إعادة النظر في منظومة المراقبة

دحمان قال إن التكنولوجيا عامل مساعد لكنها ليست السبب الرئيسي قال عبد الإله دحمان، عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي سابقا ل"الصباح" إنه ينبغي إعادة النظر في منظومة المراقبة ارتباطا بظاهرة الغش في الامتحانات. عن التدابير المتخذة لمكافحة الظاهرة ومحاور أخرى، يتحدث دحمان ل"الصباح" في الحوار التالي: رغم التدابير المتخذة لمكافحة الغش مازالت الظاهرة مستمرة.. > أعتقد أن التدابير المتخذة، لا تقدم فهما دقيقا للظاهرة، فالغش ليس ظاهرة مدرسية، بل هو ظاهرة مجتمعية والحلول يجب أن تركز على الحضن الأساس الذي تنتعش فيه، فهي تعبير عن اندحار قيمي وأزمة منظومة القيم في المجتمع. وظاهرة الغش في الامتحانات، من أكثر الظواهر السلبية المنتشرة في المؤسسات التعليمية في جميع أنحاء العالم. والغش ظاهرة عالمية عابرة للمجتمعات، وتتسع أثناء ضعف النظام القيمي السائد، وبالتالي تختلف طريقة معالجتها والتعامل معها من مكان لآخر. ويعد الغش في التعليم من أخطر المشاكل التي يواجهها النظام التعليمي، وأكثرها تأثيرا على المجتمع وعلى المتعلم نفسه، لأنها تعيد إنتاج القيم السلبية داخل المجتمع، وغالبا ما تترتب عن الغش مسلكية مركبة، تتمثل في ضم قيمة الغش إلى قيمة الكذب لمحاولته تبريره بحجج واهية وكاذبة. كما يشكل تعود المتعلمين على الغش في الامتحانات، إلى إفراز تداعيات سلبية في المجتمع، حيث يؤدي إلى الاتكالية على الغير، ويعجز عن الإبداع والإنتاج، كما تصبح ثقته بنفسه منعدمة وغير قادر على تحمل المسؤولية. ثم ليس المتعلم فقط من يتحمل المسؤولية، فقد تقع تسريبات من طرف راشدين للامتحانات. وهذا انحراف أخلاقي. هل يعتبر تطور الوسائل التكنولوجية من بين أسباب استمرار الغش؟ > التكنولوجيا عامل مساعد، لكنها ليست السبب الرئيسي، فالغش قبل التطور في آليات التواصل والتقنية المرتبطة به، كان نتاج حزمة من الأسباب المتعددة، من بينها تعقد منظومة الامتحانات الإشهادية وظروف وطبيعة المناهج التربوية المتبعة وطرق التدريس...وغيرها من الأسباب المرتبطة بالنظام التربوي الذي لا يساير التطور الحاصل في المنظومات التربوية العلمية، ثم قصور التصور المعتمد في تقييم التعلمات، وعدم تجديد آلياته. ومن جهة أخرى، عدم معالجة المعطى السكيولوجي المرتبط بالامتحان، حيث يعتبر مصدرا للخوف نتيجة مصيريته في حياة المتعلم، وبالتالي يحب التفكير في معالجة هذا التمثل المرتبط بالترهيب والتخويف، الذي يصاحب الامتحانات وعسكرة المؤسسات التربوية . هل يفرض التطور التكنولوجي تغيير منظومة مراقبة التلاميذ؟ > يجب إحداث تغيير جذري على المنظومة التي أدت إلى الغش، فلابد أن نغير الجانب النفسي، ونغير طرق التقييم والتقويم ونغير من نظرتنا للامتحانات، وهذا يتطلب تغيير مقاربة الامتحانات في شقها التربوي والتعليمي، وإعادة النظر في البيداغوجيات المرتبطة ببناء التعلمات والتوقف عاجلا عن الامتحانات بصورتها التقليدية التي ما زالت مستمرة . فتقييم التعلمات لا يعني تقييم الذوات والأشخاص، وبالتالي يجب أن نعد امتحانا لا تولى فيه الأهمية للبعد الكمي، كم هي نسبة التحصيل والتعلم. ولكن الأهم قياس درجة القدرات والكفايات الممتدة التي تمت تنميتها وغرسها . ألا تعتقد أن استمرار ظاهرة الغش نجحت في التقليل من جودة شهادة البكالوريا؟ > ليس الغش وحده الذي نجح في التقليل من قيمة شهادة البكالوريا، بل أداء المنظومة التربوية في شموليته وواقع تعليمنا، صحيح أنه يتطور لكنه ببطء، وبالتالي يجب أن نتعامل مع الظاهرة في الأول الذي هو المدرسة، لأن الغش منتج مجتمعي وقيمي، المدرسة تعيد تدويره عبر الأجيال، لذلك علينا أن نواجه الظاهرة بالاستناد إلى علم النفس كذلك، لأن أسباب الغش الأخطر فيها الجانب النفسي، والمقاربة الزجرية والقانونية لن تحل الإشكال، فالمتعلم الذي يشعر بضعف فهمه وتحصيله الدراسي وعدم الثقة في نفسه، يلجأ للغش والمتعلم الذي يتصف بعدم الجدية تجاه المدرسة يلجأ للغش. والمتعلم الذي يقصف بكثرة الواجبات الدراسية يمل من الدراسة ويلجأ إلى الغش والوصفات الجاهزة لمعالجة الامتحان. ناهيك عن الخوف والقلق من الامتحان والفشل فيه واستمرار قناعات غير تربوية في تأطير الامتحان من قبيل "عند الامتحان يعز المرء أو يهان". أجرت الحوار: أمينة كندي

إعادة النظر في منظومة المراقبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أيت منة: أعرف جيدا ما ينتظرني بالوداد

شبهات‭ ‬بالمرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬لـ‭ "‬أوراش‭"‬

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات