بودن: الملك دعا إلى بلورة إستراتيجية شاملة لوضع حد لتشتيت الخدمات المقدمة لهم ركزت رؤية جلالة الملك محمد السادس خلال أزيد من عقدين ونصف، على الاهتمام بالشباب، باعتباره ثروة وطنية ورافعة لبناء المستقبل. وحرص جلالة الملك، منذ اعتلائه العرش على إعطاء توجيهات للحكومة ومختلف الفاعلين، من أجل وضع الشباب ضمن أولويات السياسات العمومية، وتعزيز مشاركتهم في مراكز صناعة القرار. وأوضح محمد بودن، أستاذ مختص في الشؤون السياسية، أن الرؤية الملكية الخاصة بالشباب، ركزت على تحقيق ثلاث أهداف مركزية، أولها تعزيز مقومات العدالة الاجتماعية والمجالية، بما ينعكس على انخراط الشباب ومساهمتهم الفاعلة، وثانيها الحرص على حقوق الشباب والدفع في اتجاه تنويع مداخل تمكينهم عبر السياسات والبرامج، على أن الهدف الثالث، هو تحفيز المشاركة المواطنة النشطة للشباب وترسيخ القيم المغربية لديهم. وأكد المحلل السياسي، في حديث مع "الصباح"، أن التوجهات الملكية حددت التدخلات المثلى لتمكين الشباب، سواء أفرادا أو جماعات، وتعزيز قدراتهم على المساهمة في نهضة المغرب، والمساهمة في نموذجه الاقتصادي والاجتماعي ولهذا الغرض، ما فتئ جلالته يحث الجهات المعنية على تعزيز الفرص التي تتيح للشباب استثمار إمكاناتهم، وتحقيق ما يصبون إليه في مجال المشاركة السياسية والاقتصادية، وتعزيز فرص الابتكار والتعلم وجودة الخدمات وصقل المهارات وريادة الأعمال. كما حظيت قضايا الشباب بعناية موصولة لجلالة الملك، الذي حرص على تزويد الشباب بأدوات النجاح والتميز في مختلف ميادين الحياة والعمل، وإعدادهم للمشاركة في مستقبل المغرب، برسالة قوامها الجدية والثقة والإرادة، من منطلق أن الشباب يمثل موردا رئيسيا للتنمية وعاملا حيويا للتطور الاجتماعي، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وضخ نفس جديد في مسار استشراف المستقبل. ويرى رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن الملك محمد السادس وضع الشباب دوما ضمن أولويات جلالته، ومبادراته المتعلقة بالتنمية البشرية والحماية الاجتماعية والرياضة وفي إطار أشمل من خلال الاهتمام بالمواطنين. إن الشباب، يضيف الباحث بودن، يمثل من منظور جلالة الملك محمد السادس، ثروة وطنية ينبغي العمل على استثمارها بشك أفضل، وإبراز دورها وإتاحة الفرص أمامها في كافة الميادين، ووضع الإستراتيجيات الكفيلة بإعداد الشباب لغد أفضل، وتحرير طاقاتهم وصهرها في الأوراش الوطنية، لتجسيد مواطنتهم الكاملة، واستثمار طاقاتهم وأفكارهم في الإبداع الفني والرياضي والابتكار العلمي. وأوضح بودن أن الملك سبق أن دعا في خطاب لمناسبة الذكرى 59 لثورة الملك والشعب، إلى بلورة إستراتيجية شاملة من شأنها وضع حد لتشتيت الخدمات القطاعية المقدمة للشباب، مؤكدا على ضرورة اضطلاع المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي المنصوص عليه في الدستور، بعد إنشائه، بوضع محاور هذه الاستراتيجية. وأكد جلالته هذا التوجه في خطب ملكية لاحقة، سيما خطاب افتتاح الدورة التشريعية في أكتوبر 2017، والذي يعكس الرؤية الملكية بخصوص الشباب، وحرصه على المصالح الفضلى لهذه الفئة العريضة من المجتمع. وطالب جلالته بإيلاء الأهمية لتطوير سياسة مندمجة للشباب تقوم بالأساس على التكوين والتشغيل، وإدماجهم في النموذج التنموي والاجتماعي بشكل كامل، وتحديد الآليات والتدخلات التي تساعد على إزالة العوائق، وتطوير بيئة حاضنة للشباب. ويمثل الشباب أزيد من ثلث تعداد سكان المغرب، ومن شأن الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، أن يحدد بدقة مختلف المؤشرات المتعلقة بهذه الفئة. وكما حظيت قضايا الشباب بعناية خاصة في الخطب والرسائل الملكية، فإنها مازالت تتمتع بالأهمية نفسها في رؤى جلالته وفي خطاب الذكرى 24 لعيد العرش، الذي سلط الضوء على الشباب المغربي، وفتح الآفاق أمامه في مجالات الإبداع و الابتكار، وتعزيز الأرضية المثلى لحصد نتائج غير مسبوقة، كتلك التي تحققت على المستويين الرياضي والصناعي، وتلك المكاسب الدالة في ملف الوحدة الترابية للمملكة. ويرى بودن أن التزام جلالة الملك ظل ثابتا منذ 25 عاما بدعم فئة الشباب، حتى تتمكن من استثمار طاقاتها وإطلاق العنان لإمكاناتها الإبداعية، وجعلها في صلب عملية التنمية قصد التغلب على مختلف التحديات وتقوية القدرات. وخلص الباحث في العلوم السياسية إلى أن الشباب يمثل الهواء النقي لأي مجتمع، وبالتالي فهو الدافع الحقيقي لتحقيق المزيد من المكاسب لفائدة القضايا الحيوية للمملكة تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، والعمل على ترك البصمة المغربية في الخارج، تمثيلا للنبوغ والانتماء المغربي، وتعبيرا عن الشخصية المغربية في أخذ زمام المبادرة البناءة. عناية بشباب إفريقيا بقدر عناية جلالته بالشباب المغربي، فإنه يولي اهتماما خاصا بالشباب الإفريقي من منطلق مسؤولية المغرب في المجتمع الدولي ومحيطه القاري، إذ سبق لجلالته أن أكد أن إفريقيا ماضية اليوم في طريقها، لتصبح مختبرا للتكنولوجيا الرقمية بما يمكن أن يغير وجه القارة، من خلال الانخراط الفعلي لشبابها المسلح، بروح الإبداع والإقدام. كما دعا جلالته في أكثر من مناسبة إلى جعل العناية بالشباب الإفريقي في صلب السياسات العمومية للدول. إن الرؤية الملكية لقضايا الشباب منسجمة مع خطة وأهداف التنمية المستدامة 2030 والأجندة الأفريقية، وكفيلة بتأمين أسباب الازدهار للشباب، بما يمكنهم من استثمار الفرص المتاحة والتغلب على التحديات الماثلة وجعل فضاءات الإبداع والابتكار وصقل المهارات، هي مكانهم الطبيعي للاستجابة لطموحاتهم اللامحدودة وشغفهم بالمستقبل. برحو بوزياني