تأخر نبيل عيوش، كثيرا، في الإعلان عن "هويته"، مخرجا ومالك شركات إنتاج درامي وسينمائي، من جنسية فرنسية مقيما في المغرب. والواقع أن نجل إمبراطور الإشهار، نور الدين عيوش، لم يكن يرغب في هذا الوضوح الهوياتي، الذي لا يخدم "مشروعه الثقافي"، وكان ينوي الاستمرار في لعب دور البطولة في فيلم "قدم هنا وقدم هناك"، لولا قرار قصر الإليزي، الذي أنهى هذه الازدواجية، واستدعى المخرج الفرنسي الشاب، للالتحاق بلائحة الشخصيات الرسمية التي رافقت إمانويل ماكرون وزوجته بريجيت في زيارة دولة إلى المغرب. واحتل نبيل عيوش رقم 82 من لائحة الرسميين، ضمن فئة ممثلي عالم الفن والثقافة والرياضة والجامعة والعلوم ومنظمات المجتمع المدني، التي ضمت، أيضا الفنان الكوميدي جمال دبوز، والكاتب كريم أملال، والتشكيلية نور العيادي، والمنشط علي بادو، والكاتب الطاهر بنجلون ومغني "الراب" "لاغتيست"، والباحثة في علم الاجتماع، صباح أبو سلام، والكاتبة ليلى سليماني، وكيم يونس، رئيسة قناة "تي في 5 العالم". وبخلاف كل هؤلاء، الذين يكاد المغاربة يتعرفون عليهم من خلال أعمال ومشاركات وإبداعات فنية وروائية ومساهمات في الإعلام والنقاش العمومي ممهورة بطابع فرنسي محض، وبتمويل وجمهور فرنسيين، يشكل نبيل عيوش حالة "استثنائية"، لأن كل أعماله وأفلامه وبرامجه وسيتكوماته تنتج في المغرب ومن أجل الشعب المغربي، وبأموال دافعي الضرائب المغاربة، وفي مواضيع تمتح من الواقع الحقيقي للمغاربة، أو هكذا يردد في عدد من حواراته وخرجاته الصحافية، مدافعا عن "رؤيته الخاصة" للسينما والفن. ورفعا لكل لبس والتباس، ليس لنا أي مشكل مع دفاع عيوش "جينيور" عن رؤيته الفنية الخاصة، التي بلورها في عدد من الأعمال السينمائية المثيرة للجدل منذ "مكتوب"/1998، و"علي زاوا"/2000، و"خيل الله"/2013 و"غزية"/ 2017 و"آدم"/2019 و"علي صوتك"/ 2022، وحتى في "أزرق القفطان" لزوجته مريم التوزاني/2023، لكن الأمر سيكون بالوضوح "الفني" نفسه، لو كانت لـ"سي نبيل" الجرأة لإضافة كلمة "فرنسية" إلى "رؤيته"، لأن النقاش سيختلف آنذاك. إن اختيار نبيل عيوش في اللائحة الرسمية للرئيس الفرنسي، لا يمكن تفسيره، بأنه من أم فرنسية وأب مغربي فحسب، إذ هناك عدد من المغاربة في وضعية مشابهة، ولم نجدهم ضمن المرافقين الرسميين لماكرون، بل لأن هذا الشاب يمثل شيئا ما لفرنسا وهويتها ولغتها وثقافتها وزاوية رؤيتها للأمور في المغرب. لا نرغب في مد حبل التأويل إلى أقصى مدى ممكن، ونتساءل عن الحضور الطاغي للأعمال السينمائية لنبيل عيوش في جوائز "كان" و"الأوسكار"، أو التمويلات الفرنسية السخية، بل نطرح السؤال: لماذا يمول المركز السينائي المغربي وقنوات القطب العمومي أفلاما برؤية فرنسية موجهة إلى الجمهور المغربي، وجمهور "سيدي مومن" على وجه التحديد؟ الجواب القاطع في الرقم 82. يوسف الساكت للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma