انتهى المؤتمر الوطني للعدالة والتنمية قبل أن يبدأ، حين حسم الأمين العام في التحالفات المقبلة بخبط على الأرض بعكازته الطبية، وهو يقول (بمزاج عال)، إن حضور رئيس التجمع الوطني للأحرار والكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الجلسة الافتتاحية خط أحمر. لم ينتظر عبد الإله بنكيران لا ورقة سياسية، ولا وثيقة مرجعية، ولا مشروع رؤية للمرحلة والمستقبل، ولا نقاشا داخليا حرا بين المؤتمرين، ولا بيانا ختاميا، للحسم في واحد من أهم المواقف السياسية حساسية في حياة الأحزاب: أي التفكير الذكي في خارطة التحالفات في نظام انتخابي لا يمنحك كثيرا من "المناورات". منذ الآن، سيكون على العدالة والتنمية (سواء ببقاء أو رحيل بنكيران)، خوض الانتخابات المقبلة ضمن دائرة تحرك ضيقة، لا وجود فيها للتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي، وربما أحزاب أخرى ستدفعها حساباتها للاختيار بين العدالة والتنمية وبين "المغضوب عليهم". لقد وضع بنكيران العدالة والتنمية، منذ الآن، خارج جميع الحسابات والسيناريوهات، وحكم عليه بالوقوف أمام أعتاب تجربة جديدة من "البلوكاج"، حين قال للأحزاب الأكثر حظا في احتلال رتب أولى في الاستحقاقات المقبلة، إنها مرفوضة وغير مرغوب فيها، ولا يفكر حتى في حضورها، رمزيا، في جلسة افتتاح مؤتمر، والأحرى أن يدخل معها في مفاوضات حول تشكيل حكومة ما بعد 2026. فلنفرض، على سبيل المثال، أن العدالة والتنمية استعاد عافيته، وأقنع قواعده وقياداته بالعودة إلى التنظيم، وأنجز حملة تعبئة واسعة في صفوف الناخبين، يحقق خلالها نتائج مهمة في الانتخابات، تبوئه الرتبة الأولى واستدعاء عضو منه من قبل الملك لتعيينه رئيسا للحكومة (الفصل 47 من الدستور). قد يكون ذلك خيارا مطروحا على المستوى الانتخابي، لكن قد يكون صعبا تطبيقه سياسيا في وجود حزب حسم، مسبقا، شكل تحالفاته، وحكم على جزء من الأحزاب أن يكون موقعها المعارضة، ولو تعلق الأمر بأحزاب احتلت الرتب الثانية والثالثة تباعا، وفق نتائج الانتخابات نفسها. في هذه الحالة، سيكون العدالة والتنمية (الذي قطع شعرة معاوية مع حزبين كبيرين) أمام خيارين: إما التحالف مع شتات أحزاب صغيرة لتشكيل الأغلبية، وهو أمر غير ممكن من الناحية التقنية والعملية، وحتى السياسية. أو تفادي "البلوكاج" المذل، بالتذلل أكثر إلى التجمع الوطني والأصالة المعاصرة والاتحاد الاشتراكي، ما يعني قبولا مسبقا بمزيد من "الشروط". بمعنى، أن الأحزاب التي رفضت جلوسها في الصفوف الأولى لجلسة افتتاح مؤتمر، هي التي ستتقاسم معك حصة كبرى من طاولة مجلس الحكومة، رغما عنك. "شفتي خبيط العكاز فين كيوصل أسي بنكيران". للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma