إعداد المجالس لمواكبة مسارات التنمية

أكد المصطفى بلعوني، عضو المجلس الوطني للاستقلال، وعضو اللجنة المركزية للحزب، على ضرورة ملاءمة القوانين الانتخابية لإفراز نخب تتفاعل بالفعالية المطلوبة، مع الإستراتيجيات التمنوية الوطنية. ونبه بلعوني إلى ضرورة تحويل المجالس المنتخبة إلى أحواض إنتاجية للخدمات العمومية، في حدود الميزانيات المحلية، مع إعطاء مزيد من الحرية الإدارية للمجالس لتسريع التنمية، من خلال تغيير أسس الميثاق المنظم للمجالس الترابية، خدمة للتحول إلى الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قُطيب لماذا تتعدد أصوات حزبية مطالبة بإعادة النظر في المنظومة الانتخابية؟ > لا بد من ملاءمة القوانين الانتخابية، تماشيا مع ما يعرفه المغرب من تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية ودبلوماسية ومتغيرات بيئية وإيكولوجية ناعمة وعميقة، بفضل المبادرات الملكية في أبعادها الوطنية والإفريقية والأوربية والدولية، أنتجت إستراتيجيات وطنية للتنمية المستدامة، والتي دشنها جلالته منذ بداية عهده، وخاصة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ثم التعديلات في الوثيقة الدستورية 2011، وورش الحماية الاجتماعية، وورش الدولة الاجتماعية تم الإستراتيجية الوطنية للقطاع الأخضر والابتعاد عن الوقود الأحفوري والطاقة الخضراء، وإنشاء الأقطاب الاقتصادية على طول الساحل الأطلسي للجنوب المنفتح على اقتصادات إفريقيا ودول الساحل وغرب إفريقيا، وكذا القطب الاقتصادي المتوسطي المنفتح على أوربا. هذه المبادرات تهدف إلى بث الثقة في النفوس وإشراك الجميع في بناء المغرب الجديد وتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتثبيت ثقافة المواطنة والسلوك المدني الخلاق، وتكريس دولة القانون ودولة المؤسسات،التي يجد فيها المواطن كل آماله وطموحاته. هل يعني ذلك أن سرعة التحديث المؤسساتي تجاور قطار الانتخابات؟ > من أهم الأوراش المفتوحة العملية السياسية منذ 2002 من خلال إعادة نظر متتالية في نمط الاقتراع، من الفردي لكل العملية الانتخابية، إلى اللائحي بأكبر البقايا في الوحدات الترابية للمدن الكبرى والمراكز المستقلة. أما العالم القروي فقد اعتمد نمط اقتراع فرديا، شريطة أن لا يتجاوز سكان الدوائر سبعة آلاف نسمة، لكن النمط المتبع عمل لأكثر من جيلين، أي أنه طبق على امتداد خمسة استحقاقات انتخابية. ما هي أوجه الخلل في النظام المتبع حاليا ؟ > لقد تم تجريب نمط انتخابي وعتبة وتقطيع إداري، إذ تبين أنه لا يؤدي إلى التعبئة الشاملة، من أجل تقوية العملية السياسية في الانتخابات ولا يحقق أرقاما كبيرة في نسب المشاركة، حيث لا تتعدى في أحسن الأحوال 35 في المائة من المسجلين، كما أنه يؤدي إلى العزوف وعدم التداول على التسيير والتدبير، ما أدى إلى جمود في العملية السياسية، وعدم إبراز كفاءات وفعاليات قوية، لذلك نجد الوجوه نفسها في المجالس من سنين خلت، ونلاحظ امتيازات مكتسبة لعائلات تجدها جاثمة على اللوائح الانتخابية، لأن الذي يتحكم في اللائحة وكيلا يفعل فيها ما يشاء، خاصة الكائنات الانتخابية، والنتيجة نفور من العملية السياسية وضعف في المشهد الانتخابي وغياب للقوة الاقتراحية في المؤسسات المنتخبة، إضافة إلى عجز الأحزاب عن تجديد جلدها وضعف أدائها وشعبيتها وتقلص تأثيرها في المجتمع . نمط الاقتراع اللائحي بأكبر البقايا لا يمكنه أن يعطي نتائج إيجابية للزيادة في جرعة السياسة داخل المشهد الحزبي، خاصة على مستوى التحالفات وتركيبات المجالس، وكذا من حيث إبراز نخب جديدة تتحمل مسؤولية التدبير، لذلك أصفه بأنه نمط فردي في جلباب نظام لائحي. كما أن نمط الاقتراع الفردي المخصص للمجالس القليلة السكان لا يمكنه أن يكرس التنمية لأنه غير منسجم سياسيا وانتخابيا، لأنه ينتج فسيفساء انتخابيا يصعب الرهان عليه لإطلاق مسارات التنمية و الإقلاع، لأن النسيج السياسي الحزبي غير منسجم، فعلى على سبيل المثال نجد مجلسا محليا يتكون من 15 دائرة انتخابية، يترشح له أكثر من ثلاثين مرشحا ومرشحة، حسب الأحزاب، ولا تتعدى حصيلة كل واحد منها ثلاثة مقاعد أو تجد كل حزب ممثلا بمقعد واحد إلا في بعض الاستثناءات القليلة. السؤال كيف ينسجم هذا المعطى ؟..وكيف سيكون التسيير..؟ بالإضافة إلى أن أغلب هذه المجالس تعيش بواسطة دعم وزارة الداخلية أي الضريبة على القيمة المضافة وتعيش من الشراكات والبرامج الوطنية أو مخططات الدعم الوطني أو الجهوي للتنمية في المجالس الجهوية أو المجالس الإقليمية. كيف السبيل إلى ضبط المجالس ؟ > في تقديري يجب أن نعكس المعطى في المجالس الكبرى للمدن ليصبح النمط فرديا لفرض مزيد من التداول على التسيير، وإفراز نخب مؤهلة للتغيير انطلاقا من الميزانيات التي تتوفر عليها . ولنأخذ على سبيل المثال البيضاء التي يشتمل مجلسها على أكثر من 150 عضوا وهو عدد يوجب إعادة النظر في نمط الاقتراع، تماشيا مع الرغبة في تحويل المجالس إلى قوات اقتراحية في التخطيط والتنفيذ ، وكذا إعادة النظر في بنية المجالس الترابية بتضمينها عناصر نوعية ومدربة، والنمط الفردي هو الذي يعطي هذا النوع من البروفيلات الفعالة التي تكون عادة جزءا من الحل في قضايا التنمية، وهذا لا يتأتى إلا بتغيير نمط الاقتراع، واعتماد النمط اللائحي بأكبر المعدلات، أو الفردي ذي دورتين، حتى يتسنى التقدم بالسرعة التي تتطلبها الأوراش الكبرى وتسريع التنمية في نسخها المتعددة قاريا ووطنيا وجهويا ومحليا، في إطار ورش الجهوية واللاتمركز الإداري بمجالس فاعلة متواصلة ومؤثرة في محيطها السوسيو- ثقافي- والبيئي . بنية فاعلة ودينامية إن سوسيولوجيا الانتخابات متوقفة على عناصر بنية فاعلة ودينامية متمثلة في أحزاب لها أجهزة وهياكل نسقية مبنية على مشروع مجتمعي، وعلى فكرة متجددة في الزمن السياسي، لذلك يجب الارتكاز على حل إشكالية تنموية في ارتباطها بقوانين تنظم الانتخابات العامة على أساس اقتصادي وليس انتخابات من أجل الانتخابات لملء هيآت ومؤسسات بدون روح. وهذا ما نلاحظه من خلال نمط الاقتراع اللائحي بأكبر البقايا الذي يكرس سوسيولوجيا الارتباط بالشخص المنتخب بدل الارتباط بالبرنامج الانتخابي، ما يجعل المصوتين في أغلبهم يصوتون على الأشخاص دون معرفة برنامج الحزب ونهجه الاقتصادي والمجتمعي. المسؤولية تتحملها الأحزاب المسؤولية تتحملها الأحزاب السياسية لأن رؤية كل حزب تبنى على نتائج الانتخابات في ظل قراءة "انتهازية "، وهذا لا يجعل الأحزاب تضع قوانين أو تطالب بها في إطار التغيير نحو التنمية . فمثلا أن الدائرة التشريعية تعتبر الإقليم وحدة انتخابية، عوض أن تعمل من أجل حصد الدوائر كلها تكتفي الأحزاب بمقعد واحد وهو وكيل لائحة بأكبر البقايا، فمثلا في مدن مثل سطات أو الجديدة أو مكناس، من أصل ستة مقاعد يطمح الحزب في مقعد واحد، عوض البحث عن كل المقاعد عن طريق نمط الاقتراع الفردي ذي دورتين وهذا هو الصحيح في نظري، لأنه الذي يجعل الحزب رائدا وليس المنتخب . إذا أردنا الخروج من هذه الحالة الراهنة إلى وضع آخر أكثر ملاءمة مع التحديات ويقوي المشهد السياسي والجبهة الداخلية بمجالس تتعامل بفعالية مع الإستراتيجيات الوطنية في مختلف القطاعات، لابد من الانكباب على تعديل القوانين الانتخابية وإعادة النظر في ميثاق الانتخابات. في سطور - من مواليد 1960 بأولاد سعيد (الشاوية) - عضو المكتب المركزي للشبيبة الاستقلالية من 1989 إلى 1998 . - عضو المكتب التنفيذي للجامعة الحرة للتعليم (ا .ع. ش. م) من 1993 إلى 2015 - ممثل الاتحاد العام للشغالين في المنتدى الاجتماعي المغاربي (2004- 2007) - كاتب عام سابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان. - كاتب عام لجمعية ملتقى الذاكرة والتاريخ التي تصدر مجلة أمل المتخصصة . - مشارك في عدة مؤتمرات وطنية ودولية . - ناشط حقوقي وجمعوي .

إعداد المجالس لمواكبة مسارات التنمية

بلعوني أكد ضرورة ملاءمة القوانين الانتخابية لإفراز نخب تساير الإستراتيجيات الوطنية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الموت يخطف الحمري لاعبة بركان والمنتخب

الكوكب يواصل تعزيز صفوفه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات