حول برلمانيون المؤسسة التشريعية، من مؤسسة لإنتاج التشريع والقوانين، إلى مؤسسة لـ "التسول وقضاء الحاجة"، وبات همهم الوحيد والأوحد، مد الوزراء بملفات ذات طابع شخصي، بدل مساءلتهم على ملفات ساخنة تشتم منها روائح فساد. يوم الاثنين الماضي، لم يغادر المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، فضاء البرلمان إلا بصعوبة كبيرة، بعدما حاصره أكثر من 10 نواب، كل واحد يتأبط ملفا من ملفات "الريع"، أو قضاء مصالح شخصية، لا علاقة لها بهموم وانشغالات الناخبين، الذين صوتوا لفائدتهم. والموقف نفسه، تعرض له محمد الصديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، الذي حل ضيفا، صباح أول أمس (الثلاثاء)، على لجنة القطاعات الإنتاجية، إذ أمطره نواب "غير محترمين" بجملة من المطالب، التي تصب في مصلحتهم. ويستعين وزراء بأعضاء في دواوينهم، لتدوين كل مطالب "نواب المشاريع"، وتركيب أرقام هواتفهم، من أجل المناداة عليهم، عندما تقضى حوائجهم في "الكتمان"، ويكون الجزاء بعد قضاء الغرض، هو الإطناب في مدح وشكر المسؤول الحكومي على المباشر. وبدل محاسبة الوزراء، ومحاصرتهم بأسئلة وتدخلات حارقة، ترفع من إيقاع ومستوى النقاش داخل المؤسسة التشريعية، التي تحولت في الولاية الحالية إلى غرفة لطرح أسئلة تافهة، تتكرر مطلع كل جلسة شفوية، يبادر "السادة النواب"، إلى نقل مشاكلهم ومشاكل شركاتهم ومقاولاتهم ومشاريعهم إلى "كولوارات" البرلمان، بعد "مطاردة" الوزراء والوزيرات في مشاهد تسيء إلى المؤسسة التشريعية. ذات مرة، لم يغادر فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بهو المؤسسة التشريعية، إلا بمشقة الأنفس. وضرب نواب ونائبات من مختلف الفرق النيابية، أغلبية ومعارضة، حصارا عليه، وأحاطوا به من كل الجهات، وتمت مطاردته، حتى وهو ينزل من الدرج الخلفي لمجلس النواب، وهناك من طارده، وهو يمتطي سيارته، رفقة سائقه الخاص. نادرا ما تجد وزيرا يصد صاحب طلب من نواب الشعب، إذ تتبعت عن قرب، حينما كنت أتبادل الحديث مع عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ردا قاسيا من وزير في حق برلماني من الأغلبية عرض عليه إعفاء ضريبيا لمقرب منه يملك شركة، لكن الوزير احمر وجهه، وأشبع البرلماني المعلوم، كلاما قاسيا، ورفض التجاوب مع طلبه، لأنه خارج القانون. والاستفهام المطروح الآن، متى سيتدخل رؤساء الفرق، لثني النواب عن استغلال المؤسسة التشريعية، لقضاء أغراض شخصية، من خلال الضغط على وزراء ومديري مؤسسات عمومية، بدل مراقبة العمل الحكومي؟ عبد الله الكوزي للتفاعل مع هذه الزاوية:mayougal@assabah.press.ma