إيمان أغوتان: المعركة ثقافية تربوية

< على امتداد 17 سنة من مساري المهني، لم يسبق لي نهائيا أن واجهت عراقيل أو تعرضت لصعوبات، فقط لأنني امرأة. ربما لأنني ولجت المهنة مسلحة بالتكوين الأكاديمي وبدبلوم المعهد العالي للإعلام والاتصال، الذي حصلت عليه وسني 21 سنة، مما يسر علي مسألة الولوج وأعطاني الثقة لا على مستوى فترة التدريب أو حين اشتغلت مراسلة لقناة أبو ظبي أو أثناء عملي في قناة "ميدي 1 تيفي" منذ 2006، إذ كنت أحظى دائما بالتقدير لكفاءتي والاحترام لشخصي. وأتصور أن الأمر لا يختلف كثيرا في العديد من المجالات الأخرى، اللهم بعض البنيات أو المهن الهشة، أو بالنسبة إلى النساء اللواتي ولجنها بدون شرط التكوين والشهادات. لكن هذا لا يمنع من الحديث عن وجود بعض الاستثناءات لنساء يتعرضن للتحرش الجنسي أو الابتزاز أو التمييز في الأجر أو حتى الحرمان من بعض الحقوق الأساسية المرتبطة بالأمومة، في بعض المهن. شخصيا، اخترت مهنة فيها الكثير من المتاعب والإكراهات، لكنني أمارسها مثلي مثل زميلي الرجل. أسافر في مهام خارجية وأسهر إلى ساعات متأخرة في التصوير وأتنقل كثيرا، لكني أتحمل مسؤوليتي ولا أختبئ وراء أنني امرأة، أو أتهرب من بعض المهام بمبرر أنها قد تؤثر على حياتي الشخصية أو على أسرتي. للأسف، هناك بعض النساء يطلبن أن يعاملن بامتياز، فقط لأنهن نساء. أتفهم الظروف الصحية الطارئة أو فترة الأمومة، لكنها تبقى فترات عابرة. يجب على النساء أن يخاطبن الآخر بالكفاءة والتكوين الأكاديمي وإيمانهن واعتناقهن قيم الكد والعمل. هذا لا يمنع من القول بوجود بنيات نفسية غير سوية في بعض المؤسسات والمقاولات. < صراحة، لا يمكن إلا الإشادة بما تحقق للمرأة المغربية خلال العقدين الأخيرين. لا يمكن إلا أن نكون راضيات نسبيا عما تحقق خاصة على مستوى مدونة الأسرة التي تحتاج اليوم إلى مراجعة. يمكننا أن نتحدث أيضا عن التنصيص الدستوري على المساواة أو على المناصفة ولو أننا لم نستطع أن نصل إليها إلى اليوم. هناك أيضا ارتفاع وتحسن في عدد من المؤشرات المرتبطة بتعليم النساء وعملهن والتمكين السياسي والاقتصادي لهن بولوجهن لعالم المقاولات وعديد من المهن التي كانت حكرا على الرجال. هناك العديد من الإيجابيات التي يمكن أن نثمنها بكل صدق. لدينا اليوم وزيرات يشكلن نحو ثلث التشكيلة الحكومية بفضل "الكوطا"، ولو أن لدي موقفا منها. النساء اليوم موجودات في البرلمان بغرفتيه وممثلات في عدد من المؤسسات. وهذه كلها أمور جيدة. لدينا قانون لمناهضة العنف ضد النساء، ولو أن العديد من الأسئلة مطروحة حول تنزيله. لكننا، في الوقت نفسه، لا زلنا شاهدين على العديد من الظواهر التي تضعنا أمام مشهد متناقض، ولا يمكن إلا أن ندق بخصوصها ناقوس الخطر. فرغم وجود القانون والتنصيص على المساواة ورغم الحملات التحسيسية والتوعية بحقوق النساء، لا زالت لدينا نساء معنفات بأرقام مهمة جدا، وما زال القضاء لا ينتصر لهذه الفئة. لا زالت لدينا ظاهرة تزويج الطفلات القاصرات، ولا يزال الهدر المدرسي منتشرا في صفوف الفتيات... ما زالت لدينا نساء يتوفين في لحظة الولادة لأنهن لا يتمتعن بأبسط حقوق الصحة الإنجابية. ما زال هناك الكثير من القتامة يسيطر على المشهد. لدينا أيضا العديد من المشاكل المرتبطة بقضايا الحريات الفردية. هناك تناقض تام بين كل ما تم إنجازه بالنسبة إلى فئات معينة من النساء حظين بقسط وافر من التعليم ونجحن في مهنهن وأتيحت لهن العديد من الفرص، وبين فئات أخرى لا تتمتع بأي مستوى تعليمي، فقط لأنها بعيدة عن المركز، ويعشن وسط الفقر والهشاشة ويعانين كل أشكال الانتهاك للحقوق والعنف بشتى أنواعه. لقد تحقق الكثير بالنسبة إلى المرأة في المغرب، لكن ما زال أمامنا الأكثر. < المعركة يجب أن تكون ثقافية تربوية بامتياز، وتستلزم منا الكثير من الجهود. نريد أن نراهن على الأجيال المقبلة لتكريس قيم المساواة وتنشئتها على المناصفة والمساواة واحترام حقوق النساء وتمكينهن منها. أمامنا الكثير من الاجتهادات القانونية على مستوى تنزيل النصوص. ليس هناك أكثر من التنصيص على المساواة والحقوق، لكن يجب تبيئتها. وهو المجهود الذي من الضروري أن يبذل عبر مختلف قنوات التنشئة الاجتماعية، سواء على مستوى الأسر التي عليها أن تراجع الكيفية التي تربي بها أبناءها، أو على مستوى الإعلام الذي ما زالت صورة المرأة من خلاله مرتبطة بتسليع جسد وكيان المرأة لأغراض تجارية محضة. علينا أن نراهن اليوم على المحتوى الرقمي. هناك أيضا دور المساجد ودور الشباب والإنتاجات الدرامية والأغاني والمسرح وكل ما يصب في إطار التنشئة، فجميعها يجب أن تعزف على نغمة واحدة ولحن واحد هو الانتصار لحقوق النساء. نحتفل اليوم ب8 مارس، ولو أن لدي موقفا منه. فقضية المرأة ليست مرضا نادرا أو مشكلة مناخية أو خاصة بكائن مهدد بالانقراض حتى نخصص لها يوما في السنة. وإلا لماذا لا نخصص للرجل عيدا سنويا أيضا للنهوض بوضعيته وحقوقه. يجب تجاوز هذا المنطق. فالمرأة مواطنة أولا وقبل كل شيء، مثلها مثل الرجل، يساهمان في بناء الأسرة والمجتمع والوطن والإنسانية. يجب القطع مع مثل هذه التصورات، فالأمر يتعلق بمعركة ثقافية تربوية في مجتمع ما زال إلى اليوم ينتج أعطابا مختلفة في علاقته بالمرأة. أجرت الحوار: نورا الفواري *إعلامية ومقدمة برامج ونشرات إخبارية على قناة "ميدي 1 تي في"

إيمان أغوتان: المعركة ثقافية تربوية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بلمو: الجنس أثناء الحمل قد يؤدي إلى الإجهاض

عائشة لخماس: تقدم طفيف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات