خلص المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى ضرورة مراجعة النموذج المغربي الخاص بالتدبير المفوض. وكشف تقرير للمجلس حول "التدبير المفوض للمرافق العمومية في خدمة المرتفق"، وجود العديد من معيقات نجاح تجربة التدبير المفوض، "الذي لجأت إليه الدولة منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما تزايدت وتيرة ابتعاد الدولة عن التزاماتها لفائدة القطاع الخاص، ليتم إبرام عقود تدبير مفوض، لم تكن مواكبة بترسانة قانونية".وفيما تساءل مجلس البركة، في تقريره الذي أعد بإحالة من رئيس مجلس النواب، عما إن كان توسيع مجال تدخل القطاع الخاص في المرافق العمومية، تملصا للدولة من مسؤولياتها وتهديدا لمصالح المستخدمين والمواطنين المرتفقين على حد سواء، شدد على أن "المرفق العمومي يقع تحت المسؤولية الدائمة للدولة، التي تؤسس دولة الحق"، سواء على مستوى ضمان الولوج إلى المرفق، أو على مستوى جودته، داعيا إلى ضرورة أن تنص جميع أشكال تفويت هذه المرافق العمومية، بما فيها عقود التدبير المفوض، على اللجوء عند الاقتضاء، ومبدأ التعويض في حال فشل الفاعل المفوض إليه، ضمانا لاستمرارية المرافق العمومية وجودتها. ذلك أن"الدولة هي التي تضمن الحق في الولوج إلى المرافق العمومية، التي يجب أن تستجيب إلى معيارين أساسيين: معيار العالمية المعمم، ومعيار مراعاة القدرة الشرائية للمواطن".ولتجاوز جوانب القصور التي تطبع التجربة المغربية في التدبير المفوض، اقترح المجلس البدء بإنجاز دراسات قبلية حول شكل التدبير الأنسب للمرفق العمومي، أي "اللجوء إلى تدبير مباشر، أو الاعتماد على وكالة مباشرة تتولى التدبير بكيفية مستقلة، أو إبرام عقد للتدبير المفوض، أو اللجوء إلى عقد شراكة بين القطاعين العام والخاص". وإذا ما اتفق على الاحتفاظ بالتدبير المفوض كصيغة من صيغ تدبير المرفق العمومي، أوصى المجلس بالقيام بتحليل قصد تحديد الشكل الأنسب للتدبير المفوض (عقد الامتياز، عقد الإيجار، عقود التدبير أو الخدمة، وإمكانية خلق شركة للتنمية المحلية، تتولى تدبير المرفق العمومي، "من شأنها إضفاء الطابع المهني على العلاقة بين المفوض والمفوض إليه"). وفي ما يخص اختيار صيغة تدبير المرافق العمومية المحلية، شدد بخصوصها المجلس، على ضرورة تمكين الجماعات الترابية وتجمعاتها من حرية اختيار صيغة التدبير الملائم لها من أجل استغلال مرافقها العمومية، التي يشترط أن تراعي استمرارية المرفق والمساواة والإنصاف، وتضمن السلامة والجودة وحقوق المستهلكين والمرتفقين، وان تكون متبوعة بتقييم شامل.ولضمان نجاح عقد التدبير المفوض، اشترط تقرير المجلس، تحقيق المزيد من الانسجام بين النصوص التي تنظم الصفقات العمومية، التي يجب أن يتم استبدالها بإطار تشريعي شمولي يهم مجموع وسائل الصفقات العمومية. هجر المغلي