؟ الاستفهام المطروح أمام هذا الكم الهائل من المفسدين في المجالس المنتخبة بمختلف أصنافها، هو: ما دور الولاة والعمال في الحد منها، قبل أن تصل إلى مستوى "التحلل"، وتحال على جرائم الأموال، ويعتقل من يعتقل، ويعزل من يعزل؟ وهل لهم نصيب من المسؤولية؟ لقد خضع مفهوم الوصاية إلى التطور، إذ يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية، ويعملون باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، ويمارسون المراقبة الإدارية، ويساعدون رؤساء الجماعات الترابية، خاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية. لكن، لماذا نجد رؤساء المجالس الترابية وحدهم على خط النار، ولم نسمع يوما أن مسؤولا ترابيا سيق إلى التحقيق، باستثناء حالات نادرة لها يد في الفساد، كما حدث في مراكش مع الوالي بجيوي، شفاه الله؟ عبد الله الكوزي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma