مستقبـل غامـض للمؤسسـات البنكيـة

لجأت إلى الرقمنة وإغلاق الفروع ومراجعة مساطر القروض للتقليل من حجم خسائرها قالت آسيا زريوح، أستاذة الاقتصاد بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في جامعة محمد بن عبد الله بفاس، إن القطاع المصرفي سيكون مستقبلا الأكثر تضررا من أزمة كورونا، سيما مع الركود الاقتصادي وواقع التضخم. ورجحت احتمال مراجعة البنوك مساطر الحصول على قروض الاستهلاك والسكن، وقد تضع شروطا جديدة وضمانات إضافية لاستخلاص أقساطها التي عجز كثير الزبناء عن تسديدها. وأكدت أن البنوك المغربية تتجه نحو الرقمنة وإغلاق الفروع على الأقل للتقليل من حجم خسائرها خاصة ما يتعلق بالنفقات المتعلقة بموظفيها، متحدثة عن مواضيع أخرى مرتبطة بطبيعة خدمات البنوك وأرباحها وصور الركود ومستقبلها، تجدونها في هذا الحوار: أجرى الحوار: حميد الأبيض (فاس) < في البداية وقبل الحديث عن المعاملات والخدمات، لا بد من الإشارة إلى أن النظام البنكي المغربي يضم عدة مؤسسات مالية أو مؤسسات الائتمان والهيآت المعتبرة في حكمها، من بنوك ومؤسسات قروض وائتمان وإيجار مالي وغيرها، كما يصنفها البنك المركزي المشرف المباشر على تنظيمها واعتماداتها. أما بخصوص المعاملات فتقوم بالأساس على فتح الحسابات الجارية وتلك للودائع لزبنائها. وتعمل البنوك على تقديم عدة خدمات أخرى مرتبطة بالخصوص بتسهيل الإيداع وسحب النقود بكل الوسائل عبر الشيكات أو بطائق وغيرها من وسائل وخدمات، إضافة للخدمات الإلكترونية والعمليات الائتمانية وتقديم القروض بمختلف أنواعها للاستهلاك أو السكن بالنسبة للأشخاص وقروض الاستثمار والتمويل بالنسبة للشركات. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يتجاوزه لتسوية المنازعات بين مؤسسات الائتمان والزبناء ومعالجة المشاكل ذات الصلة بالأوراق التجارية غير المؤداة وعوارض أداء الشيكات ومخاطر الائتمان وغيرها. < أرباح البنوك متنوعة ومختلفة ومتفاوتة أحيانا بين بنك وآخر. وتتجلى بالخصوص في مصاريف الحسابات سيما الجارية، والتي عادة ما تكون شهرية أو دورية كل ثلاثة أشهر أو سنوية، إضافة إلى مصاريف البطاقات البنكية ودفاتر الشيكات الخاصة بالزبناء، والعمولات الخاصة بكل عملية بنكية من سحب أو تحويل مالي. ولن ننسى ذكر عمولات المنتوجات الائتمانية وفوائد القروض المقدمة للزبناء بمختلف أنواعها إن للاستهلاك أو السكن، أو للاستثمار وتمويل الشركات. وهي تختلف من بنك إلى آخر حسب ما يقترحه من فوائد على القروض، لكنها تعتبر أكثر الأرباح التي تجنيها البنوك, وربما لا تعرف الأزمة مهما كانت درجتها وخطورتها. < قد يبدو ذلك منطقيا طالما أن أرباح البنوك شبه قارة، سيما ما تعلق منها بمصاريف الحسابات والعمولات الخاصة بالعمليات البنكية والقروض. تلك مداخيل خدمات تقدمها لزبنائها ويؤدون عنها باستمرار وبشكل متواصل، بل تقتطع من الحسابات البنكية تلقائيا طالما أن فيها رصيدا. قد لا أتفق مع القول بأن البنوك لا تتضرر من الأزمة مهما كانت طبيعتها. هذا غير صحيح سيما في ظل التدابير المرتبطة بانتشار فيروس كورونا. البنوك كذلك تضررت على غرار كل القطاعات الاقتصادية رغم عدم تلقيها خسارات كبرى بحكم نظام التمويل الكلاسيكي الذي يعتمد على تقليل مخاطر المجازفات المالية، إلا أنها عرفت ركودا في ما يخص التحويلات والإيداعات المالية. < كما قلت فالتحويلات والإيداعات المالية عرفت ركودا، في الوقت الذي عرفت فيه نسبة الديون غير المؤداة من الزبناء، ارتفاعا كبيرا وملحوظا. فنسبة كبيرة منهم لم يستطيعوا أداء أقساط القروض بفعل واقع الأزمة الذي جعل فئة منهم تفقد عملها وأخرى تقلص مدخولها بنسب متفاوتة. الركود والأزمة الاقتصاديان ساهما في هذا الوضع وانخفاض معدلات الودائع والادخار. ونسبة كبيرة من زبناء البنوك، استخدموا أرصدتهم بشكل غير مسبوق وسحبوا منها مبالغ مدخرة لحاجتهم إليها بسبب فقدانهم الشغل في زمن كورونا أو لأسباب أخرى، ما قلص هامش الربح لدى البنوك. < قد لا يظهر حجم الضرر جليا للعيان، لكن القطاع المصرفي سيكون مستقبلا الأكثر تضررا من الأزمة الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، سيما مع تراجع النشاط الاقتصادي وتضرره بشكل كبير، وكذا مع واقع التضخم وانخفاض القوة الشرائية للنقود والارتفاع المستمر والمؤثر في المستوى العام للأسعار. وهذا واحد من الأسباب التي تجعل العديد من البنوك المغربية تتجه نحو الرقمنة وإغلاق الفروع على الأقل للتقليل من حجم الخسائر التي تتكبدها، خاصة ما يتعلق بالنفقات المتعلقة بمستخدميها، وما قد يقع من زيادة محتملة لتكلفة الخدمات البنكية المقدمة للزبناء الذين يعتبرون المورد الرئيسي للبنوك. < بالفعل فمساطر الحصول على قروض الاستهلاك والسكن، ستتغير ما بعد أزمة كورونا. هذا متوقع ومحتمل جدا، لأنه كما نعرف فظروف انتشار الفيروس والتدابير المتخذة ساهمت في ركود اقتصادي كانت له تبعات وبينها فقدان الكثيرين الشغل وتقلص مدخولهم بشكل جعلهم عاجزين عن أداء أقساط القروض. هذه الحقيقة ستجعل البنوك تراجع تلك المساطر. وستضع شروطا جديدة وضمانات إضافية لاستخلاص أقساط القروض. وكذلك تقليص المبالغ الممنوحة في كل قرض مطلوب، جراء ارتفاع مديونية الزبناء الذين أصبح الكثير منهم غير قادرين على أداء الأقساط الشهرية، وبالتالي تقليص هوامش ربح البنوك. ورطة < لإغلاق حساب بنكي هناك مسطرة يتجاهلها معظم الزبناء، وهنا المشكل الذي يجعل الكثير منهم في ورطة. فبمجرد عدم الاحتياج للحساب البنكي، على الزبون التوجه إلى البنك وإيداع طلب إغلاق الحساب فورا بشرط ألا يكون حساب الزبون مدينا للبنك، مع إرجاع كل الوسائل المادية له من بطاقة بنكية أو دفتر شيكات، وإلا فالحساب سيظل مفتوحا مع اقتطاع مصاريفه. للبنوك لا يمكنها إغلاق الحساب البنكي تلقائيا دون طلب الزبون، رغم أن الحساب متوقف عن العمل، إلا في حالة واحدة، إذا فتح الحساب ولم تجر فيه أي عملية بنكية للزبون طيلة ستة أشهر.

مستقبـل غامـض للمؤسسـات البنكيـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تعليم الكبار بإفريقيا ينطلق من المغرب

السوالم يسترجع صبيح وقنديل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات