لن يكون احتضان المغرب لنهائيات كأس إفريقيا أهم رهان خلال السنة المقبلة، على صعيد القارة، إذ هناك رهان أكبر، بالنظر إلى السياقات الدولية والإقليمية المتسارعة في صالح السيادة الوطنية على الأقاليم الجنوبية، بشكل يتيح أحسن الفرص لتوجيه ضربة قاضية لخصوم الوحدة الترابية داخل الاتحاد الإفريقي. وتدرك الجارة الشرقية أن 2025 ستشهد تغييرا جذريا في خارطة التدبير السياسي والتنظيمي للاتحاد الإفريقي، لذلك فهي تسارع الزمن من أجل إحياء جبهة تآكلت بفعل توالي هزائمها، فقررت بعث رسائل حرب دبلوماسية على المغرب بدأت بتوجيه الدعوة إلى رئيس جنوب إفريقيا لتوجيه خطاب داخل برلمان الجزائر بغرفتيه. لكن إشارات مغربية مضادة خرجت من مجلس النواب تعلن حالة استنفار دبلوماسي في إفريقيا، إذ كشف ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، عند مناقشة الميزانية الفرعية للقطاع الذي يشرف عليه، أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج، أن المغرب سيعمل، خلال السنة المقبلة على تعزيز وجوده وتمثيليته داخل هياكل الاتحاد الإفريقي. ولم تقف المعلومات المقدمة أمام ممثلي الأمة بخصوص أجندة بوريطة عند ذكر الخطوط العريضة، بل إن الوزير قدم تفاصيل خطة تبدأ بتقديم ترشيح المغرب لنيل منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، بالموازاة مع تقديم المملكة ترشيحا آخر يرمي إلى تجديد عضويتها بمجلس السلم والأمن للفترة الممتدة بين 2025 و2028. ولن تشكل الخطة الجديدة قطيعة في سياسة المغرب الإفريقية المرتكزة على أساس البراغماتية والواقعية والمساهمة الفعالة في الدفع إلى الأمام بقطار التنمية في القارة، ما سيفرض تقوية الحضور السياسي للمغرب وتعزيز دوره في مجال الأمن والسلم، وتنحية كل الملفات التي تعيق هذا التقدم، وفي مقدمتها شبح الانفصال المسير عن بعد وخاصة على حدود المغرب، وبالتالي نزع فتيل بوليساريو الذي تستعمله الجارة الشرقية لتلغيم صفو العلاقات الإفريقية. ويسير المنتظم الأممي في توجه الدبلوماسية المغربية نفسه، إذ اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يجدد تأكيد دعمها للعملية السياسية الجارية تحت الإشراف الحصري لمجلس الأمن الدولي من أجل تسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، داعية كافة الأطراف إلى التعاون الكامل مع الأمين العام، بناء على القرارات التي اعتمدها مجلس الأمن منذ 2007، في إشارة إلى تقديم مقترح الحكم الذاتي من قبل المغرب. ويبقى الهدف الموالي في الأجندة الدبلوماسية سحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة، علما أنها خطوة تستلزم جهودا مكثفة ومرافعات بالحجج القانونية والواقعية. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma