وزير التشغيل والإدماج الاقتصادي أكد أن تحسين وضعية موظفي ثلاثة قطاعات سيكلف 14 مليار درهم أكد يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن اتفاق 30 أبريل غير محصور في الإجراءات الآنية، بل مرتبط بتأسيس سيرورة جديدة للعمل وإدارة الحوار من أجل تحقيق المصلحة العامة. وأكد سكوري في حوار مع «الصباح» أن الإجراءات المتعلقة بتحسين الوضعية المادية لشغيلة ثلاثة قطاعات هي الصحة والتربية الوطنية والتعليم العالي، ستكلف ميزانية الدولة 14 مليار درهم، وأن قانونا تنظيميا للإضراب سيرى النور قريبا. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني ترى العديد من الأصوات أن الحوار الاجتماعي يواجه مأزقا بسبب عدم تنزيل كل الالتزامات الواردة في اتفاق 30 ابريل. كيف ترد الحكومة على هذا الإخلال؟ هل يمكن أن نعرف طبيعة القرارات الحكومية الجديدة؟ > الحوار الاجتماعي مكن من تخصيص 14 مليار درهم وهو رقم غير مسبوق للرفع من أجور وتحسين وضعية زهاء نصف مليون من الموظفات والموظفين والزيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5 % و في القطاع الفلاحي ب10 % في السنة الماضية. الحوار الاجتماعي هو الذي سوف يمكن من الزيادة في الحد الأدنى للأجر ب 5%في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن مقرونة ب 5 % أخرى بالنسبة إلى القطاع الفلاحي، وسوف نتعبأ من أجل احترام المشغلين لهذه الزيادة في شتنبر 2023. الحوار الاجتماعي هو الذي مكن من إزالة الحيف على عشرات الآلاف من الشغيلة في القطاع الخاص والقطاع العام عبر العشرات من الإجراءات. هل يمكن ان تتحدثوا لنا عن هذه الإجراءات؟ > بخصوص قطاع الصحة الذي تميزت شغيلته بتعبئة كبيرة أثناء الأزمة الصحية فقد تم تحسين وضعية الأطباء من خلال تغيير الشبكة الاستدلالية للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان بتخويل المعنيين الرقم الاستدلالي 509 وتفعيل هذا الإجراء على مدى سنتين. كما تم تسريع وتيرة الترقي للممرضين وتقنيي الصحة: تم نشر مرسوم في هذا الشأن وسيتم صرف مستحقات المعنيين بالأمر فور توصل الوزارة بالاعتمادات المالية المخصصة للترقية. وبخصوص قطاع التعليم العالي فقد تم الرفع من حصيص الترقي ليصل إلى 40% من الأساتذة الباحثين المستوفين للشروط المطلوبة، وذلك من أجل تمتيع الأساتذة الباحثين بمسارات مهنية جذابة ومحفزة. وفي الإطار نفسه تم إحداث درجة جديدة في إطار أستاذ التعليم العالي من أجل تعزيز جاذبية المهنة والرفع من التعويضات النظامية الممنوحة للأساتذة الباحثين ب 3000 درهم، يتم سدادها على 3 دفعات وفي ما يتعلق بقطاع التعليم المدرسي, فقد تم إقرار تعويض مادي لتحفيز الفريق التربوي للمؤسسات التعليمية المميزة قدره 10.000 درهم صافية في السنة، أي ما يعادل 833 درهم صافية شهريا وبالإضافة إلى هذه الإصلاحات الثلاثة عملنا على تحسين أجور وظروف العمل لفئات واسعة من الموظفات والموظفين كانوا يعانون حيفا وأخص بالذكر: - حذف السلم 7 بالنسبة للأعوان الإداريين والمساعدين التقنيين؛ - رفع حصيص الترقي في الدرجة إلى 36% في الوظيفة العمومية؛ - إقرار رخصة الأبوة مدتها 15 يوما مدفوعة الأجر في الوظيفة العمومية؛ - تحديد قائمة الأمراض التي تخول الحق في رخصة المرض المتوسطة الأمد؛ - الرفع من قيمة التعويضات العائلية بالنسبة للأبناء الرابع والخامس والسادس إلى 100 درهم في الشهر لفائدة الموظفين والعسكريين ومستخدمي الدولة والبلديات والمؤسسات العمومية. إذن لا أرى المأزق الذي يمر به الحوار الاجتماعي. أما إذا كان اختلاف في وجهات النظر بين الأطراف فهذا طبيعي جدا لأن النقابات وأرباب العمل ليسوا جزءا من الأغلبية الحكومية، فثقافة الحوار الاجتماعي تقتضي أن تكون هناك اختلافات في التقدير ولكن الأرقام التي قدمتها هي أكبر دليل على أن الحوار يعمل وينتج كل يوم مكاسب للشغيلة المغربية، والحكومة ملتزمة بالإنصات للشركاء الاجتماعيين، بغية تذليل الصعاب بكل مسؤولية وشفافية، لهذا كانت جولة أبريل مهمة وأساسية من أجل تحديد المسار الذي ينتظرنا جميعا الأشهر المقبلة في هذا الموضوع. أجمعت النقابات على اعتبار التدابير الحكومية دون مستوى مواجهة الغلاء، حيث ركزت شعارات فاتح ماي على موضوع القدرة الشرائية. كيف تردون على انتقادات المعارضة والنقابات؟ > الوضعية الاقتصادية والدولية معروفة لدى الجميع، والإكراهات المناخية أصبحت واقعا لا مناص منه و يعتبر تأخر عدد من الإصلاحات التي كان من المفترض أن تقوم بها حكومات سابقة كإصلاح قطاع الماء سببا مباشرا ينضاف إلى الأسباب الأخرى التي تفسر إكراهات في بعض المجالات، ولكن ورغم هذا كله فالحكومة تحترم آراء النقابات، التي تقوم بدورها الطبيعي بنقل مطالب فئات واسعة من المواطنات والمواطنين في الفضاء العام، ونحن واعون بصعوبة الوضعية الاقتصادية، وخصوصا آثارها على القدرة الشرائية للمواطنين. لكن ما نريد التأكيد عليه هو أن الحكومة قامت بمجهودات بتكاليف كبيرة، من أجل الحد من ظاهرة الغلاء وحماية هذه القدرة الشرائية. وقد لا يسع الحيز هنا لذكر جميع الإجراءات بتفاصيلها، لكن يمكننا على سبيل المثال لا الحصر التذكير باستمرار دعم أسعار مجموعة من المواد الأساسية مثل غاز البوطان بتكلفة أزيد من 22 مليار درهم وبالملموس فالدولة تساهم بحوالي 90 درهما عن كل قنينة غاز يقتنيها المواطن. ولقد استطاعت الحكومة الحفاظ على استقرار أسعار الكهرباء عبر ضخ 5 ملايير درهم لفائدة المكتب لوطني للكهرباء والماء في حين نرى مجموعة من الدول بما فيها الأكثر تقدما لم تستطع تجنب هذه الزيادات. ومن أجل الحد من تأثير أسعار الطاقة على باقي المواد الاستهلاكية, فميزانية الدولة تتحمل تقريبا 75 درهما في كل 100 درهم، و125 درهما في كل 200 درهم يدفعها المواطن في فاتورة الماء والكهرباء. دون أن ننسى الدعم الذي قدمته الحكومة للحفاظ على أسعار بعض المواد الأساسية، كما هو الحال بالنسبة للسكر( 4 ملايير و 800 مليون درهم)، وكذا القمح ( 10 ملايير و500 مليون درهم). قامت الحكومة بدعم مهنيي قطاع النقل الطرقي بغلاف استثنائي بقيمة 5 ملايير درهم. كما قامت أيضا بتعبئة غبر مسبوقة من أجل مراقبة الأسعار في كافة التراب الوطني. ليس هذا فقط، بل حرصت الحكومة على حماية المستهلك ومحاربة كل تلاعب واستغلال لوضعية ارتفاع الأسعار، حيث تتبعت اللجنة الوزارية المركزية عن كثب تطور الأسعار من خلال حملات مكثفة في الأسواق في مختلف مناطق المملكة، بالإضافة إلى التدخلات المهمة جدا التي قامت بها اللجان المحلية للمراقبة، إذ في الفترة ما بين يناير إلى دجنبر 2022 تم: • تنظيم المراقبة بأزيد من 300.000 نقطة بيع، • حجز تقريبا أكثر من 1100 طن من المواد غير قابلة للاستهلاك أو الفاسدة، • ضبط أكثر من 12.400 مخالفة. طرحت النقابات مطالب الزيادة العامة في الأجور لمواجهة الارتفاع المتواصل في الأسعار. لماذا لم تلتزم الحكومة بهذا الاتفاق، وتأجيله إلى القانون المالي المقبل؟ > التزمت الحكومة سياسيا وأخلاقيا في إطار الاتفاق الاجتماعي وبدأت بتنزيل هذه الالتزامات، إذ أن الإجراءات المتعلقة بتحسين الوضعية المادية لشغيلة القطاع العام شملت أكثر من نصف مليون من الموظفين في قطاعات الصحة والتربية الوطنية والتعليم العالي وستكلف ميزانية الدولة 14 مليار درهم، وهو رقم غير مسبوق. أما بالنسبة للقطاع الخاص فقد عملت الحكومة على المبادرة والرفع من الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5 % ، وفي القطاع الفلاحي ب10 % في lلسنة الماضية. كما عملت الحكومة على حل إشكالية طالت ومست أزيد من 80 % من المتقاعدين، الذين كانوا محرومين من معاشاتهم، لا لشيء إلا لأنه لم يكن بمقدورهم بلوغ شرط 3240 يوم اشتراك في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهو ما يناهز 11 سنة من العمل، إذ خفضت الحكومة هذا السقف إلى 1320 يوم اشتراك، وهو ما يناهز 4 سنوات من الاشتغال فقط. بل أكثر من ذلك، فقد عملنا على ضمان استرجاع الاشتراكات التي كان يؤديها المشغل لهاته الشريحة من المواطنات والمواطنين، وقد أعلنت الحكومة عن رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص ب 5%في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5 % مقرونة ب 5 % أخرى بالنسبة للقطاع الفلاحي، وستتعبا من أجل احترام المشغلين لهذه الزيادة في شتنبر 2023. تأتي هذه الإجراءات تنفيذا لالتزامات الحكومة وتنضاف إلى كل المجهودات المشار إليها في السؤال السابق حول دعم استقرار الأسعار والقدرة والحفاظ على القدرة الشرائية، ورغم الوضعية الصعبة فإن الحكومة اقترحت إطلاق أعمال لجنة خاصة تسمى لجنة اليقظة الاجتماعية، من أجل تدارس كل السيناريوهات لدعم الطبقة العاملة وقدرتها الشرائية، في أفق قانون المالية المقبل، في إطار الوضوح والشفافية والمسؤولية. مبادرات التشغيل خففت الأزمة سعت الحكومة إلى إطلاق عدد من البرامج والاوراش لتوفير شغل ولو مؤقت. ما هي تقيمكم الأولى لتلك البرامج وحجم الغلاف المالي الذي حصص لها؟ > بالفعل ونظرا لمخلفات الأزمة الصحية على سوق الشغل قامت الحكومة بإخراج مجموعة من البرامج الهادفة إلى تخفيف آثار الأزمة على شرائح واسعة من المواطنين وهكذا فقد استفاد من برنامج أوراش في نسخته الأولى أزيد من 100 ألف مواطن ومواطنة 60 % منهم في العالم القروي وزهاء 30 % منهم نساء؛ وتحرص الحكومة على مواصلة تنفيذ هذا البرنامج الذي رصدت له حوالي خمسة ملايير درهم، وهو مجهود مهم أعطى ثماره لأنه مكن عشرات الآلاف من المقصيين من سوق الشغل، والذين في معظمهم لا يحملون أي شهادة للولوج إلى عمل لائق والاستفادة من التغطية الصحية والاجتماعية. والمؤمل من النسخة الثانية من برنامج أوراش إدماج أكبر عدد من هذه الشريحة في إطار عقود عمل طويلة الأمد، عبر منح موجه للمقاولات لتشجيعها على تشغيل هؤلاء الباحثين عن شغل. علاقة متوازنة من بين الملفات التي تؤرق أرباب العمل، تأخر إصدار قانون للإضراب. أين وصل المشروع؟ > نحن نعمل بشكل دؤوب منذ مدة من أجل إخراج القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود، في إطار توافقي ومسؤول، ووفقا لما يقتضيه الدستور والقانون. هذا القانون التنظيمي سيرى النور قريبا، مع العلم أن الحكومات السابقة لم تستطع إخراجه إلى الوجود، منذ تضمينه في الدستور. وأملنا أن يؤسس هذا القانون التنظيمي لعلاقة متوازنة أولى أولوياتها هي الحفاظ على حقوق الشغيلة في ممارسة حق الإضراب، مع عدم الإضرار بالحقوق المشروعة كذلك لممارسة حرية العمل، وأولويات الاقتصاد الوطني، كما هو حال سائر بلدان العالم. في انتظار ذلك، ومن أجل تحسين وضعية الشغيلة، لا يمكن إغفال الإمكانيات التي تتيحها اتفاقيات الشغل الجماعية، والتي تتميز بأنها تتم على مستوى المقاولة، وتجمع بين مشغل وممثل المأجورين من أجل بناء مناخ اجتماعي سليم بآليات، تتجاوز ما هو منصوص عليه من حقوق في مدونة الشغل. ولهذه الغاية، عملت الحكومة على إصدار المرسوم بشأن إحداث الجائزة الوطنية لاتفاقيات الشغل الجماعية، بهدف تحفيز المقاولات والشركاء الاجتماعيين على توقيع والإنجاز الفعلي لما تتضمنه هذه الاتفاقيات لصالح الشغيلة والاقتصاد الوطني؛ كما أن العمل الذي تقوم به الحكومة من خلال تدخلات جهاز تفتيش الشغل مكن من تفادي اندلاع 484 إضرابا بـ 473 مؤسسة، والتي بلغ العدد الإجمالي لأجرائها 40909 أجيرا. كما تم تحرير 282 محضر تسوية كلية و119 محضر تسوية جزئية. تجنبنا إغلاق الشركات بعد الجائحة أدت تداعيات كوفيد 19 إلى إغلاق عشرات الوحدات الإنتاجية، لماذا فشلت آلية الحوار الاجتماعي محليا وجهويا في نزع فتيل التوتر؟ > تسببت الجائحة في زعزعة سوق الشغل، بعد إغلاق مجموعة كبيرة من الوحدات أبوابها. ولهذا، فقد كثفت الحكومة مجهوداتها من أجل تجنب حالات الإغلاق التي تؤدي إلى حرمان العمال من وظائفهم، بل وتحسنت ظروف العمل في احترام للقانون وكرامة الأجراء وحقوقهم. معالجة النزاعات تم إنجاز عدد مهم من زيارات المراقبة خلال السنة الاجتماعية المنتهية، مكنت من معالجة 57.884 نزاعا فرديا، وإيجاد تسوية لـ 65.450 شكاية من أصل 129.338، أي بنسبة تسوية بلغت %51 . كما تم إرجاع 4930 أجيرا مطرودا إلى مناصب عملهم. وترجع أهم أسباب الشكايات المتعلقة بنزاعات الشغل الفردية خلال هذه الفترة إلى الفصل من العمل بـ 54487 شكاية أي بنسبة%42 من مجموع الشكايات، تليها الأجر بـ 27815 شكاية، أي بنسبة %21، فمدة الشغل بـ 14229 شكاية، أي بنسبة %11، ثم عقد الشغل وتنظيم العمل بـ 11817 شكاية، أي بنسبة %9. أما بالنسبة إلى النزاعات الجماعية للشغل، التي تمت معالجتها، خلال الفترة المرجعية نفسها، على مستوى آليات المصالحة الأخرى، فقد بلغ عددها على مستوى اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة 157 نزاعا تمت تسوية 60 منها، في حين بلغ عدد النزاعات المحالة على اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة 24 نزاعا تمت تسوية 07 منها. وبالرجوع إلى السؤال، فإن الدينامية الخاصة بتنظيم الشغل موجودة، لكن ينتظر أن تأخذ طابعا آخر، بعد الاتفاق على إصلاح مدونة الشغل.