صراعات الأغلبية تضعف الحكومة

السلطة التنفيذية تحتاج إلى الإنقاذ وانتخابات 2021 تفتح ورش تعديل القوانين سجل على حكومة سعد الدين العثماني، أنها الأكثر هشاشة، جراء احتدام صراع أجنحة الأغلبية، إذ لا يكاد يمر أسبوع لطي صفحة الخلافات، حتى تظهر أخرى بين وزير وآخر، وأحيانا أخرى بين أحزاب الحكومة، أو برلمانييها، في مشهد سياسي مثير للشفقة. العثماني فشل في دور الإطفائي تبادل الضربات بين وزراء الحكومة وملاسنات بين برلمانيي التحالف استعمل العثماني آليات إطفاء الحرائق المشتعلة، قصد إكمال الولاية الحكومية إلى غاية 2021، إذ تفجرت في أكثر من مناسبة، منذ انطلاقها جراء وجود خلاف بين مكوناتها، لأن نمط الاقتراع باللائحة بحساب أكبر البقايا، وليس أقوى المعدلات، لا يسمح بفوز حزبين بأغلبية الأصوات المعبر عنها، بل يلزم ذلك مساهمة على الأقل أربعة إلى خمسة أحزاب، وهذا ما يهرب من إثارته قادة الأحزاب الذين يعرفون أن تحديث البلاد، يبدأ بتغيير نمط الاقتراع ليس من اللائحة إلى الأحادي الذي سيرفع من عدد الأحزاب التي عليها تشكيل الأغلبية من أربعة إلى ستة أحزاب، ولكن بتعديل حساب أكبر البقايا بأقوى المعدلات، ما يؤدي إلى فوز حزبين فقط. وفي انتظار تغيير القوانين الانتخابية، لم تعقد الأغلبية إلا بضعة اجتماعات منذ تشكيلها، بل تمت إقالة وزراء على خلفية تأخر برنامج الحسيمة منارة المتوسط، ومس ذلك على الخصوص قيادة التقدم والاشتراكية، الذي تلقى ضربات من قبل حلفاء الحزب في الحكومة من وزراء العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي، بل ذهبت شرفات أفيلال، كاتبة الدولة في الماء، ضحية هذا الصراع، من خلال هيمنة عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء على قطاعها، ما اضطر التقدم والاشتراكية إلى مغادرة الحكومة التي لم تحسن التقاط الخطاب الملكي بإجراء تعديل حكومي بنفس ديمقراطي وسياسي جديد. وخرج التقدم والاشتراكية، الذي ساهم في تقليص أحزاب الأغلبية في الحكومة، ومع ذلك لم يحدث أي تغيير يذكر على مستوى البحث عن الانسجام الحكومي، إذ لم تعقد الأغلبية اجتماعات دورية خوفا من تفجيرها من الداخل، كما أن 13 وزيرا يمارسون مهامهم بدون صلاحيات، وآخرين يتدخلون في سياسة بعضهم بعضا ما أدى إلى نشوب حرب الاختصاصات بينهم، والتي ارتفعت حدتها جراء هيكلة السلطة التنفيذية في التعديل الحكومي الأخير، بضم قطاعات وزارية في قطاع واحد، ما ساهم في مراكمة المهام وإثقال كاهل الوزراء بالأشغال. ولم يتمكن العثماني من حسم حرب الصلاحيات بين أعضاء الحكومة، وإصدار مراسيم 13 وزيرا، في الجريدة الرسمية، لتنضاف إلى مراسيم 10 وزراء سبق نشرها، بسبب ضبابية في هيكلة الحكومة، التي ارتكزت على تراكم المهام عبر ضم قطاعات وزارية في قطب موحد، أحيانا لا رابط بينها. ووقعت حرب الاختصاصات حتى بالنسبة إلى الوزراء الذين أصدر العثماني مراسيمهم في الجريدة الرسمية، أدت إلى عرقلة التصويت على قوانين، إذ قدم محمد بنعبد القادر، وزير العدل، عرضا بالمجلس الحكومي حول مشروع القانون الجنائي، مؤكدا أنه يعتمد رؤية حداثية تتماشى ومرجعية حزبه، والدستور، يخالف ما قدمه المصطفى الرميد، وزير العدل الأسبق، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، الذي ظل يدافع عن قانونه(الجنائي) المحتجز في لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب منذ 4 سنوات، لوجود خلاف حكومي، بين وزيرين، أثر سلبيا على تماسك الأغلبية في البرلمان التي تعيش حالة من التصدع. وفشل بنعبد القادر في سحب القانون الجنائي من البرلمان، وإرجاعه إلى الحكومة لمراجعته من جديد بفصول مختلفة، فيما لم يتمكن الرميد من تمرير هذا القانون بالبرلمان من منطلق تحمل مسؤولية وزير العلاقات مع البرلمان، لتضارب في الصلاحيات. كما تعاني نزهة الوافي المكلفة بالمهاجرين، حصارا من قبل وزير الشؤون الخارجية، إذ تشتغل تحت إمرته. واعتبرت الأغلبية هشة، وظهر ذلك في حروب التصويت على قوانين مثل القانون الإطار للتربية والتعليم، الذي عزل فريق العدالة والتنمية، من الأغلبية، وأوقف عقارب الساعة إلى أن حدثت المعجزة في التصويت، إذ تم استغلال القانون في حسابات سياسية ضيقة. واهتزت القاعة التي ينعقد فيها المجلس الحكومي، بين الرميد نفسه، وعبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، إزاء رفض التصويت على المادة 9 من قانون مالية 2020، إذ اعتبر لفتيت ضغوطات الرميد على فريق حزبه، بمجلس المستشارين، عصيانا، ومساهمة منه للحجز على ممتلكات الجماعات وبيعها في المزاد العلني، والحجز على ألفي مليار من خزينة الدولة. ويظهر لافتا أن أزمة الأغلبية الحكومية أدت إلى تجميد عمل أزيد من ثماني لجان استطلاع برلمانية، لوجود تضارب المصالح، وخوفا من أن تنكشف فضائح وزراء، وكبار مسؤولين تم تعيينهم في المجلس الحكومي، من أحزاب الأغلبية ولم يساهموا في حل المشاكل العالقة، وحتى حينما حصل توافق بعقد اجتماعات تلك اللجان الاستطلاعية البرلمانية، وتحديد أجندة لعقدها، يتم في آخر لحظة تأجيلها لغياب وزير، أو فريق برلماني. غياب نصف الوزراء أثرت خلافات الأغلبية على مؤسسة الحكومة، التي بدا أنها تعقد اجتماعاتها الأسبوعية، وتشتغل تقنيا مثل حكومة تصريف الأعمال، بنصف الأعضاء الحاضرين، وتسجيل غياب نصف آخر، دون تقديم الاعتذارات، إذ لا يوجد تواصل دائم بين الوزراء حتى لتعويض بعضهم البعض في إطار التضامن الحكومي، للرد على أسئلة البرلمانيين في جلسات المحاسبة الأسبوعية. وزاد الأمر استفحالا، حينما رفض وزراء حضور جلسة مساءلة، رئيس الحكومة، الذي يجلس لوحده، في مواجهة تهجمات عشرات الفرق البرلمانية، الحزبية والنقابية فيعجز أحيانا عن الرد على استفسارات وانتقادات أثارها برلمانيون، لأن الوزراء الذين كان بودهم مده بمعطيات دقيقة، تغيبوا عن الجلسة، بما فيها الجلسات التي تناقش القطاعات التي يدبرونها، بل تمردوا على الحضور في لقاءات يرأسها بمختلف المجالس الجهوية. وأثرت هشاشة الأغلبية على الحكومة، كما أثرت المعارضة التي تعاني الضعف، على السلطتين التنفيذية والتشريعية معا، ما يتطلب إعادة هيكلة الأحزاب، وتأهيلها ووضع قوانين جديدة. أحمد الأرقام

صراعات الأغلبية تضعف الحكومة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فرنسا تشكك في نجاعة مراقبة الحدود!

تـحـالف بـدون مـيـثـاق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات