سيتضمن مشروع قانون المالية 2025 إجراءات لإصلاح نظام الضريبة على الدخل، تنفيذا للالتزامات التي تعهدت بها الحكومة في اتفاق الحوار الاجتماعي الموقع مع المركزيات النقابية في 29 أبريل الماضي. لكن لم يتم تقديم تفاصيل حول إصلاحات ضريبة الدخل، باستثناء رفع قيمة خصم الأعباء العائلية من مبلغ الضريبة السنوي من 360 درهما إلى 500. ويعاني الأجراء والموظفون حيفا ضريبيا واضحا يجسده جدول الضريبة على الدخل والأسعار المطبقة على دخول هذه الفئات، مقارنة بملزمين آخرين خاضعين للضريبة ذاتها، رغم أن الدستور ينص في المادة 39 على أن الجميع يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، ما يعني أن على المواطنين أداء واجباتهم الضريبية بشكل يتناسب مع إمكاناتهم، أي أن الاقتطاع الضريبي يتعين أن يكون مماثلا، كيفما كان مصدر الدخل أو الأرباح المفروضة عليها الضريبة. ولم يكن عبثا أن تسمى هذه الضريبة، بمقتضى القانون رقم 17.89 المحدث لها، الضريبة العامة على الدخل، لأن الهدف من إقرارها هو استبدال عدد من الضرائب الفئوية وتوحيدها في نظام ضريبي واحد، لضمان العدالة الجبائية بين مختلف الملزمين. لكن التعديلات المتتالية التي طرأت على هذه الضريبة منذ 1990، ساهمت في إقرار فئوية جديدة، فتحولت، دون سابق إنذار، من ضريبة عامة على الدخل إلى ضريبة على الدخل فقط، وانتفت صفة الشمولية عنها. وتتجلى هذه الفئوية في تباين نسب الاقتطاع المفروضة على مداخيل متساوية لكن تعود لفئات مختلفة، رغم أن الدستور يقر بمبدأ التناسبية بين الاقتطاع وإمكانية كل ملزم، ما يفرض أن تكون نسبة الاقتطاع مماثلة إذا تساوت المداخيل، لكن نظام الضريبة على الدخل، الحالي، يميز بين المداخيل حسب نوع النشاط، إذ أن النسبة ترتفع لدى الأجير والموظف وتخفض بالنسبة إلى المقاولين وتعفى مداخيل شرائح واسعة من الفلاحين وبعض الفئات الأخرى. وتتجسد الفئوية، أيضا، في أن فئات تقتطع من دخولها مبالغ الضريبة على الدخل المستحقة قبل أن تحصل عليها، أي من المنبع، مثل الأجراء والموظفين والمتقاعدين، في حين لا تقتطع لدى شرائح أخرى إلا عندما يتم تحصيلها، ويمكنها القانون من خصم كل التكاليف، على خلاف الفئات الأخرى، التي تقتطع الضرائب من منبع مداخيلها، إذ تحدد لهم نسبة معينة يحق لهم خصمها من الأجر أو الدخل قبل إخضاعه للضريبة. ويفرض الوضع الحالي إعادة النظر في النظام الجبائي المعتمد، وأن يندرج الإصلاح المنتظر في إطار رفع الحيف عن الفئات المتضررة وضمان توزيع عادل ومنصف للمساهمات في التكاليف العمومية، كما ينص على ذلك دستور المملكة. عبد الواحد كنفاوي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma