التعليم … من الاستقلال “خرج مايل”

عابد الجابري فكك المسألة التعليمية ورأى أن عجلة تطورها توقفت انشغل المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري، إلى جانب اهتماماته الفكرية والفلسفية، بالمسألة التعليمية من منطلق أنه اشتغل بالتدريس وظهر له أول مؤلف حول إشكالات التعليم بالمغرب بعنوان “أضواء على مشكل التعليم بالمغرب” في 1973، درس جوانب الاختلال في المنظومة التعليمية آنذاك واصفا إياها ب” المشكل المزمن”. وعمد الجابري في هذا الكتاب إلى تقديم تحقيب مفصل لمسار التعليم بالمغرب بدءا بتراجع التعليم الديني خلال فترة الحماية حيث عمل الاستعمار الفرنسي على التأسيس لمنظومة تعليمية معينة يمكن أن تستمر في خدمة مصالحها، عن بعد، حتى بعد إعلان الاستقلال. ويرى أن كل هذا أدى إلى ظهور مفترق ثقافي وبالتالي بزوغ تيارين، وصف الأول بأنه تعرف على الشرق بواسطة الغرب، بينما تعرف الثاني على الغرب بواسطة الشرق، حيث انبهر التيار الأول بالغرب باعتباره قوة وحضارة معاصرة فحاول بالتالي مجاراته، في حين بقي الثاني متمسكا بالثوابت الدينية والقومية باعتبارها مجد التاريخ والأجداد، ليتشكل “الانفصام في الشخصية المغربية”. ويرى صاحب "نقد العقل العربي" أن التعليم المغربي، منذ تاريخ الاستقلال السياسي الرسمي في 1956، لم يتغير من حيث فعاليته التنموية، وأدائه المعرفي والعلمي، مرورا بمرحلة السبعينات، التي كانت إلى حد ما، قوية و بمثابة الشعلة المضيئة.. في تاريخ التعليم المغربي، أظهر خلالها هذا الأخير نوعا من التطور النوعي، فيما يخص المستوى التعليمي، والأدائي للمؤسسة التعليمية التربوية والتكوينية المغربية، الشيء الذي يفسر إجهاض هذه المحاولة التعليمية المتقدمة و المتنورة، التي كانت تطمح إلى النهوض الفعلي، بأوضاع التعليم المغربي، و بالتالي تمكنوا نتيجة لذلك من إقبار كل الآمال الشعبية، بالعمل على الدفع بالتعليم و بقيم الفكر و العلم إلى خندق عميق مظلم، اتسم بكل مواصفات التيه والفوضى واللامسؤولية والارتجال، أي إرجاع التعليم المغربي إلى فترة سابقة على ما قبل الحماية و الاستعمار. بمعنى أنه راهنت الدولة المغربية هنا على، " تكريس الأمية اختيارا لاتقاء بطالة الخريجين" حسب تعبير الجابري. والمفارقة أن الكثير من الإشكالات التي طرحها الجابري قبل أزيد من أربعين سنة، ما زالت تراوح مكانها، ولم نستطع تجاوزها رغم توالي العقود وبرامج الإصلاحات. و هو ما جعل المفكر المغربي يعود في 2003، في العدد 13 من كتيبه الصغير، الذي عنونه "مواقف"، حيث دون سيرته الذاتية الفكرية، لطرح المشكل نفسه متسائلا عن سر هذه المفارقة الغريبة، التي ميزت الحقل التربوي والتعليمي المغربي، حيث لم يتأثر بالتطورات الواضحة، والتغيرات السريعة، والتحولات الكبيرة، التي شهدها ولا يزال يشهدها، العالم من حوله وكأن عجلة التاريخ و الزمن المغربيين، قد توقفا منذ رحيل المستعمر الفرنسي. عزيز المجدوب

التعليم … من الاستقلال “خرج مايل”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التعليم الخاص... من تأديب إلى "بريستيج"

بالواضح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات