يتواصل مسلسل سقوط رؤساء جماعات ترابية، الواحد تلو الآخر، من قبل القضاء الإداري، بعد مساطر توقيف أنجزها ولاة وعمال، إثر تقارير "سوداء" أصدرتها المفتشية العامة للإدارة الترابية. وأحال ولاة وعمال ملفات الرؤساء "المشبوهين" على الوكيل القضائي للمملكة، من أجل تفعيل مسطرة العزل، في انتظار إحالة بعض الملفات على محاكم جرائم الأموال. كل ذلك جميل جدا، ويأتي في سياق محاربة الفساد والمفسدين وربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن الاستفهام الكبير، الذي يحير كل من يعرف الحقائق الصادمة داخل بعض المجالس الغارقة في بحر من الفساد والريع، خصوصا بعض المجالس "الكبرى"، هو: لماذا لم تطلها يد المفتشية العامة للإدارة الترابية، ولم تحل ملفاتها على القضاء الإداري أو قضاء جرائم الأموال؟... والملاحظ أيضا أن "حملة" توقيف رؤساء جماعات عن ممارسة مهامهم الانتدابية، وإحالة ملفاتهم على المحاكم الإدارية، قصد عزلهم، لا تخترق رؤساء الجهات، (ليس كلهم طبعا)، إذ لا يوجد اسم واحد ضمن اللائحة "السوداء"، سواء كان رئيسا قديما، أو ممن يمارسون اليوم. هل يعني ذلك أن رؤساء الجهات، القدماء والحاليين، كلهم "نزهاء"، ويصلون على "هيدورة السبع"، وأن يدهم "نقية" لم تتطاول على المال العام، ولم "تخلوض" في تفويت الصفقات، إلى شركات ومقاولات الأصدقاء والمقربين (...)، وإلى أصحاب مكاتب الدراسات، الذين يربطون علاقات متشعبة مع بعض رؤساء الجهات، الذين تحول البعض منهم في زمن قصير، إلى ملياردير. هل المفتشية العامة للإدارة الترابية، التي مازلت تعيش "اليتم" منذ تعيين زينب العدوي، رئيسة للمجلس الأعلى للحسابات، لا تعلم بحجم الفساد المستشري في بعض مجالس الجهات؟ بكلمة، إن محاربة الفساد جزء لا يتجزأ، نعرف الكثير من الرؤساء، الذين حصلوا على الملايير من أموال الدعم من المديرية العامة للجماعات المحلية في عهد بعض ولاتها السابقين، قصد "تأهيل مدنهم"، لكنهم لم ينجحوا، سوى في تأهيل جيوبهم وحساباتهم البنكية، ولم يسقط منهم في الشباك، مع كامل الأسف، سوى القليل. وزير الداخلية، الذي تصله في كل مرة، أنباء غير سارة عن ممارسات رؤساء جهات ومجالس مدن كبرى ومتوسطة، أقسم بأغلظ أيمانه في أحد اجتماعات لجنة الداخلية أنه "لي فرط يكرط"، وأنه لن يتسامح مع أحد، مهما كان انتماؤه، وأن العقاب سيكون شديدا. والمؤمل أن يفعل الوزير شعار "لي فرط يكرط" مع الجميع، خصوصا مع بعض رؤساء الجهات والمجالس الإقليمية، الذين يزعمون في "الصالونات"، أنهم "محميون". عبد الله الكوزي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma