انتحال صفة… احتيال بطعم النفوذ

متهمون يتقنون الأدوار باستغلال صفات سامية وقضائية وأمنية لإسقاط الضحايا تتكرر جرائم انتحال الصفة، ويسقط في حبالها العديد من الضحايا الطامعين في حلول خارج المساطر، والمستعدين لدفع الأموال لتجنب المساءلة أو الحصول على منفعة وحتى التدخل في ملفات قضائية أو إدارية. وظهر محتالون من ذوي الياقات البيضاء، يركبون سيارات فارهة وينسجون أحلاما وردية أمام فرائسهم، ويبسطون قدراتهم في تسهيل المساطر وتليين الأحكام والحصول على منافع وتدبير توظيفات خارج المباريات، وغيرها من المواضيع التي تستعمل طعما للإيقاع بالحالمين بالحلول السحرية "المؤمنين" باستغلال النفوذ. وإن كان الضحايا أنفسهم مذنبين، على اعتبار أنهم تركوا القنوات القانونية جانبا، ودخلوا في مساومات مع المشكوك فيهم، قصد الحصول على مبتغاهم، إلا أن معالجة الوقائع من القضاء، تعتمد مقاربة حماية المبلغ، أي صاحب الشكاية، وتتجنب الخوض في ما ارتكبه الضحية نفسه من أفعال جرمية عند لجوئه إلى دفع المال قصد التأثير في قرار أو الحصول على منفعة. وبرزت شخصيات ماكرة في مجال الاحتيال، إذ لم تقتصر جرائمها على المستضعفين أو المرتفقين، بل تعدتها إلى الوصول إلى مكاتب موظفين سامين من عمال وغيرهم، للإيقاع بهم في شرك النصب أو دفعهم إلى تلبية طلب خارج القانون. المصطفى صفر "كولونيل" مزيف لسرقة أموال الحالمين بالوظيفة ادعى قدرته على التوسط لهم لتشغيلهم في الجيش مقابل مبالغ مهمة مستعينا بخدمات سائق سيارة أجرة من بين الحالات التي تكشف خطورة النصب بانتحال الصفة، وكيف أصبح الجانحون وذوو السوابق يتجرؤون على ادعاء الانتساب إلى وظائف حساسة لتسهيل سرقة الضحايا وتحقيق الاغتناء السريع، ما عرفته كلميم قبل أشهر عديدة من انتحال جانح يبلغ من العمر 38 سنة صفة "كولونيل" للنصب على عشرات الضحايا. ومكنت استعانة الجانح ب"قوة شخصيته" ومظهره الأنيق وأسلوبه الخاص في الحديث مع الضحايا باقتناعهم أنهم أمام "كولونيل حقيقي" وهو ما مكن الموقوف وشريكه الذي كان يلعب دور "سمسار" من النصب على عدد كبير من الأشخاص بمناطق مختلفة. وأسقط المتهم بالنصب وبانتحال صفة ينظمها القانون، عددا كبيرا من الحالمين بالوظيفة في شركه بمناطق مختلفة من كلميم وبويزكارن وأسا وطانطان وأكادير، بعد أن أوهمهم بأنه "كولونيل" بالقوات المسلحة الملكية ويتمتع بنفوذ قوي وله علاقات متشعبة بمراكز القرار. ولإنجاح مخططاته لجأ الموقوف الذي اتخذ من بويزكارن منطلقا لعملياته الإجرامية، إلى التربص بالحالمين بولوج وظائف في سلك الجندية والقوات المسلحة الملكية، لإيهامهم بقدرته على تشغيلهم والتوسط لهم للحصول على وظيفة، مقابل مبالغ مالية متفاوتة، تتراوح ما بين 15 ألف درهم و20 ألفا للشخص الواحد. ولتسهيل عملية النصب، اختار الكولونيل المزيف الاستعانة بخدمات شريكه، الذي يعمل سائقا لسيارة أجرة، للعب دور الوسيط بينه وبين الراغبين في الحصول على وظيفة بسلك الجندية. ولإيهام الضحايا بجدية عرض الوظيفة المغري، يطلب "الكولونيل المزيف" وشريكه من الضحايا منحهما تسبيقا ماليا لضمان فرصة التوسط لهم وما يليها من حصول مباشر على وظيفة بالقوات المسلحة الملكية، وهي الأساليب التي كانت تغري كل ضحية وتجعله يستجيب لمطالبه وشروطه المالية دون تردد. وتم افتضاح أمر المتهم وشريكه، بناء على توصل مصالح الدرك الملكي بشكايات، من قبل عدد من الضحايا بعد أن تأكدوا أنهم وقعوا ضحية نصب بطلها "كولونيل مزيف" بعد اختفائه عن الأنظار بمجرد حصوله على الأموال المطلوبة, دون أن يفي بوعوده الكاذبة، إذ كشفوا تفاصيل تعرضهم للنصب من قبل المتهم الرئيسي وشريكه، وهي المعطيات التي استنفرت المصالح الدركية للقيام بأبحاث وتحريات ميدانية للوصول إلى المشتبه فيهما. واعتمادا على المعطيات المتوصل بها وكذا الأبحاث الميدانية، التي باشرتها مصالح الدرك الملكي، نجحت عناصرها إثر كمين في إيقاف المشتبه فيهما ووضع حد لأنشطتهما المحظورة. وبعد التحقيق مع الموقوفين، تقررت إحالتهما على النيابة العامة التي قررت متابعتهما في حالة اعتقال من أجل النصب والاحتيال وانتحال صفة ينظمها القانون، وإحالتهما على المحاكمة للنظر في التهم الموجهة لهما، ليتم بذلك وضع حد للأنشطة الإجرامية للجانحين، دون أن يسدل الستار على معاناة ضحاياهما الذين خسروا أموالهم لتحقيق حلم بعيد المنال. محمد بها

انتحال صفة… احتيال بطعم النفوذ

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرصاص لإيقاف مجرم

الأمن والدرك والقضاء... طرق للنصب السريع

مقالات ذات صلة