اشتعلت، في الأسابيع الأخيرة، جبهات انتخابات من نوع خاص، يتهافت فيها مستشارون ورؤساء جماعات وأعضاء مجالس إقليمية وجهوية، للظفر برئاسة، أو على الأقل، عضوية مجموعات جماعية تتعلق بتدبير وتسيير المقابر. وتساءل أحد ممثلي سلطة الوصاية، في اجتماع بهذا الخصوص، عن السر وراء كل هذا الصراع المحتدم لنيل منصب رئيس مقبرة، ظنا منه أن المنصب تطوعي إحساني لا يسعى إليه إلا الباحثون عن أجر الآخرة، على اعتبار أن المقبرة اعتبرت دائما من الأمور البعيدة عن دائرة المصالح والمنافع. لكن كواليس صراع محتدم على رئاسة مجلس تعاضدية مقبرة الإحسان الكبرى بالبيضاء كذبت نظرية السلطة، إذ تجاوزت قيمة صوت كبار الناخبين في مرحلة اختيار المندوبين كل التقديرات بما فيها تلك المؤدية إلى انتخاب الجماعات الترابية، بذريعة أن للمنصب المتنافس عليها وضعا اعتباريا كبيرا يجعل صاحبه من علية القوم، أو كما وصفه أحد المستشارين الظرفاء "والي الأموات". الأكيد أن في منصب رئاسة مجموعة الجماعات الترابية، التي تعنى بتدبير وتسيير مقبرة الإحسان، الموجودة بتراب جماعة سيدي حجاج واد حصار، بإقليم مديونة، ما هو أهم من الوضع الاعتباري، لأن الأمر يتعلق بالمتحكم في زمام ميزانية سنوية تبلغ ملايين الدراهم، من خلال مساهمات قطاعات وجماعات ترابية عديدة. وستكون لرئيس جماعة "الموتى" الصلاحيات نفسها التي يمتلكها رئيس جماعات "الأحياء"، خاصة في مجال تمرير الصفقات المتعلقة بتدبير شؤون مشروع قدر غلافه المالي الإجمالي بـ 15.5 مليون درهم، دون احتساب ثمن أرض المقبرة الجديدة التي تبرع بها أحد المحسنين، وتمت هبتها من وزارة الأوقاف إلى جماعة البيضاء، على أن يتولى تسيير هذه المنشأة الممتدة على مساحة 118 هكتارا، مجلس مكون من منتخبين من بين أعضاء مجلس البيضاء ومستشاري جماعات إقليم مديونة ومجلسها الإقليمي ومجلس جهة البيضاء سطات. وبما أن الأغلبية ستكون حتما لمرشح جماعات إقليم مديونة فقد بدأت منذ مدة حسابات حزبية في بورصة أصوات تدبير القبور وشرع كل مرشح في تعبيد الطريق لمندوبين من حزبه في سباق الأمتار الأخيرة، عندما سيصوت مجمع مناديب لا يتجاوز عددهم العشرة على الرئيس. وفي خضم سوق أصوات أصحاب القبور يبدو أن المتنافسين على الرئاسة تناسوا بأن جماعات الأموات تقع، هي كذلك، في مرمى نيران رقابة المفتشية العامة لوزارة الداخلية، والدليل أن صدى لجانها مازال يتردد بين مكاتب عمالة إقليم مديونة بشأن مآل ملف خروقات في مالية جمعية كانت تشرف على مقبرة أخرى. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma