التحالفات… خطاب الوهم

فشل تجارب التحالف قبل الانتخابات يعمق أزمة الثقة في الأحزاب أعاد تفكك فدرالية اليسار الديمقراطي وعجز أحزاب المعارضة البرلمانية عن توحيد جهودها في الانتخابات المقبلة، سؤال التحالفات إلى الواجهة، ليسائل النخب السياسية حول ضعف ثقافة التحالف، في ظل تفكك المشهد الحزبي، بسبب كثرة الأحزاب وتشابه الخطابات. ومع كل موعد انتخابي، يتوارى خطاب الوحدة والتحالف إلى الخلف، ليترك المجال أمام سباق محموم وتنافس على الأعيان ومحترفي الانتخابات، من أجل كسب أكبر عدد من المقاعد، ما يساهم في تعميق البلقنة وتشتيت الجهود، وتعميق أزمة الثقة في الأحزاب. لا توافق قبل الانتخابات نمط الاقتراع يفجر التكتلات القبلية والسباق الانتخابي يكرس الترحال بين الهيآت السياسية لن تستطيع الأحزاب السياسية عقد تحالفات، قبل موعد الانتخابات المحلية والجهوية والتشريعية، المنتظرة في 8 شتنبر المقبل، بسبب نهاية حقبة التموقع الإيديولوجي، يمين في مواجهة يسار، والإسلاميون في مواجهة اليسار، أو العكس، واليسار الراديكالي في مواجهة اليسار نفسه، وإن بدا في بعض المحطات السياسية، أن التحالف مهم للحد من هيمنة تيار معين. لم يساعد نمط الاقتراع الذي هو عبارة عن خليط بين التصويت باللائحة، على أساس عدد المسجلين، وبدون عتبة لتوزيع المقاعد، والأحادي الفردي، على تشكيل التحالف الحزبي القبلي، الذي لم ينجح في المغرب، إلا من بعض الاستثناءات القليلة. وأهم ما ميز عقد تسعينات القرن الماضي، تجربة الكتلة الديمقراطية في المشهد السياسي، إذ تمكنت في محطات معينة من تنسيق عملها، ووضع مذكرة الإصلاح الدستوري، واتفاق بعض مكوناتها على الترشيح بشكل مشترك، والمشاركة في حكومة التناوب التوافقي في 1998. ولم يصمد تجمع التكتلين معا بسبب المشاركة في حكومة التناوب التوافقي مجتمعين، باستثناء الاتحاد الدستوري الذي ظل خارج الحكومة لمدة 15 سنة، وأنهك بفعل اصطفافه في المعارضة، وهو أحد أعمدة تكتل الوفاق السابق. وعجزت فدرالية اليسار بدورها عن الإبقاء على التنسيق السياسي بعد مشاركة بلائحة مشتركة في الانتخابات السابقة محليا وبرلمانيا، رغم محاولتها السعي نحو توحيد قوى اليسار، الذي لن يتوحد مهما فعل الرفاق بسبب أنانية الأطراف، بل إن أغلب النقاشات التي تشهدها أحزاب اليسار الديمقراطي، ظلت عبارة عن تقاذف المسؤوليات عن فشل التحالف، وإنتاج خطاب يعمق الأزمة أكثر، ويعيد عقارب الزمن اليساري إلى الصفر كما فشلت تجربة تحالف " ج 8" الذي لم يحسن التموقع في الساحة السياسية لمواجهة الإسلاميين، لأنه جمع أحزابا لا يجمعها أي تقارب سياسي او فكري، وظهر أن هذه الفتوى التي تخيلها بضعة باحثين، جاءت من تجربة لبنان الفاشلة، بل إن الذين اقترحوا تحالف " ج 8" لم يشاركوا قط في الانتخابات، فاختلطت عليهم الرؤية، وهو الفشل الذي صاحب إدماج أحزاب صغرى في ما بينها، وتحالف أحزاب صغرى من 12 حزبا قبل الانتخابات، أرادت بدورها تجريب الاشتغال بتنسيق الجهود والمال، لكنها باءت بالفشل الذريع. كما أن فشل زعماء وقادة الأحزاب له طبيعة سيكولوجية، لأن كل واحد يعتقد أنه يتملك عصا موسى لحل المشاكل، ويرى نفسه المؤهل لقيادة الحكومة، وتنزيل البرامج والاشتغال مع الأغلبية والمعارضة بدون عقدة نقص، ودهاء في السياسة لربح الوقت في تطبيق الأوراش الكبرى، وتواصل دائم مع الصحافيين وكل الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين والحقوقيين والمثقفين. وساد الاعتقاد أخيرا أن أحزاب المعارضة ستشكل تحالفا سياسيا له وزنه من خلال ما أنجزته في بضعة شهور، إذ دعا قادة الاستقلال والأصالة والمعاصرة، والتقدم والاشتراكية، إلى تشكيل لجنة وطنية من أجل الإشراف على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ولجان إقليمية لتتبع الانتخابات الجهوية والمحلية، على غرار ما كان معمول به في تسعينات القرن الماضي. وقال محمد نبيل بنعبد الله، أمين عام التقدم والاشتراكية، إن المعارضة تنسق في ما بينها باعتبارها معارضة للإسهام في تغيير القوانين الانتخابية، فيما أكد نزار بركة، أمين عام الاستقلال، أن الأحزاب الثلاثة دعت إلى محاربة الفساد الانتخابي، عبر الإبقاء على أوراق التصويت لعقد المقارنة عوض إحراقها بعد إعلان النتائج. النموذج التنموي يربك المعارضة سجل عبد اللطيف وهبي، أمين عام الأصالة والمعاصرة، أهمية التقدم بمذكرة في إطار تنسيق بين المعارضة، بخلاف الأغلبية التي تعاني شرخا، مشددا على أهمية حياد وزارة الداخلية من خلال اللقاء الذي جمع الأحزاب بالوزير عبد الوافي لفتيت، مع تحيين اللوائح الانتخابية وتطهيرها من الشوائب والتشطيب على المتوفين، ومنح الكفاءات الجهوية مكانتها. وخلال لقاء أحزاب المعارضة حول النموذج التنموي، بدا واضحا أن هناك خلافا بين مكوناتها، حول مسألة التحالف قبل انتخابات 2021. واتفق الأمينان العامان لحزب التقدم والاشتراكية والأصالة والمعاصرة، على تصور معين للتحالف، وهو ما رفضه أمين عام الاستقلال، الذي كان له رأي مغاير، ما دفع وهبي إلى القول "يكفيني نبيل بنعبد الله في التحالف"، متسائلا "هل نحن في تحالف أم تنسيق؟ بركة يقول تنسيق، ونبيل يقول تحالف، ونحن في تنسيق داخل تحالف، لنحل هذا الإشكال". وقال وهبي "لا أتصور حكومة فيها "البام"، ولا يكون فيها الاستقلال، والتقدم والاشتراكية"، مؤكدا أنه من الصعب الاشتغال مع الآخرين. ويجمع الكل أن التنسيق السياسي لأجل تغيير مشاريع القوانين، وفرض تعديلات معينة أمر قابل للتطبيق، فيما الحديث عن تحالف انتخابي والدخول في الحكومة مجتمعين، أو الاصطفاف في المعارضة مجتمعين، أمر لا يستقيم إلا مع نمط انتخابي أحادي فردي في دورتين. أحمد الأرقام

التحالفات… خطاب الوهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"بوب آب" على "دوزيم"

العروسي تزف خبر حملها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات