ما زال الستار لم يسدل بعد، على قضية "سامير"، ولم يقل المغرب كلمته الأخيرة في هذا الملف، بعد صدور قرار المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، القاضي بتمكين محمد حسين العمودي، رئيس مجموعة "كورال موروكو القابضة"، المالكة لأغلب أسهم مصفاة "سامير"، من تعويضات بـ 150 مليون دولار (ما يناهز 150 مليار سنتيم)، وهو القرار الذي، وإن رفض 94 في المائة من مطالب رجل الأعمال السعودي الجنسية الإثيوبي الأصل، فإنه لم ينصف المغرب، بالنظر إلى ما تسبب فيه هذا الشخص، حتى لا أقول المستثمر، من أضرار للاقتصاد الوطني وما تسبب فيه من خسائر لشركة ذات أهمية إستراتيجية للبلاد. لذا، فإن المغرب عازم على سلك كل المساطر للطعن في القرار ومتابعة العمودي بشأن الإخلال بالتزاماته، التي تعهد بها في العقد، الذي بموجبه تم تفويت "سامير" لمجموعة "كورال"، ومطالبته بأداء ما بذمته من ديون للزبناء والبنوك وحقوق الأجراء ومستحقات ضريبية لخزينة الدولة. هذه القضية يجب أن تشكل، مهما تكن النتيجة النهائية للمنازعة، درسا للمسؤولين المغاربة لوضع معايير وشروط واضحة في اختيار المستثمرين الذين يترددون على المغرب، فليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كل أجنبي مستثمرا ناجحا ويتعين الوثوق به وتفرش له الزرابي الحمراء ويمكن من كل التسهيلات، ولنا في العمودي خير مثال. لقد وفر له المسؤولون بالمغرب كل الظروف المطلوبة وأكثر، لغاية إنقاذ شركة كانت تعرف بعض الصعوبات، وإنعاشها وتطويرها بما يضمن الأمن الطاقي للمغرب، وأعطيت الأوامر لتذليل كل العقبات أمام هذا المنقذ المزعوم، ففتحت البنوك له أبواب التمويلات وتساهلت معه السلطات الإدارية ليتمكن من إعادة هيكلة المصفاة في وقت وجيز ورفع وتيرة إنتاجها، لكن هذه الحفاوة الزائدة عن حدها لم تكن في محلها، بل استغلها هذا الشخص أسوأ استغلال لنهب مقدرات الشركة وأصولها، ليحزم حقائبه بعد أن أغرق "سفينة سامير" في الديون ويغادر المغرب سالما غانما. الأدهى من ذلك، أنه لم يكتف بما نهب من أموال الشركة والمزودين والمستحقات الضريبية، التي فاقت، لوحدها، 45 مليار درهم، دون الحديث عن قروض البنوك وديون المزودين، بل قرر بكل وقاحة اللجوء إلى المركز الدولي لمنازعات الاستثمار للمطالبة بتعويضه عن الأضرار التي يدعي أن المغرب تسبب له فيها، عملا بالمقولة الشعبية "ضربني وبكا، سبقني وشكا". لكل ذلك، وجب أن يؤخذ الدرس، الذي لقنه العمودي للمسؤولين المغاربة، منهاجا في تقييم واختيار المشاريع المقدمة للجنة الوطنية للاستثمارات، التي يترأسها رئيس الحكومة. صحيح أن هناك منافسة شرسة بين الدول لجلب الاستثمارات الخارجية، لكن ليس بأي ثمن، فالقطاع الخاص الوطني خير ألف مرة من مستثمر أجنبي رأسماله شفوي. عبد الواحد كنفاوي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma