زين الدين: مصالحة تاريخية

الباحث في العلوم السياسية أكد أن الملك حريص على مواكبة تنزيل النموذج التنموي أكد محمد زين الدين، الباحث في العلوم السياسية، أن الملك التزم بالحرص على مواكبة تنزیل مقترحات النموذج التنموي، موضحا أن الميثاق الوطني من أجل التنمية يشكل إطارا مرجعيا من المبادئ، وتعاقدا اقتصاديا واجتماعيا، يؤسس لثورة جديدة للملك والشعب. وأوضح زين الدين أن المغرب يمد مرة أخرى يده للأشقاء في الجزائر لطي صفحة الخلافات، والتوجه إلى المستقبل، وبناء علاقات ثنائية تقوم على الثقة والحوار وحسن الجوار. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني أولى خطاب العرش أولوية لتجربة المغرب في مواجهة الجائحة. ما هي الرسائل التي حملها الخطاب في هذا الصدد؟ الخطاب الملكي لمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لعيد العرش، أتى بأسلوب صريح ومباشر، وركز عل ثلاث قضايا كبرى اثنتان تهمان الشأن الوطني، والثالثة تهم المحيط الجهوي والعلاقة مع الجزائر. ويمكن القول إن جائحة كورونا وتداعياتها كانت شرطا أساسيا فرضت نفسها بالنظر إلى التحديات التي طرحتها على جميع المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية، والتدابير التي انخرط فيها المغرب مبكرا لمواجهتها. وأكد جلالته للمناسبة أن هذه الجائحة أعادت بناء التلاحم بين العرش والشعب، مشيرا إلى أن المغرب قوي بوحدته وبإجماع مختلف مكوناته حول المقدسات، وهنا أعطى جلالته الاهتمام بالمكون البشري الذي تصدى بمهنية ووطنية عالية للجائحة، مؤكدا أن المغرب دولة عريقة وأمة موحدة تضرب جذورها في أعماق التاريخ، وهو اليوم قوي بمؤسساته وكفاءات أبنائه، ورصيده البشري والحضاري المتجدد والمتواصل، الذي مكنه من رفع التحديات، وتجاوز الصعوبات المختلفة. ولم يفت جلالته للمناسبة التنويه بتضحيات جنود الصفوف الأمامية في مواجهة الجائحة، مشيدا بالدور الذي لعبته الأطر الصحية والسلطات العمومية بمختلف مكوناتها، معتبرا أن الجائحة أدت إلى إلحاق أضرار بالاقتصاد الوطني، وبمناصب الشغل، واجهها المغرب بإستراتيجية استباقية، عبر عدد من الآليات من قبيل إحداث صندوق خاص للتخفيف من تداعياتها، وإطلاق خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد، عبر دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة المتضررة، والحفاظ على مناصب الشغل، ودعم القدرة الشرائية وتعميم الحماية الاجتماعية، التي تعتبر ورشا ملكيا هاما. ويبقى حصول المغرب على اللقاح أحد أكبر المنجزات التي حققها المغرب، في إطار ضمان الأمن الصحي للمغاربة. حظي عمل لجنة النموذج التنموي باهتمام الخطاب الملكي. ما هي المهام التي تنتظر الفاعلين في المستقبل بعد تقديم خلاصات عمل اللجنة؟ نوه الملك في خطابه بالدور الذي قامت به لجنة النموذج التنموي، مشيدا بمقترحاتها التي أكد جلالته أنها ستسمح بإطلاق مرحلة جديدة لتسريع الإقلاع الاقتصادي. وشكرها للمناسبة على العمل الذي قامت به، والذي وصفه بالعمل الوطني، والذي شاركت فيه جميع القوى الحية بالبلاد. وأوضح جلالته أن تنزيل هذه الخلاصات والمقترحات، يعتبر مسؤولية وطنية، تتطلب تعبئة كل طاقات وكفاءات الأمة، وهنا ألمح جلالته إلى الحكومة المقبلة، التي ستنبثق من الانتخابات المقبلة، والتي ستتولى المسؤوليات الحكومية والعمومية. وأكد جلالته على أهمية استرجاع الثقة في المؤسسات، معبرا عن أمله في أن يشكل الميثاق الوطني من أجل التنمية إطارا مرجعيا من المبادئ، وتعاقدا اقتصاديا واجتماعيا، يؤسس لثورة جديدة للملك والشعب. وهنا أكد جلالته التزامه بالحرص على مواكبة التنزیل بما يلزم من إجراءات وآليات، بكل ما يتطلب ذلك من ضرورة التوفر على حكومة قوية مستوعبة للتوجهات الملكية، ومن جهة ثانية الحرص على التنزيل الأمثل للنموذج التنموي الجديد. وفي رأيي، فإن أحد أبرز مشاكل المغرب هي دائما في التنزيل الأمثل لكل السياسات والقرارات، وهذا يعكس الرؤية الإستراتيجية للملك باعتباره رئيسا للدولة، يعطيه الدستور صلاحية تحديد الاختيارات والتوجهات الإستراتيجية الكبرى، حسب منطوق الفصل 42 من الدستور. حظيت العلاقة مع الجزائر باهتمام كبير في الخطاب الملكي. ما هي دلالات الدعوة إلى فتح الحدود في هذه الظرفية؟ بالفعل، شكلت العلاقة مع الجارة الشرقية القضية الثانية التي خصص لها جلالة الملك حيزا وافرا من خطابه، وهنا يمكن القول إنه أعلن عن مصالحة تاريخية، تنم عن النبل والإحساس بالمسؤولية من قبل قائد أمة، في بناء علاقات جوار قوية ومواجهة التحديات بشكل مشترك، خاصة أن المنطقة المغاربية تواجه مشاكل الإرهاب والهجرة والجريمة المنظمة. وهنا كان الملك صريحا وواضحا، مؤكدا حرص المغرب على مواصلة جهوده الصادقة، من أجل توطيد الأمن والاستقرار في محيطه الإفريقي والأورو-متوسطي، خاصة في جواره المغاربي. وفي هذا الإطار، جدد جلالته الدعوة الصادقة لحكام الجزائر من أجل العمل سويا، دون شروط، لبناء علاقات ثنائية تقوم على الثقة والحوار وحسن الجوار، وطي صفحة الخلافات، والتوجه إلى المستقبل. ولا بد في رأيي، من بلورة آلية سياسية من أعلى مستوى بين البلدين، والتسريع بمد جسور التعاون والبناء المشترك، لتجاوز الوضع غير الطبيعي، القائم والمتسم بإغلاق الحدود بين البلدين. وهنا جدد جلالته سياسة مد اليد إلى الأشقاء في الجزائر، لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، وليس بمقدور بلد لوحده رفعها. إن ما يمس المغرب، يقول جلالته، سيؤثر أيضا على الجزائر، لأنهما كالجسد الواحد، ذلك أن البلدين يعانيان معا مشاكل الهجرة والتهريب والمخدرات والاتجار في البشر. اليد ممدودة للجزائر هي إذن دعوة صريحة من الملك إلى الجزائر، والكرة اليوم في ملعب الجزائر، من أجل التجاوب مع المبادرة الملكية القائمة على الصدق وحسن النية والإرادة السياسية، الحريصة على مصلحة الشعوب المغاربية ومواجهة التحديات بشكل مشترك. المغرب أكد مرة أخرى تطلعه إلى بناء علاقات قوية مع الجزائر، مؤكدا أن قوة المغرب من قوة الجزائر، ومن شأن تعاون البلدين تعزيز موقعهما في المنطقة، خدمة للسلم والتقدم، ولابد من إطلاق مبادرات تدعم هذا التوجه، من قبيل الأحزاب وهيآت المجتمع المدني، لتبديد واقع الخلافات ووقف الحملات الإعلامية التي تسمم العلاقات بين الجارين. في سطور < من مواليد البيضاء فاتح أكتوبر1970 < حاصل على شهادة الإجازة في الحقوق في 1996. < حاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- البيضاء في1999 بميزة مشرف جدا. < حاصل على الدكتوراه في القانون العام بميزة مشرف جدا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. < أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- المحمدية منذ 2001. < صدرت له العديد من المؤلفات والدراسات مثل الوجيز في القانون الدستوري- المدخل لدراسة علم الاجتماع الإعلامي- والتحولات الدستورية والسياسية في المملكة المغربية

زين الدين: مصالحة تاريخية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجواهري يكشف أعطاب الحكومة

الوداد يجرب غينيا تحسبا لرحيل الكعبي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات