رئيس جماعة تمصلوحت بإقليم الحوز أمام جنايات مراكش لتبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة تحفل محكمة جرائم الأموال بمراكش بعدد من القضايا، التي تميط اللثام عن منتخبين سقطوا في المحظور، بعد أن اختاروا عدم إعمال الرقابة الذاتية والخضوع لأهواء شخصية، ضمنها الاستقواء بصلاحيات ممنوحة وفق القانون وما يصاحب ذلك من ارتكاب أخطاء قاتلة، أدت إلى تبديد أموال عمومية، والرغبة في الاغتناء السريع على حساب المال العام باستغلال النفوذ في صفقات مشبوهة، سرعان ما تنقلب على صاحبها لتصير سلسلة تلتف حول عنق صاحبها. إعداد : محمد بها (موفد الصباح إلى مراكش) من بين القضايا التي أثارت انتباه طاقم "الصباح" وهو يحاول سبر أغوار ملفات تتعلق بجرائم الأموال، قضية رئيس جماعة تمصلوحت بإقليم الحوز، الذي مازال يصر على مواصلة تدبير الشأن العام بتوليه كل ما يخص شؤون الجماعة، رغم الجدل الذي أثاره إثر سقوطه في المحظور، سواء بعد قرار إدانته من قبل غرفة الجنايات الاستئنافية بالحبس النافذ، أو من خلال تورطه في ملف جنائي جديد يتعلق بـ"تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعين تحت يده بمقتضى وظيفته". ومن خلال جلسات المحاكمة التي يتابع فيها رئيس المجلس الجماعي لتمصلوحت بإقليم الحوز، في حالة سراح أمام غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يتضح أن الملف يحمل عناصر التشويق والإثارة، بعدما سيتم الكشف عن عناصر إثبات ضد الرئيس المتهم، الذي يحاول تبرئة نفسه من التهم الموجهة إليه والمرتبطة بتسييره الشأن العام المحلي. استدعاء الوكيل القضائي تنظر غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، الجمعة المقبل، في ملف رئيس المجلس الجماعي لتمصلوحت بإقليم الحوز، الذي يتابع من أجل جنايتي "تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته". وينتظر أن تشهد جلسة المحاكمة التي تأتي بعد قرار المحكمة استدعاء الوكيل القضائي، تطورات مهمة لكشف ملابسات إهدار المال العام وسرقته، بعد استغلال المتهم صفته للقيام بسلوكات تحولت إلى أفعال جنائية تقتضي المتابعة والإدانة. تهمة استغلال النفوذ من الأخطاء القاتلة التي طوقت عنق رئيس المجلس الجماعي لتمصلحوت بإقليم الحوز، وأدت إلى وقوعه في مأزق يصعب الخروج منه، إثر دخوله في رحاب "جرائم الأموال"، بتهم ثقيلة، تورطه في ارتكاب اختلاس وتبديد أموال عمومية وتلاعبه بالمال العام لتحقيق الاغتناء غير المشروع، عبر صفقات مشبوهة. وتقررت متابعة رئيس جماعة تمصلوحت، بعد انتهاء جلسات التحقيق التفصيلي الذي باشره معه يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال باستئنافية مراكش، بناء على ملتمس الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، حيث خلص التحقيق التفصيلي إلى تورط المتهم في "جنايتي تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته"، لتتم إحالته على غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالمدينة الحمراء، لمحاكمته في حالة سراح في العشرين من يوليوز الماضي، قبل أن تتوالى الجلسات بعد ذلك، والتي تميزت باستدعاء رئيس الجماعة المتهم والمجلس الجماعي تمصلوحت المطالب بالحق المدني والوكيل القضائي للمملكة، باعتباره طرفا مدنيا. وتأتي متابعة رئيس المجلس الجماعي لتمصلوحت، بناء على ملتمس الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، على خلفية شكاية تقدم بها (ح. ك) العضو بالمجلس الجماعي ذاته، يتهم فيها رئيس الجماعة بـ"التورط في صفقات الفساد والاغتناء غير المشروع عبر استغلال منصبه، حيث خلص التحقيق التفصيلي إلى تورط المتهم في "جنايتي تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته" لتتم إحالته على أول جلسة لمحاكمته في حالة سراح في العشرين من يوليوز 2023. إدانة واستئناف في ملف جنائي ولأن المصائب لا تأتي فرادى، يبدو أن قدر رئيس جماعة تمصلوحت بإقليم الحوز، أن يشد الرحال من إقليم الحوز لزيارة مراكش ليس لعقد صفقات وشراكات مع المؤسسات المنتخبة والقطاعات الحكومية والوزارية، بل للتردد على محكمة جرائم الأموال بالمدينة الحمراء، التي أصبح واحدا من روادها بصفته متهما مطلوبا للمثول أمام هيأة المحكمة، من أجل محاكمته بتهم جنائية ثقيلة. ومن المفارقات العجيبة، أن رئيس جماعة تمصلوحت الذي يتابع في حالة سراح أمام غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، من أجل "تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته"، هو المتهم نفسه الذي يتابع في ملف آخر، يتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية أمام غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال، بعد إدانته في المرحلة الابتدائية في 16 يونيو 2021، بثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة، قدرها 100 ألف درهم. خمسة أسئلة: وهابي: زمن الإفلات من العقاب انتهى المحامي بهيأة الجديدة أكد أن المتابعات لم تستثن وزراء سابقين ورؤساء جهات ورؤساء جماعات ومسؤولين كبارا قال رشيد وهابي، المحامي بهيأة الجديدة، إن أجراس ترتيب المحاسبة ضد كل من يمس المال العام بأي وجه من الأوجه، قد دقت في بلادنا. وأضاف وهابي في حوار مع "الصباح" أن أغلب الجرائم المالية، تتم المحاكمات فيها أمام غرف الجنايات، وهذا يعني أن أقل عقوبة فيها يمكن أن تصدر فيها قد تصل إلى خمس سنوات، وأكبرها يمكن أن تساوي سنين عديدة أو أكثر من عقد من السجن، مشددا على أن من يُدان بهذه الجرائم يحكم عليه بشكل شبه نهائي بعدم أحقيته مستقبلا في أن يكون منتخبا أو يتولى مسؤولية في الدولة. وأوضح المحامي بهيأة الجديدة، أنه حتى لو رد إلى المدان اعتباره، وأراد الترشح، سيكون قد مر زمن طويل على آخر مرة تولى فيها المنصب، وسيكون حظه في الفوز بالاستحقاقات الانتخابية مستبعدا جدا. في ما يلي تفاصيل الحوار: ماهي قراءتكم للمحاكمات التي تتعلق بجرائم المال العام، هل يمكن اعتبارها بداية لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ رغم أن النصوص المعاقبة على الجرائم المالية التي يمكن أن يرتكبها الموظف أو من هو في حكمه، في القانون الجنائي هي قديمة قدمه، فإن تفعيل هذه النصوص وتحريك المتابعات المتعلقة بالأفعال التي تجرمها، كان نادرا ما يستعمل، وكان الأمر يتم في بعض الأحيان بشكل مناسباتي، كما هو الحال في السبعينات حينما تمت محاكمة مجموعة من الوزراء والمسؤولين، وكذا قضية محاكمات بعض الموظفين ورؤساء الجماعات قبل 2010. ولكن بعد دخول بعض الأفعال غير المشروعة إلى دائرة التجريم، وانخراط المغرب على المستوى الدولي في محاربتها باعتبارها جرائم غسل الأموال، بعد صدور القانون المجرم للأفعال التي تجعل الجريمة قائمة سنة 2007، وصدور دستور 2011، الذي ربط المسؤولية بالمحاسبة، وبفعل الدينامية التي أصبح يعمل بها المجلس الأعلى للحسابات في العقد الأخير، وتفعيل دور المحاكم المالية، وتوسيع قاعدة القضاة بها، أصبحت عجلة تحريك المتابعات في جرائم الأموال تتحرك بشكل أسرع من السابق، والعمل على الانتقال بتأن وسلاسة من تسطير المتابعات في هذه الجرائم وفتح جلسات المحاكمات في هذه الملفات، بخلاف ما كان سابقا، فرفع سيوف الملاحقة القانونية فيها، كان يحتاج إلى قوانين وتكوين أطر وقضاة ومحاكم وأطر نيابات عامة مكونين على دراسة هذه الملفات وتسطير المتابعات فيها، وتأهيل القضاة للبت في هذه الملفات، حتى لا يتم الحكم على موظف أو من في حكمه من رؤساء جماعات ومنتخبين بآليات قانونية لا تسعف وبأطر بشرية جاهلة بقوانين المحاسبة والمالية وقوانين الأعمال والبحث في الجرائم المالية بطرق لا تسعف فيها الطرق التقليدية للبحث في الجرائم التقليدية. كيف ذلك؟ بعد أن أثمر الإعداد والاستعداد لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، باتت أعيننا تقع على أخبار تقريبا شبه أسبوعية على محاكمات متعلقة بهذه الجرائم المالية، يتم النظر فيها من قبل غرف جنائية مختصة في هذه الجرائم، بعد أن بحثت فيها ضابطة قضائية مختصة وقضاة تحقيق مختصين فيها، وتُنظر فقط أمام محاكم استئنافية كبيرة معدودة على أصابع اليد، والمشتبه في ارتكابها منهم من يعتقل ومنهم من يتابع في حالة سراح، وقد تتبعنا كيف أن المتابعات شملت وزراء سابقين ورؤساء جهات ورؤساء جماعات ومسؤولين كبارا. أعتقد كما يعتقد الكثير أن أجراس ترتيب المحاسبة ضد كل من يمس المال العام بأي وجه من الأوجه قد دقت في بلادنا. هل يمكن القول إن العقوبة يجب أن تشدد في حال تورط شخص واحد في ملفات جرائم الأموال نفسها؟ يجب أن نتفق جميعا على أن أغلب الجرائم المالية، تتم المحاكمات فيها أمام غرف الجنايات، وهذا يعني أن أقل عقوبة فيها يمكن أن تصدر فيها قد تصل إلى خمس سنوات، وأكبرها يمكن أن تساوي سنين عديدة أو أكثر من عقد من السجن، ومن يُدان بهذه الجرائم يحكم عليه بشكل شبة نهائي بعدم أحقيته مستقبلا في أن يكون منتخبا أو يتولى مسؤولية في الدولة، وحتى لو رد إليه اعتباره، وأراد الترشح، سيكون قد مر زمن طويل على آخر مرة تولى فيها المنصب، وسيكون حظه في الفوز كمنتخب مستبعدا جدا، بحكم ابتعاده الطويل عن ساحة الانتخابات التي يجب أن تبقى دائما في قلبها لكي تحافظ على حظوظك في الفوز، أما في حال ارتكاب الشخص لجرائم مالية متعددة ويُحاكم في الوقت نفسه عنها جميعا، فالقانون الجنائي المغربي، يمنحه بطاقة معاقبته على الجريمة الأشد بعقاب واحد فقط، حتى ولو أدين بكل الجرائم المالية المتابع بها، ودون أن يفرد لكل جريمة عقاب ينزل على المتهم، وتجمع عقوباتها جميعا ليقضيها في السجن، كما يجري الحال في بعض من الدول. ماهي قراءتكم لتولي شخص رئاسة مجلس جماعي بمعنى تدبير الشأن العام المحلي، رغم إدانته في ملف سابق؟ يجب أن نتفق جميعا على أن المتهم بريء حتى تتم إدانته بحكم مبرم، فإذا أدين، ولم يتبق له سلوك أي طريق من طرق الطعن، فأهليته الانتخابية تسقط مع هذا الحكم لفترة طويلة وفي بعض الأحيان بصفة نهائية، وهنا لا يجب عليه أن يكون مرشحا ومنتخبا، فبالأحرى أن يكون رئيسا، ولكن في بعض الأحيان قد تتم إدانة شخص معين في الجنايات ويتم تأييد الحكم عليه أمام غرفة الجنايات الاستئنافية، ويطعن بالنقض في القرار الصادر ضده، ويتم نقض قرار إدانته، لأن محكمة النقض قد تعتبر أن الأفعال التي أتاها لا تدخل في خانة الجريمة المتابع بها، أو أن هذه الجريمة قد ينقصها عنصر مهم بدونه لا يمكن أن تقوم للجريمة قائمة، فيتم نقض حكمه، ويرجع الملف إلى محكمة الاستئناف، التي تقضي ببراءته انسجاما مع قرار محكمة النقض، ويصبح بريئا بعد أن ظل لعدة سنوات وهو مدان بتلك الجريمة. وكل منع له من الترشح في غياب قرار إدانة صريح ضده ونهائي مر من كل المراحل التي سلكها المتهم، سيكون ظلما في حق هذا المرشح. هل تقتضي متابعة متهمين ضرورة منعهم من الترشح وتولي مسؤوليات سبقت إدانتهم بسببها؟ المتابعة وحدها لا تكفي لمنع شخص من الترشح، لأن الفضاء الذي تجري فيه الانتخابات وبعض الأشخاص الذين يدخلون غمارها، قد يتسلحون بأسلحة حرب الإشاعة الكاذبة ضد خصمهم السياسي، أو يكونون من محترفي الشكايات الكيدية ضد خصومهم وضد من يزاحمهم في المناصب التي يحلمون بتبوئها، وقد يستعينون بشهود زور، حتى تتم متابعة خصومهم ومحاكمتهم وإدانتهم من قبل القضاء، ومن شأن الوقت أو المدة الطويلة أن تكشف مخططاتهم الإجرامية بعد تراجع الشهود أو تحرك ضمائرهم أو ثبوت زيف شهادتهم، لذلك أعتقد أن منع شخص معين لمجرد متابعته، والتشجيع على ذلك، قد يشجعان الخصوم السياسيين غير الشرفاء على العمل بشكل كبير على تقديم شكايات كيدية وغير حقيقية ضد خصومهم، حتى يتم منعهم من الترشح. أما من أدين بشكل نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به، يصبح بحكم القانون ممنوعا من الترشح وتولي المناصب، وتتكلف السلطات الممثلة في وزارة الداخلية والعمالات بالوقوف ضد ترشحهم. في سطور: < محام بهيأة الجديدة < دكتور في الحقوق < أستاذ باحث في القانون < أصدر العديد من المؤلفات والكتب والمجلات التي تهتم بالثقافة القانونية والقضائية