الأداء قـبـل الـدواء !

أطباء يمسكون عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر ومرضى يضعون الشيك ضمانة للدفع بعض المصحات الخاصة تستحق لقب “مجزرة عمومية”، فيها يتم التلاعب بمصائر المرضى وعائلاتهم ويتعرضون لكل أشكال النصب والسرقة والممارسات المخالفة للقانون، بحثا عن الربح السريع الذي يتحقق عادة باستغلال وضعيات اجتماعية. ورغم أن القانون المغربي ينظم المسؤولية القانونية والجزائية للأطباء فإن أخلاقيات المهنة يُفترض أن تبقى أكبر من القانون نفسه، باعتبارها تقوم على مجموعة من الأعراف التي تضع الحق في الحياة وتقديم المساعدة للمرضى، فوق كل اعتبار مادي أو مكسب آني. أخلاقيات شكلت على الدوام الوازع القيمي الذي يؤطر المهنة وتضمن الحق في الولوج إلى الخدمات الصحية أولا، وإن تعلق الأمر بمصحات انزاحت عن الطابع الإنساني للمهمة وغلبت البعد التجاري لخدماتها. في القانون يمكن أن تنشأ المسؤولية الطبية الجزائية إذا ما عرض الطبيب المريض لخطر غير مبرر، ويستوي ذلك أن يكون التعريض للخطر بفعل أو امتناع، حيث إن تعريض حياة شخص للخطر بواسطة سلوك سلبي، أي عن طريق الامتناع، يتمثل في جنحة عدم تقديم مساعدة لشخص في حالة خطر. وقد نص الفصل 431 من القانون الجنائي المغربي، على أن "من أمسك عمدا عن تقديم مساعدة لشخص في خطر رغم أنه كان يستطيع أن يقدم تلك المساعدة إما بتدخله الشخصي، وإما بطلب الإغاثة دون تعريض نفسه أو غيره لأي خطر، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من 200 إلى 1000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط". في هذه الحالة يعاقب القانون الأشخاص العاديين الذين يمسكون عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، فما بالك بالأشخاص المهنيين الذين يفترض أن وظيفتهم الأساسية هي تقديم هذه المساعدة. ففي كثير من المصحات الخاصة، يمسك الأطباء عن التدخل الجراحي لإنقاذ المريض إلى حين أن يدفع مقابلا ماديا، فالإمساك عن تقديم مساعدة لشخص في خطر مازال يتكرر في الكثير من هذه المصحات التجارية الخاصة. وكما يجرم القانون المغربي الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر (المريض)، فإنه يمنع التعامل بالشيك، كورقة تجارية، على سبيل الضمانة، إلا أنه ومع ذلك تصير بعض العائلات فريسة للمصحات الخاصة، إذ يكون الدفع قبل الخدمة في كثير من الأحيان. وتأسيسا عليه يشدد الفصل 544 من القانون الجنائي على أن "من أصدر أو قبل شيكا بشرط ألا يصرف فورا وأن يحتفظ به كضمانة، يعاقب بالعقوبات المقررة في الفقرة الأولى في الفصل 540؛ على أن لا تقل الغرامة عن قيمة الشيك". ووفق منطوق هذا الفصل فإن القانون يعتبر قبول الشيك بمثابة نصب واحتيال. تدليس تلجأ بعض المصحات الخاصة إلى وسائل تدليسية أخرى في حق المريض، إذ لا يكفي بعض الجشعين الإمساك عن تقديم مساعدة للمريض إلا بعد الدفع، أو التدخل الطبي شريطة وضع شيك ضمانة على الدفع لاحقا، في حالات الاستعجال، بل يصبح البحث عن غرفة في المصحة عملية تجارية بدورها، إذ يُلزم المريض بتأجير غرفة من الدرجة الأولى، بدعوى أن باقي غرف المصحة محجوزة، وتنضاف إليها أتعاب مالية جديدة مقابل خدمة غرفة "VIP". طبعا لا تختلف هذه الأخير عن باقي الغرف إلا بكرسي أو مزهرية: لوازم التدليس ! إحسان الحافظي

الأداء قـبـل الـدواء !

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قانون المزاولة...للاستئناس فقط

الملـف الطـبـي... "سيـر ضيـم"

مقالات ذات صلة