مرافق تم فيها هدر المال والوقت وتحولت إلى بنايات مهجورة شاهدة على سوء التسيير هي مشاريع شكلت بذرة أمل في نفوس سكان إقليم سطات، قبل أن تتحول إلى غصة في القلب، بعد أن تحولت إلى أطلال شاهدة على مشاريع لم يُكتب لها الخروج إلى الوجود بعد أن ذهبت ضحية وعود وهمية أو نزاعات، ينتظر أن يبت فيها القضاء، أو حسابات سياسية ضيقة أو فشل في التقدير والتسيير وتبذير أموال عمومية. ومن خلال معاينة هذه المشاريع التي صرفت عليها مبالغ كبيرة من المال العام، ولم تخرج إلى حيز الوجود يطرح المواطنون مجموعة من الأسئلة، حول أسباب تعثرها وتأخر إنجازها، وما هي الجهات المسؤولة عن الاختلالات الكثيرة التي شابت هذه المشاريع؟ ولماذا لم تتحرك السلطات لحد الساعة لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة عوض تضييع المال العام في مشاريع أخرى وترك الأولى عرضة للضياع والإهمال؟ ولماذا تصر المجالس المتعاقبة على شؤون عاصمة الشاوية والجماعات التابعة للإقليم على أن تخلف الموعد مع التنمية المنشودة، في الوقت الذي تعيش ربوع المغرب على إيقاع الأوراش الكبرى والمشاريع التنموية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟ إنجاز: محمد بها / تصوير: (عبد اللطيف مفيق) (موفدا "الصباح" إلى إقليم سطات) بعدما شكلت مبادرة المحسنة نجية نظير بالتبرع بمليار و 200 مليون سنتيم، من أجل بناء ثانوية تتوفر على جناح داخلي وكذا لتأهيل الوحدة المدرسية لهديلات بأولاد فارس بإقليم سطات، حدثا كبيرا استرعى اهتمام الرأي العام الوطني والعالمي، إلى درجة تشبيه المحسنة بفاطمة الفهرية الثانية، يتساءل المتتبعون والمهتمون بالقضية أين وصل المشروعان؟ الحلم المؤجل انتقلت "الصباح"، إلى المشروع الملهم، وقطعت 60 كيلومترا خارج سطات، من أجل الوصول إلى جماعة أولاد فارس دائرة ابن أحمد بمنطقة «مزاب»، للتأكد من الرواية الصادمة التي يتمحور مضمونها حول توقف بناء الثانوية التأهيلية في منتصف الطريق، ولم تخرج للوجود كما كان منتظرا، بل تحولت إلى أطلال تبكي حال سكان جماعة أولاد فارس وزوارها الذين تحول حلمهم في الاستفادة من فضاء تعليمي في المستوى العالي يقطع مع الهدر المدرسي إلى خيبة أمل كبيرة. وعاينت "الصباح"، كيف تحول المشروع إلى بناية موحشة يشرف على حراستها حارس يعاني هو الآخر تبعات "البلوكاج» الذي أوقف أشغال بناء الثانوية التأهيلية مع داخلية، التي لم تتبق منها إلا يافطة مشروع تضم معلومات تقنية لم يُكتب لمضامينها أن ترى النور حتى يتحقق حلم المحسنة في رؤية أبناء وبنات الجماعة القروية لأولاد فارس ومنطقة «مزاب» يتابعون دراستهم في ظروف جيدة وآمنة عوض متاعب ومخاطر قطع الكيلومترات للوصول إلى مؤسسات تعليمية بعيدة. وجوابا عن سؤال "الصباح"، لماذا تعثر مشروع الثانوية التأهيلية وتبخر المشروع الكبير الذي تبرعت صاحبته بمليار و200 مليون سنتيم لفائدة تلاميذ منطقة «مزاب»؟، قال عبد العالي السعيدي، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بسطات، إن أشغال بناء مشاريع اجتماعية بكلفة مليار و200 مليون سنتيم بجماعة أولاد فارس بدائرة ابن أحمد الجنوبية، تمت بناء على مبلغ تبرعت به نجية نظير محسنة من المنطقة بصفتها سيدة أعمال، قبل أن يتوقف المشروع الذي يخص الثانوية التأهيلية في 2020 بعد أقل من سنة على انطلاق عملية البناء. وأوضح السعيدي في حديث مع "الصباح"، أنه كانت اتفاقية شراكة بين المحسنة وعمالة إقليم سطات والمديرية الإقليمية والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة البيضاء سطات من أجل بناء ثانوية تأهيلية مع داخلية بجماعة أولاد فارس بدائرة ابن أحمد الجنوبية، وكذلك تأهيل فرعية لهديلات التابعة لمجموعة مدارس أولاد فارس بكلفة تبلغ مليارا و200 مليون سنتيم، وتمت المصادقة على الاتفاقية بتاريخ 15 فبراير 2019، والتزمت بمقتضاها المحسنة باقتناء الوعاء العقاري وإعداد الدراسات والتعاقد مع مقاول لإنجاز المشروع. وكشف المدير الإقليمي، بأنه ليس هنالك مشكل بالنسبة لأشغال تأهيل وحدة مدرسية "فرعية لهديلات» التي عرفت الإصلاح المنشود، إذ أن المشكل مطروح بالنسبة إلى الثانوية التأهيلية، فحسب بنود الاتفاقية، فقد تم التنصيص على تعاقد المحسنة مع مكاتب الدراسات والمقاولة، غير أنه توقفت أشغال البناء بفعل النزاع الذي وقع بين المحسنة والمقاول الذي تعاقدت معه لمباشرة أشغال البناء، حول تقدير مستحقات المقاول وأشطر الأداء. وشدد المتحدث نفسه، على أنه تم عقد اجتماعات بالمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم وبمقر عمالة إقليم سطات، تم فيها استدعاء المحسنة نجية نظير والمقاول، وهي مبادرات وساطة لمحاولة إجراء صلح بين الطرفين، كما تمت المناداة على المهندس المعماري المكلف بالمشروع الذي حرر تقريرا، وشملت اللقاءات تقديم اقتراحات حلول للتقدم في المشروع، إلا أن كل تلك المبادرات باءت بالفشل، بعدما اختارت الأطراف المتنازعة التوجه إلى القضاء. وأفاد المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أنه لا يمكن للمديرية التدخل في القضية، لأنها ليست طرفا في العقد الموقع بين المحسنة والمقاولة، إضافة إلى أن النزاع معروض اليوم على أنظار القضاء للبت فيه، مضيفا "حينما سيفصل القضاء في القضية سنباشر مع المحسنة نجية نظير أشغال إنهاء المشروع سواء مع المقاول نفسه، إذا ما توصلوا إلى اتفاق لحل الخلاف، أو مع مقاول آخر من اختيارها، لأن المديرية الإقليمية والأكاديمية الجهوية مستمرتان في احترام التزاماتهما بخصوص مضمون الاتفاقية الموقعة، من حيث توفير التجهيزات والموارد البشرية الضرورية». طريق أولاد سعيد...سنوات الضياع بعدما كان سكان الدواوير التابعة لجماعة سيدي العايدي، يمنون النفس بأن تتحقق وعود إنجاز الطريق الإقليمية رقم 3609 المعروفة باسم "طريق أولاد سعيد"، وجدوا أنفسهم رهينة سنوات من الوعود المعسولة التي لم يكتب لها أن ترى النور. وعاينت "الصباح"، المعاناة اليومية التي يعيشها مستعملو طريق أولاد سعيد الذين يكتفون بسلوك طريق غير معبدة تتميز بمطبات كثيرة وتتحول إلى برك ومستنقعات في فصل الشتاء، وهو ما ألحق أضرارا بالغة بالسيارات والعربات التي أصبح أصحابها يعتمدون سير السلحفاة للوصول إلى وجهاتهم المختلفة. وإذا كانت يافطة المشروع، تعد سكان المنطقة وزوارها بأن مدة الإنجاز لن تتجاوز 12 شهرا، وحصرت البداية في فبراير 2012 ونهاية الأشغال في فبراير 2013، فإن الواقع المزري للطريق يفضح سياسة الوعود ويكشف حجم المعاناة المرتبط بانتظارات عقد من الزمن، لطريق لم يُكتب لها أن ترى النور وهو ما انعكس سلبا على أوراش فك العزلة عن المناطق القروية وتعطيل آليات الاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص الشغل التي ينبغي أن يستفيد منها سكان هذه الدواوير في ظل المؤهلات الطبيعية التي تتمتع بها جماعة سيدي العايدي. سوق الفتح... بناية موحشة المطل على مشروع سوق الفتح بحي «البطوار» أمام البوابة الرئيسية لملعب النهضة السطاتية الذي تقرر إنشاؤه للمساهمة في تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية بالمدينة ووضع حد للعشوائية باحتضان "أصحاب الفراشة" الذين كانوا يمارسون تجارتهم فوق بقعة على وادي بوموسى التي يسميها السطاتيون بـ «ماكرو» في مركز تجاري كبير بمواصفات عالية تشرف وجه عاصمة الشاوية، لا بد له أن يعاين كيف تسبب توقف أشغاله في تحوله إلى بناية موحشة صورة للعشوائية والفوضى. وساهم تأخر إنجاز الأشغال وتعثرها لأكثر من خمس سنوات، في زحف المحلات القصديرية واحتلال الملك العمومي من قبل أكشاك عشوائية ارتأى أصحابها ممارسة أنشطتهم عوض الاستسلام لشبح البطالة الذي يهددهم بعد سنوات من الوعود لإخراج المشروع إلى حيز الوجود واستفادتهم من محلاتهم التجارية بسوق الفتح، الذي لم يكتب له أن يُفتح في وجه المستفيدين رغم كثرة اللقاءات والوعود بحل المشكل. وتحولت مرافق السوق المتعثر إلى بنايات موحشة تشكل مصدرا للإزعاج، باعتبارها أصبحت مرتعا للطائشين وأصحاب السوابق والمتشردين، يقومون فيها بسلوكات منافية للأخلاق، حتى صارت هذه المساكن مصدر إزعاج وشؤم للمواطنين المجاورين لها. مركب تجاري ومسرح... 25 سنة من الإهمال في الوقت الذي كان السطاتيون يعولون على إخراج مشروع مركب تجاري كبير يضم مسرحا وعددا من المرافق الحيوية والترفيهية وسط المدينة قرب حي الملاح العتيق والقصبة الإسماعيلية، صدموا بتحول الفضاء إلى أطلال شاهدة على أزيد من 25 سنة من النسيان والإهمال. وبعدما تحول المشروع إلى فضاء مهمل، أصبح قبلة لتجمع وهواة جلسات استهلاك الخمر والمخدرات وممارسة الدعارة، بل أضحى يؤثر على جمالية المدينة ومشوها لصورتها في نفوس سكانها وزوارها، دون أن تتحرك الجهات المسؤولة أو السلطات المنتخبة التي تعاقبت على تسيير شؤون المدينة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ما اعتبره عدد من المواطنين يتعارض مع ورش النموذج التنموي الجديد. حديقة البحيرة القديمة... مطرح عشوائي بعدما كانت يراهن عليها لتحسين خدماتها، وحتى تصبح فضاء طبيعيا للترويح عن النفس لفائدة سكان سطات وزوارها، تحولت حديقة حي المجازر المعروفة ب"حديقة البحيرة القديمة"، إلى خراب بعد إهمالها من قبل السلطات المنتخبة والجهات المختصة التي وعدت بإنجاز المشروع. وبعد توالي السنين تحول منتزه البحيرة القديمة أو «بحيرة البطوار» إلى مطرح عشوائي للتخلص من الأزبال ومخلفات البناء، وفضاء تجمع للمنحرفين والمتشردين ومكان يهدد سلامة المارة من قبل عصابات السرقة أو هواة التحرش بالنساء والأطفال.