أموال الانتخابات تنعش قطاعات “ميتة”

نفقات بالملايير تساهم في رواج تجاري وتوفير آلاف مناصب الشغل تختلف الآراء حول الجدوى من الانتخابات وأهميتها، ويتجلى عدم الاهتمام بهذه الاستحقاقات، من خلال نسب المشاركة المتدنية المسجلة خلال المواعيد السابقة، إذ تدنت إلى أدنى مستوياتها، لكن لا يمكن أن يختلف اثنان حول أهميتها من الناحية الاقتصادية ودورها في إنعاش الحركة التجارية والاقتصادية. ومن أهم القطاعات التي تشهد رواجا خلال الحملات الانتخابية، المطابع وشركات النسيج، التي تنتج أقمصة تحمل علامات الأحزاب والمرشحين، وينتعش قطاع كراء السيارات، كما أصبحت الأحزاب تلجأ أكثر من ذي قبل إلى شركات التواصل والإشهار، لتعد لها وصلات إشهارية ودعائية لحملاتها الانتخابية، ما انعكس على شركات الإنتاج المتخصصة في إنتاج هذه الوصلات، وساهم في إحداث عشرات الآلاف من مناصب الشغل. إنجاز: عبد الواحد كنفاوي أنعشت الحملة الانتخابية التي أسدل الستار عليها، أمس (الثلاثاء)، الحركة التجارية، استفاد منها عدد من القطاعات. وحددت الحكومة ميزانية مؤقتة بقيمة مليار و 500 مليون درهم (150 مليار سنتيم)، لتمويل الاستحقاقات الانتخابية، ما يمثل زيادة بثلاثة أضعاف، مقارنة بالميزانية المخصصة، خلال الاستحقاقات الماضية. وأرجعت مصادر هذا الارتفاع الملحوظ في الاعتمادات المخصصة للعملية الانتخابية، إلى أن السنة الجارية تعرف تنظيم الانتخابات التشريعية والجماعية والمهنية، ما يفرض توفير الوسائل اللوجيستيكية والتنظيمية الضرورية لإنجاح العمليات، من قبيل مصاريف البطاقات الانتخابية وتجهيز مقرات الاقتراع، إضافة إلى مصاريف تأمين العملية والسهر على إجرائها في أحسن الظروف. كما خصص جزء منها إلى الحملات التحسيسية لتكثيف المشاركة في هذه الاستحقاقات. وتهم الاعتمادات، أيضا، الدعم المخصص للأحزاب، من أجل تأمين حملاتها الانتخابية، علما أن المرشحين يتكلفون بالتمويل الذاتي لحملاتهم الانتخابية. وتختلف مصاريف الحملة الانتخابية من حزب إلى آخر وبين المرشحين، فالأحزاب الكبرى المعروفة على الساحة السياسية، تتوفر على تمويل مهم وميزانيات ضخمة يمكنها أن تنفق على المرشح مبالغ كبيرة خلال الانتخابات، من أجل ضمان فوزه بمقعده، أما الأحزاب الصغيرة، التي لا تتوفر على ميزانيات مهمة، فهي تعول، في غالب الأحيان، على الجهود الذاتية للمرشحين في تمويل الحملة الانتخابية، وبالتالي تنهج أسلوب التقشف في جميع المصاريف، التي تتطلبها العملية. ويحتاج المرشح للاستحقاقات الانتخابية إلى مقر في عدد من الأحياء لتنظيم حملته والإشراف عليها، ومنشورات لتوزيعها، كما يتعين عليه كراء سيارات لتسهيل التنقل بين مختلف المناطق الموجودة داخل الدائرة الانتخابية، كما يكون مضطرا إلى تجهيز معاونيه بوسائل الاتصال، من هواتف وتعبئة، إضافة إلى الأشخاص الذين سيتكفلون بالتواصل المباشر مع الهيأة الناخبة. نفقات تتراوح بين 30مليونا و 60 تكلف الحملة الانتخابية، المرشح في الحد الأدنى حوالي 300 ألف درهم، أي 30 مليون سنتيم، في حين أن المرشحين الكبار يمكن أن تصل تكاليف الحملة لديهم إلى أزيد من 600 ألف درهم، أي 60 مليون سنتيم، علما أن المبالغ يمكن أن تتجاوز مليار سنتيم، إذا أخذنا بعين الاعتبار النفقات الأخرى، التي لا يمكن ضبطها وتقييمها بشكل دقيق، مثل المبالغ التي يخصصها بعض المرشحين لشراء أصوات الناخبين. وتمثل الاستحقاقات الانتخابية فرصة لإنعاش الحركة التجارية، خاصة أن الاستحقاقات الحالية تأتي في ظرفية صعبة، ما سيجعلها مصدر دخل، بالنسبة إلى عدد من الأشخاص. ضخ ملايير لفائدة اليد العاملة يستعين كل مرشح بـ 10 أشخاص، على الأقل، للترويج له في مختلف أنحاء الدائرة، ما يعني تكاليف في حدود ألف درهم في اليوم، أي في حدود 300 درهم للشخص، تضاف إلى ذلك مصاريف الأكل والمقاهي والإقامة في بعض الأحيان، التي يمكن أن تصل إلى 150 درهما، ما يرفع كلفة كل متعاون إلى 450 درهما في اليوم، ما يعني أن المرشح الذي يستعين بعشرة أشخاص فقط، مطالب بتوفير 4500 درهم يوميا، دون احتساب الأطفال الذين يوزعون المنشورات، والذين يشتغلون بدورهم بما لا يقل عن 100 درهم في اليوم، ويصل عددهم إلى 10 أشخاص على الأقل، أي ألف درهم إضافية، لترتفع التكلفة اليومية إلى 5500 درهم حدا أدنى، أي أن ميزانية اليد العاملة لفائدة المرشح، خلال عشرة أيام من الحملة، تصل إلى 55 ألف درهم. وإذا اعتبرنا أن هذا المبلغ يهم، في المتوسط، كل لائحة خاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب، فإن المبلغ الإجمالي لكلفة اليد العاملة تتجاوز 93 مليون درهم (9 ملايير و 300 مليون سنتيم)، باعتبار أن هناك 1704 لوائح متنافسة، تضم 6815 ترشيحا، علما أن عدد اللوائح المقدمة للدوائر الانتخابية ، المحلية تصل إلى 1472 لائحة، إضافة إلى 1769 ترشيحا في الدوائر الانتخابية الجهوية، ما يكلف 272 مليون درهم (27 مليار سنتيم)، ما يرفع كلفة مناصب الشغل التي توفرها الحملات الانتخابية إلى أزيد من 36 مليار سنتيم. وتساهم هذه المبالغ في إنعاش الحركة التجارية لأنها تخصص كلها لتمويل الاستهلاك. رواج الأكرية العقارية يحتاج المرشح، بداية، إلى مقر في عدد من الأحياء لتنظيم حملته والإشراف عليها، ومنشورات لتوزيعها، كما يتعين عليه كراء سيارات لتسهيل التنقل بين مختلف المناطق الموجودة داخل الدائرة الانتخابية، كما يكون مضطرا إلى تجهيز معاونيه بوسائل الاتصال من هواتف وتعبئة، إضافة إلى الأشخاص الذين سيتكفلون بالتواصل المباشر مع الهيأة الناخبة. وهكذا، سيكون على المرشح، بناء على السومة الكرائية الحالية وحسب ما أدلى به بعض وسطاء الكراء (سمسارة)، أن واجب الكراء لا يمكن أن يقل عن 5 آلاف درهم لمدة 15 يوما، الفترة التي تتطلبها الحملة الانتخابية، علما أن السومة الكرائية يمكن أن تصل إلى ما فوق 10 آلاف درهم حسب موقع المحل، وبما أن المرشح مطالب، للتقرب من الناخبين أكثر، بكراء أربعة أو خمسة محلات على الأقل، أي أن واجب الكراء الذي يتعين تحمله سيتراوح بين 25 ألف درهم و 50 ألفا. ملايين لكراء السيارات أنعشت الحملة الانتخابية قطاع كراء السيارات، إذ يجد الفاعلون في القطاع صعوبة في تلبية طلبات الزبائن، بفعل حجز أغلب السيارات من قبل الهيآت السياسية والمرشحين لاستعمالها في تنقلاتهم خلال الحملة الانتخابية. ويظل كراء السيارات من الأمور الأساسية لإنجاح الحملة الانتخابية لدى عدد كبير من المرشحين، خاصة بالنسبة إلى الذين يتنافسون في دوائر انتخابية كبيرة المساحة، تتطلب إمكانيات كبيرة لتمكين أعضاء الحملة من التنقل عبر مختلف الدوائر. وأوضح مدير حملة مرشح أحد الأحزاب السياسية الكبرى بالبيضاء، أنه يتعين كراء 4 إلى 10 سيارات على الأقل، من أجل تغطية المناطق والشرائح المستهدفة. وأكد صاحب وكالة لكراء السيارات أنه اعتذر لعدد من زبنائه، الذين كانوا يرغبون في حجز مركبات لأن كل سياراته مكرية من قبل مرشحين لاستعمالها في حملاتهم الانتخابية، مشيرا إلى أن سومة الكراء يمكن أن تتجاوز 400 درهم في اليوم، بسبب الإقبال الكبير، علما أن هناك بعض الفاعلين في القطاع يرفضون كراء سياراتهم للمرشحين، حفاظا على حالتها الميكانيكية، بالنظر إلى أن مكتري السيارات لأغراض الحملة الانتخابية لا يحافظون على المركبات ويرجعونها في حالة سيئة. لكن وكالات أخرى تجد في الانتخابات فرصة لتحقيق أرباح، خاصة أن السومة الكرائية يمكن أن تصل إلى 700 درهم في بعض الحالات، ما يمكن أصحاب شركات كراء السيارات من تحقيق مداخيل هامة، خلال الحملة، إذ يمكن أن تتراوح بين 100 ألف درهم و 190 ألفا، خلال عشرة أيام. وتمكن صاحب وكالة من كراء 25 سيارة لثلاثة مرشحين بسومة كرائية تصل إلى 500 درهم في اليوم، خلال 15 يوما، ما مكنه من تحصيل أزيد من 18 مليون سنتيم. وقرر بعض الفاعلين في القطاع اقتناء سيارات جديدة للاستجابة إلى الطلبات، خاصة أن أغلب الوكالات تمكنت من كراء سياراتها، ما جعل السومة الكرائية ترتفع بشكل ملحوظ وشجع أصحاب وكالات على اقتناء سيارات جديدة لتلبية الطلب. وأوضح صاحب وكالة لكراء السيارات، أن القطاع تأثر نشاطه بشكل كبير بسبب الجائحة، قبل أن تنتعش الحركة مع المغاربة المقيمين بالخارج والحملات الانتخابية. وهكذا تساهم الحملة الانتخابية في إنعاش عدد من القطاعات وضمان دخل لعدد من الشباب والأشخاص، الذين يوجدون في وضعية صعبة. انتعاش المطابع أشار صاحب مطبعة إلى أن القطاع ينتعش خلال ثلاث مناسبات، اثنتان سنويان ويتعلق الأمر بالدخول المدرسي واحتفالات نهاية السنة، والثالثة موسمية على رأس كل خمس سنوات وتتعلق بالاستحقاقات الانتخابية، التي يرتفع، خلالها، الإقبال على وحدات القطاع من أجل طبع المنشورات. وأوضح المصدر ذاته أن كل مرشح يحتاج ما بين 20 ألف منشور و80 ألفا أو أكثر حسب الدائرة الانتخابية وعدد أعضاء اللائحة، وتكلف عملية الطبع ما بين 10 سنتيمات و 5 دراهم حسب جودة الطباعة ونوعية الورق، وتعرف المطابع رواجا كبيرا، قبيل بدء الحملة الانتخابية، إذ تقتني وحدات الطباعة أحدث التجهيزات وتعتمد التقنيات المستجدة لجلب الزبناء، ما يمكنها من تحقيق رقم معاملات بالملايين، خلال هذه الفترة. واعتبر المتحدث ذاته أن الاستحقاقات الانتخابية مكنت من تقليص حجم الخسائر التي تكبدها القطاع إثر تداعيات الجائحة، التي أثرت بشكل كبير على عدد من القطاعات، التي تعتبر من الزبائن الأساسيين لقطاع المطابع.

أموال الانتخابات تنعش قطاعات “ميتة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تضييق الخناق على غير الملقحين

تفكيك شبكة الأغذية الفاسدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات