fbpx
الأولى

أمانة “بوليساريو” تفشل في تهدئة المخيمات

ما رشح عن اجتماع الرابوني أظهر التناقض والتنافر بين أفراد العصابة

بقلم: الفاضل الرقيبي

عقد لصوص جبهة “بوليساريو” دورتهم السادسة في الرابوني، الذي تعصف به الأزمات والاستثناءات. فرغم غموض المشهد في المخيمات الخمسة، واحتدام الصراع القبلي، الذي غذته قيادات وازنة ووظفته لغاياتها، راهنت استعلامات القطاع العملياتي لتندوف كثيرا على هذه الدورة، لعلها تجمع الفرقاء، وتخفف ولو نسبيا من حدة المواجهات التي تشهد منحى تصاعديا لأعمال العنف، وردات فعل بعض القيادات، التي تراهن هي الأخرى، على هشاشة الوضع الأمني، لكي تستثمر فيه ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، قبيل مؤتمر يبدو أنه لن يتأجل، هذه المرة، بسبب ما وصفه كبير سحرة “بوليساريو” بعبء المسؤولية، واعترافه علنا بأنه لن يخوض أي غمار انتخابي مستقبلا، ويفضل الانزواء بدل أن تنتهي “بوليساريو” في عهده، بسبب ما وصفه بيان الأمانة نفسه بـ “المصالح الخاصة التي تحركها غرائز غير وطنية».
ما رشح عن اجتماع عصابة الرابوني على قلته، والخرجات غير الموفقة التي تبعته، أظهرت كم التناقض والتنافر بين هؤلاء. فغالي الذي تصدر المشهد في الرابوني، ألقى خطبة عصماء، ثمن فيها مجهودات الجزائر وجيشها في حماية المخيم من أخطار يراها هو وزبانيته أكبر مهدد لبقائهم مسلطين على رقاب الصحراويين، وقد كاد يجهش بالبكاء، وهو يطلب من رفاقه في قاعة التنظيم السياسي، أن يمنحوه بعض الوقت لكي يعيد ترتيب أشياء ورثها عن سلفه باتت حملا ثقيلا على كاهل سبعيني مثله.
البشير مصطفى السيد أطل عبر تلفزيون الجبهة ليقول إن الدورة تعقد وسط غموض يلف مستقبل ومصير مشروع “بوليساريو”، بعد خطوة حكومة مدريد، التي لا يراها البشير سوى بداية لتشكل جبهة أوربية لطحن ما تطرحه “بوليساريو” حلا للنزاع مع المغرب.
أما بشرايا بيون، رئيس حكومة الرابوني، ومن مخيم الداخلة، فإنه حاول جاهدا تقديم مبررات لزعيمه من قبيل الوضع الدولي المتأزم، والمشاكل التي تعانيها الجزائر جراء التحول المؤسساتي الذي تشهده منذ إقالة بوتفليقة في مارس 2019، مرجعا أسباب انهيار المنظومة الأمنية لـ “بوليساريو” إلى الظروف المحيطة بالمخيم، وعدم تجاوب اللاجئين مع إجراءات الجيش الجزائري.
وعلى المستوى الداخلي، فشلت دورة أمانة “بوليساريو” في خلق أي جو للنقاش أو مفاوضات بين القيادات المتناحرة، فبعد أن طرح سالم لبصير مسودة مقترح إجراء تغييرات على بعض أجهزة الحركة، سادت الفوضى القاعة، واتهم مصطفى سيد البشير  صاحب الوثيقة، ولد لبصير، بتجاوز صلاحياته والحديث عن ملف من اختصاصات على زعيم الحركة، الذي عليه ألا يبقى رهين تفسيرات منحازة، متهما في الوقت نفسه كريكاو وولد اعكيك بتضليل الجزائريين، ومدهم بتقارير خاطئة عن شخصيات وازنة من قبيلته “البويهات” تتهمهم بتقويض السلم الاجتماعي داخل المخيم، مشيرا إلى أن اتخاذ أي قرار من قبل المخابرات الجزائرية ضد أبناء عمومته يعني في المحصلة إشعال المخيم وإعادة سيناريو انتفاضة 1988، لكن هذه المرة لن تسلم الجرة.
محمد مغيزلات، الذي رمى به غالي واليا بمخيم أوسرد، اشتكى هو الآخر من هذا المقترح، واصفا إياه بالمجحف والقائم على أسس قبلية تعمق الشرخ الداخلي، بينما رأى عمار منصور، وزير داخلية “بوليساريو”، منذ ستة أشهر تقريبا، أن انعدام الأمن في المخيم، واتساع رقعة العنف والاختطاف، راجعان لفراغ منصب رئيس مخابرات “بوليساريو”، منذ وفاة عبد الله لحبيب، معتبرا أن سيدي أوكال غير مؤهل لرئاسة جهاز يعتبر عصب التحكم في المخيمات.
أما عبد القادر طالب عمر، الذي يقف وراء مقترح ولد لبصير، فقد فتح جبهة صراع جديدة مع أبي بشرايا ومحمد سالم ولد السالك، خصوصا بعد تناقل شائعات حول ميول المخابرات الجزائرية إلى تعيينه على رأس خارجية “بوليساريو”. ففي كلمته أمام أعضاء أمانة الجبهة، اتهم عبد القادر مكاتب الحركة في أوربا، وإسبانيا تحديدا، بإفشال إستراتيجية لعمامرة، الرامية إلى الحد من نفوذ المغرب بالقارة العجوز، ونقل في هذا الصدد غضب الجزائريين من تقاعس ممثلي الرابوني عن مسايرة المجهودات الجزائرية، بل ذهب أبعد من ذلك، بعدما لمح لهم إلى أن الخارجية الجزائرية بصدد استشارته شخصيا في إطار إعداد خارطة جديدة لإعادة انتشار كوادر “بوليساريو” في إسبانيا.
انتهت إذن دورة قيادة “بوليساريو”، والتي أثبتت، بما لا يدع مجالا للشك، أن هذه الزمرة لا هم لها سوى تحقيق مصالحها الشخصية على حساب الصحراويين، الذين ملوا هذه المسرحيات، التي تزيد معاناتهم وآلامهم، التي لا تنتهي بانتهاء اجتماعات هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم وأهلهم إلى “كابرانات” بن عكنون، وقبضوا ثمنا بخسا.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى