المنتوج المحلي “نجم” معرض الفلاحة

أضحى الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس (سيام)، موعدا سنويا بالنسبة إلى العديد من التعاونيات والجمعيات الفلاحية، وسوقا مميزا لعرض منتوجها، والتعريف به والبحث عن فرص لتسويقه وطنيا ودوليا. ويعتبر قطب سوق المنتوجات المحلية، الذي يضم العديد من التعاونيات والجمعيات، نقطة جذب تستقطب أكبر عدد من الزوار الوافدين على المعرض، والذين لا يتوقفون عن التنقل بين الأروقة، بحثا عن منتوجات تستجيب لطلباتهم بأثمنة مناسبة. لعل ما يطغى على التعاونيات العارضة في الدورة الحالية للملتقى، الحضور النسائي الوازن من مختلف المستويات والمناطق الجغرافية عبر المملكة، إذ أصبحت النساء أكثر إقبالا على هذا النوع من الوحدات الإنتاجية (الجمعيات والتعاونيات) التي تحقق لهن دخلا قارا يمكنهن من مواجهة تكاليف الحياة وإعالة أسرهن. تعاونيات رائدة في هذا السياق، قالت فاطمة أيت موسى، رئيسة تعاونية "أفولكي أركان" المتخصصة في إنتاج زيت "أركان" للتغذية ومواد التجميل والعسل و"أملو"، إن التعاونية مكنت من توفير مناصب شغل لأزيد من 150 امرأة، جلهن من الوسط القروي، يعانين الهشاشة والتهميش، لكن لديهن تجربة هامة في المجال، ويحاولن اكتساب مهارات أخرى، خاصة أن التنافسية شديدة على مستوى إنتاج وتسويق زيت أركان ومشتقاته. كما اعتبرت فاطمة، في تصريحات لـ"الصباح" على هامش الدورة، أن هذه الإستراتيجية حققت أهدافها المرجوة، المتمثلة في تحسين وضعية المرأة القروية داخل النسيج الأسري، مؤكدة أن المعرض إضافة نوعية لعمل التعاونية، خاصة أنها تمكنت من الظفر بعقود واتفاقيات مع مؤسسات مغربية وأجنبية لتسويق منتوجها، مضيفة أن تلك الأهداف تشمل أيضا تنمية روح المبادرة لدى النساء، وتمكينهن من تطوير قدراتهن الذاتية، عبر برامج محو الأمية والتكوين والتأطير والتوعية، موضحة أن المنتوج الذي تسهر النساء على إنتاجه بالتعاونية يسوق بشكل منظم، ويحقق لهن دخلا قارا يساعدهن على مواجهة متطلبات الحياة. من جانبه، أبرز محمد ندوي، رئيس اتحاد تعاونيات مربي النحل بتادلة أزيلال، أن تعاونيته وجدت طريقها للأسواق الممتازة المحلية وبمختلف جهات المملكة، وطورت عملها وأصبحت تصدر لأكبر الشركات العالمية للتجميل ذات العلامة المتميزة. وأشار إلى أن الدولة تشجع على إحداث مثل هذه الجمعيات والتعاونيات، وتدعمها، خاصة عبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووكالة التنمية الاجتماعية مع الاتحاد الأوربي والتعاون الوطني، مضيفا أن "على هذه الوحدات أن تنظم نفسها أكثر، وتكون في مستوى المنافسة التي تتطلب احترام معايير الجودة شرطا أساسيا لولوج الأسواق". مشاريع خريجي جامعات من اللافت للنظر أيضا، أن العديد من الوحدات الإنتاجية يديرها خريجون جامعيون اختاروا الانخراط في مشاريع حققت لهم استقرارا ماديا، ويراهنون على قدراتهم على الاندماج الفاعل في الحياة العملية، متخلصين من شبح البطالة. وأجمعت عدد من رئيسات التعاونيات على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إضافة إلى مؤسسات مانحة للقروض تم إحداثها في السنوات القليلة الماضية، توفر كل الشروط الأساسية لإحداث وحدات إنتاجية وتشجيعها ومساعدتها على إيجاد أسواق تساهم في تأهيل كافة المنخرطين. وإذا كان المعرض فرصة لعرض نماذج ناجحة في مجال النهوض بالاقتصاد الاجتماعي والمشاريع المدرة للدخل، الهادفة إلى محاربة الهشاشة وتنمية المرأة، خاصة في العالم القروي، فإنه يشكل بالمقابل مناسبة لأخريات للاطلاع على هذه التجارب وإبداء الرغبة في تأسيس مثيلاتها. دعم المبادرة حاضر بقوة يشكل المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، متنفسا سنويا لا غنى عنه لتسويق منتجات التعاونيات والجمعيات الوافدة من مختلف الجهات، سيما تلك المدعمة من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تمكنت، في السنوات الأخيرة، من تغيير معالم الاقتصاد الاجتماعي على الصعيد الوطني، من خلال دعم الأنشطة المدرة للدخل ومواكبة التعاونيات والجمعيات الفلاحية، وفق مقاربة تشاركية تعتمد التشخيص والتخطيط التصاعدي والتتبع والتقييم آليات لترسيخ الحكامة في تدبير المشاريع المندرجة في إطار هذا الورش المجتمعي الضخم الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس. ويمكن الاطلاع عن كثب على النتائج المذهلة التي حققتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خلال القيام بجولة بين أروقة قطب المنتجات المحلية، الذي يضم التعاونيات والجمعيات التي استفادت من دعم ومواكبة هذه المبادرة، وهذا القطب يعتبر من الفضاءات الأكثر جاذبية للمعرض الدولي للفلاحة، سواء بالنسبة إلى المهنيين أو الزوار القادمين من مختلف أنحاء المغرب، الساعين للاستفادة من هذا الموعد السنوي في التزود بمنتجات محلية بخيارات متعددة وجودة عالية. وبفضل الدينامية التجارية والرواج الكبير الذي يعرفه قطب المنتجات المحلية، تتمكن مجموعة من التعاونيات والجمعيات المدعومة من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من تحقيق نسبة مهمة في رقم معاملاتها السنوي خلال أيام المعرض، ما يجعل هذا القطب واجهة متميزة للمنتجات المحلية المغربية، وفرصة ثمينة للتعاونيات والجمعيات للتعريف بمنتجاتها وتسويقها على أوسع نطاق. الإنتاج والتدبير والتسويق أجمع عدد من ممثلي التعاونيات والجمعيات، التي استفادت من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في تصريحات صحافية، على الأهمية البالغة التي تشكلها المبادرة في تعزيز وتطوير إمكانياتهم الإنتاجية والتدبيرية والتسويقية، وكذلك بتمكينهم من المشاركة في التظاهرات التجارية الكبرى، من قبيل المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، والتي تفسح لهم المجال لتسويق منتجاتهم والتعريف بها، وكسب قاعدة وفية من الزبناء. وفي هذا الصدد، نوه محمد بيوض، رئيس التعاونية الفلاحية "إخلاص" لتربية النحل وإنتاج العسل بإقليم اليوسفية (جهة مراكش آسفي)، بالدور الحيوي التي اضطلعت به المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مساعدته على إرساء وحدة لإنتاج العسل، موضحا أن هذا الدعم مكن التعاونية من رفع إنتاجيتها ومردوديتها، وإرساء آليات إنتاج العسل تتوافق مع مواصفات وشروط الجودة المعمول بها وطنيا ودوليا، مبرزا أن دعم المبادرة مكن التعاونية من تمثيل المملكة في مجموعة من المعارض الوطنية والدولية. وأكد بيوض أن مشاركته الدؤوبة في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، تشكل مناسبة سانحة لتسويق منتجاته، مشيدا بجهود المنظمين في توفير كل الشروط الضرورية لتمكين التعاونية من المشاركة في ظروف جيدة. من جهته، أشار جامع بوهاد، مسير تعاونية "تازدويت" لإنتاج العسل من جماعة سيدي عبد الله البوشواري (إقليم شتوكة أيت باها)، إلى أن المبادرة وفرت لتعاونيته كل التجهيزات اللازمة لإنتاج العسل، موضحا أن هذا الدعم مكن التعاونية من تنويع إنتاجها في مادة العسل، ليشمل مجموعة من الأصناف المعروفة والمطلوبة في السوق الوطنية والدولية. وأشاد بوهاد بالمواكبة المستمرة التي تقدمها المبادرة الوطنية، إلى جانب مكتب الاستشارة الفلاحية، لاسيما في تسهيل مشاركة تعاونيته وتعاونيات إقليم شتوكة أيت باها في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، معتبرا هذا الموعد السنوي مناسبة ثمينة لا محيد عنها لتسويق منتجات التعاونية، نظرا للعدد الكبير للزوار الوافدين. من جانبها، أعربت الطاهرة الشرقاوي، مسيرة تعاونية "كسكس الميمة"، المتخصصة في صناعة الكسكس التقليدي من أبي الجعد (إقليم بني ملال خنيفرة)، عن امتنانها للمساعدة القيمة التي قدمتها المبادرة لتعاونيتها، إذ وفرت لها الدعم المادي اللازم لاقتناء كل معدات إنتاج الكسكس ومواد التغليف وتجهيزات التخزين، مشيرة إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سهرت على مواكبة التعاونية بعد تأسيسها، حتى مكنتها من الارتقاء بمستواها ورفع إنتاجيتها وقدراتها التسويقية. وبخصوص مشاركتها في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، أكدت أن التعاونية استطاعت الظفر بسمعة طيبة بين زوار المعرض، مضيفة أن رواق تعاونيتها يشهد إقبالا هاما، مما يمكنها من تسويق منتجاتها بشكل أكبر وكسب زبناء جدد. ويشكل المعرض الدولي للفلاحة موعدا سنويا هاما للتعريف بالمنجزات التي حققها المغرب في القطاع الفلاحي، وفرصة للاطلاع على التطور الذي تسجله التعاونيات سنة تلو أخرى، بعد إطلاقها من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فضلا عن أنه مناسبة لتنظيم اللقاءات بين مهنيي القطاع لمناقشة مستجداته ورهاناته. إقبال كبير على قطب الماشية عاينت "الصباح"، طيلة أيام الملتقى، استقطاب قطب تربية الماشية، أكبر عدد من الزوار، من الجنسين ومن مختلف الأعمار، الذين لا يتوقفون عن التنقل بين أروقته لاكتشاف مختلف السلالات الحيوانية المغربية والأجنبية، وكذا جميع الأنشطة البيطرية التي لها علاقة بالتغذية الحيوانية. هذا الجناح يتيح للصغار والكبار فرصة لاكتشاف جودة السلالات الحيوانية المتنوعة التي لا تخطئها العين، من حيث حجمها وتنوع أشكالها، التي تثير انتباه الزوار الذين يشدهم الفضول للاستفسار عن مصدرها ونوع السلالات التي تميزها عن غيرها، خاصة الأبقار والأغنام والماعز والإبل والخيول. ولا يخفي مربو الماشية اعتزازهم وافتخارهم بالمشاركة في هذا الملتقى، كما أنهم لا يترددون في تقديم أجوبة محددة للزوار حول مختلف أنواع السلالات الحيوانية المعروضة. هذا الملتقى الذي اعتبره أحد مربي الأبقار بـ "تيمحضيت"، (إقليم إفران)، مناسبة لإبراز مهاراته في تربية الأبقار والحفاظ على صحتها وجودتها، مشيرا إلى أن هذا الفضاء يقدم عرضا سنويا لأحدث الابتكارات والحلول التقنية، التي تعزز صحة ورفاهية الماشية، التي يسهر على تربيتها قبل تسويقها. ويعرف قطب "تربية الماشية" كذلك، الذي يوجد على مساحة تزيد عن 20 ألف متر مربع، مشاركة تنظيمات مهنية متخصصة في البحث الجيني، والتجهيز والبنيات التحتية الخاصة بتربية المواشي، بمشاركة لجن مهنية متخصصة في هذا المجال. كما يشكل القطب مناسبة لإجراء مسابقات بين المشاركين حول المحافظة على السلالة والجمالية تتيح للعموم متابعة أطوارها في جو يسوده الحماس والمنافسة الشريفة. وتحرص لجان تحكيم على اختيار أفضلها، باعتماد معايير دقيقة، هذا ما يفسر حرص المربين على استيراد أنواع من الأبقار والعناية بنوعية العلف الذي يقدم لها. ولا يتاح لأي مرب الحضور إلى قطب المواشي بالمعرض الدولي، إذ أنه قبل الحلول بذلك الفضاء، يتوجب اجتياز عتبة المسابقات الجهوية، التي تشرف عليها لجان مكونة من مربين وممثلين عن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ومصالح وزارة الفلاحة. وتتكلف الوزارة بكل ما يتعلق بعلف ونقل قطعان الحيوانات المشاركة في الملتقى الفلاحي الدولي بمكناس، ويتم اختيار الرؤوس التي تعرض في الملتقى، من قبل لجنة تابعة للجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، ويحصل العارضون على مبلغ مالي "غير أنه قليل"، حسب أحد الكسابين. حميد بن التهامي (مكناس)

المنتوج المحلي “نجم” معرض الفلاحة

تعاونيات وجمعيات رائدة تساهم في تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء القرويات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"عقيدة" اللامبالاة

"بوليساريو"... من الوهم إلى الانهيار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات