ما الذي تخشاه “بوليساريو” والجزائر؟

كل قادة "رقيبات الشرق" وبعض أعيان "تكنة" يخططون للانقلاب على إبراهيم غالي بقلم: الفاضل الرقيبي استعدادا لمؤتمرها المقبل، تحاول "بوليساريو" غض النظر عن مستويات الفشل التي بلغت درجات عالية في كل جوانب الحياة بالمخيم، حتى وإن كلفها ذلك أموالا طائلة. فقد تداولت صفحات متعددة صورا لحشود عسكرية كبيرة مدججة بأسلحة كثيفة تحاصر مخيم الداخلة الذي ستعقد فيه "بوليساريو" مسرحيتها المقبلة، منتصف هذا الشهر، وإلى جانب مليشياتها، تشارك فرق متعددة من الأمن العسكري الجزائري في محاصرة مخيم الداخلة والوقوف على تفاصيل التحضيرات، فمنذ الخميس الفارط لم تكف هليكوبترات حرس الحدود الجزائري عن التحليق فوق هذا المخيم الذي يبعد عن الرابوني بحوالي 140 كيلومترا، وهو يقع بين القاعدة الجوية بغار "الجبيلات" وكتيبة المشاة "عرك اقيدي". كما انتشرت شرطة "بوليساريو" على مداخل المخيم الصغير ومنعت الولوج والخروج دون إذن من مديرية الاستعلام والضبط الجهوية الجزائرية والتي يشرف عليها الضابط الجزائري المكلف بتأمين المؤتمر، وينتظر الإعلان عن مزيد من هذه الإجراءات خلال الأيام المقبلة وقبيل انطلاق الندوة السياسية بمخيم أوسرد. ورغم وقوع المخيمات بين العديد من القواعد العسكرية الجزائرية وإحاطتها بحواجز رملية ذات مدخل واحد وضبط الخروج والدخول إليها من خلال نظام قوائم التنقل التي يشرف عليها مكتب الاتصال العسكري بالناحية العسكرية الثالثة الجزائرية، فإن "بوليساريو" باتت تخشى من ثورة وشيكة في المخيمات، خصوصا مع تفاقم الوضع المعيشي وازدياد حجم الاحتقار الجزائري لكل ما هو صحراوي بالمخيمات. وبات حرس الحدود الجزائري يتعامل بغلظة وشدة وعنجهية مع الصحراويين فوق الأراضي الجزائرية، وهو ما قوض صورة قيادة بوليساريو لدى سكان المخيمات، إذ ظهر، أخيرا، أنها مجرد حلقة ضعيفة في سلسلة المتحكمين بالمشهد الداخلي للرابوني، فهذه الإجراءات المبالغ فيها تفيد بأن استعلامات الجزائر قد رصدت تذمرا وتمردا داخليا واسعا، خصوصا إذا ما علمنا أن قيادات وازنة في "بوليساريو" ترفض حتى اللحظة مقترحات إبراهيم غالي للمؤتمر. وطار غالي إلى الجزائر، مساء الثلاثاء الماضي، حاملا خارطة طريق للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها الرابوني منذ سنة تقريبا، وحسب مقربين من أمانة "بوليساريو"، فإن غالي عرض على الجزائريين تنحية عبد القادر من الجزائر وتعيينه بإسبانيا ليحل محله البشير مصطفي السيد بينما يخطط لإرضاء رقيبات الشرق بتعيين مصطفى سيدي البشير وزيرا للدفاع وللمحافظة على المحاصصة القبلية، علما أن أبرز المرشحين للوزارة الأولى هو عمر منصور الرجل الذي برز مؤخرا من خلال قربه من الجزائريين وتنفيذه لأجنداتهم المباشرة في المخيمات وموريتانيا. وبفعل عدم وضوح المشهد في الرابوني، وخروج صراع القيادات عن المألوف، فإن الاستنتاجات كثيرة والأخبار المتداولة تفيد بأن كل قادة "رقيبات الشرق"، وكذلك بعض أعيان "تكنة"، يحاولون الانقلاب على إبراهيم غالي في المؤتمر المقبل، وهو ربما ما يفسر رفع درجات الأمن حول محيط إقامة إبراهيم غالي ومخيم الداخلة الذي سيحتضن المسرحية المقبلة. ولا يستبعد متابعو الشأن الداخلي بالمخيمات احتمال إعادة سيناريو 1988، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، إذ أنه في تلك الحقبة قام محمد عبد العزيز باعتقال ثلثي قادة جبهة "بوليساريو" وزج بهم في السجون لمعارضتهم لمحاصصته القبلية التي اعتمدها أسلوبا في تقسيم النفوذ، ومع أن شخصية غالي تختلف تماما عن سلفه إلا أن الجزائريين وإنزالهم المكثف بالمخيمات وتوفيرهم لأعداد هائلة من قواتهم الأمنية لحماية مساعي غالي في السيطرة على "بوليساريو" ربما يكونون قد بعثوا برسائل لخصوم الرجل خصوصا بعد سابقة اجتماع أمانة بوليساريو لمدة خمسة أيام، دون أن تحقق أي إجماع عشية المؤتمر. وما يفسر هذه الحشود العسكرية والتمويلات الضخمة إنما هو خشية جبهة بوليساريو وعناصر المخابرات الجزائرية في المخيمات من قيام أي حراك مضاد قد يقلب الموازين ويبين حقيقة الإجماع المزعوم حول شخصية إبراهيم غالي، التي تأكد الصحراويون أنها مجرد وهم كبير خدعوا به ذات صيف في 2016، فخلال السنوات الأخيرة، تكشفت خيوط شخصية الرجل، فهو ليس إلا مغتصبا ومجرما جر سكان المخيمات إلى جملة من الأحداث والمشاكل التي لا يزالون يعيشون في ظلها حتى اللحظة، فقد فشل على جميع الأصعدة وأظهر "بوليساريو" على حقيقتها وأدخلها في دوامة كبيرة جدا والخاسر الأكبر فيها هم السكان.

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو

مشاريع ملكية في مهب المزايدات

إيقاف قاتل زوجته بطنجة

مقالات ذات صلة