وأنت تحمل صورتك، أو صورة ابنك، أو نجمك "السياسي" والرياضي المفضل على تطبيق "شات جي بي تي"، لتصنع منها هوية كارتونية "مسلية" وفق نموذج "غيبلي" الياباني، لا تنس أيها العربي/المغربي بأن لك نصيبا في هذا "الإنجاز" العالمي. اعلم أن "غيبلي"، التي اختارها "هاياو ميازاكي"، المخرج الياباني (1941) اسما لـ"أستوديو" إبداعاته في الرسوم المتحركة والكارتون وسط طوكيو، مستوحاة من كلمة "قبلي" باللهجة الليبية (بكسر القاف)، وتعني الريح العاتية القادمة من غرب الصحراء، ونقول في المغرب، أيضا "الشركي"، أي الريح الساخنة الآتية من الشرق. لقد ترك "هاياو ميازاكي" جميع الأسماء في اليابان، ورحل إلى إيطاليا، التي أغرم بطائراتها الحربية، واحدة منها يطلق عليها "طائرة الصحراء"، واسمها "كابروني كا.309"، وتلقب، أيضا، بـ"قبلي" استخدمت، خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، في ليبيا وشمال إفريقيا، وتحديدا، بين 1937 و1943. لا يهم كم قتلت هذه الطائرة المفضلة لدى "موسوليني"، في تلك الفترة، من مواطنين ليبيين عزل في الجبال والسهول والوديان، أو كم حققت من نتائج "عملياتية" ناجحة بلغة القوات العسكرية الجوية، بل الأهم أنها تحولت إلى علامة تجارية بيد يابانيين مهووسين بأفلام الكارتون والرسوم المتحركة التي غزت جميع البيوت الأسيوية والغربية والعربية، وتحولت لدى الأطفال في العالم إلى أسلوب حياة. قد يكون كل ذلك، مجرد تفاصيل صغيرة في لعبة كبيرة، نتسلى بها جميعا هذه الأيام، ونصنع بها صورا كارتونية مشابهة لنا، أو نحاول أن تكون مشابهة لنا، ونسرع لنشرها وتوزيعها في مواقع التواصل الاجتماعي، أو في مجموعات داخلية لتطبيق "واتساب". لا بأس أن نعرف "خلفية" النشأة وأسباب النزول والقصة منذ بدايتها، وكيف يستطيع البعض أن يلف لك اسما دمويا لطائرة مقاتلة في ورق هدايا، لكن الأهم أن نستمر في التحميل، وضخ أكبر عدد من الصور في أحشاء "شات جي بي تي"، والانتظار دقائق، لتطلع عوضها، صور كارتونية بأسلوب "غيبلي". لا نعرف، بالتحديد، أين تذهب صورنا الشخصية وصور أصدقائنا وأبنائنا المحملة، وأي قناة خفية تبتلعها وسط "شات جي بي تي"، لكن نواصل اللعبة بالشغف نفسه. نلعن أسعار المحروقات التي ترفض النزول، وننزل مزيدا من الصور في استوديو الرسوم المتحركة، وندعو على الحكومة بالويل والثبور، بسبب الساعة الإضافية، ونضيف صورة جديدة لـ"غيبلي ستيل"، ونمشي في مسيرة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وننقر على رأس صديقنا الذكاء الاصطناعي لصنع مزيد من "الأنيمي" (مختصر الرسوم المتحركة). نغضب ونحتج ونستنكر، لكن لا ننسى أن نولد مجموعات أخرى من "الكارتون"، حتى فاقت الطلبات في العالم العربي جميع التوقعات، وتكاد الخوادم تنفجر من فرط الإلحاح العربي على تحوير الصور، كي ننجز أكبر هروب.. من الواقع إلى "الكارتون". للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma