تـحـالف بـدون مـيـثـاق

خلافات بين مكونات التحالف وحسابات انتخابية سابقة للأوان تعمق الهشاشة فشل سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة ومنسق الأغلبية الحكومية في إنهاء حالة التجاذب بين مكونات فريقه، ما جعل التحالف يتعرض إلى هزات، بسبب الحسابات المختلفة لأطراف الحكومة. ورغم أن الأغلبية حاولت، منذ مجيء العثماني إلى رئاسة الحكومة، التصدي لكل الصعوبات التي تواجه الفريق الحكومي، إلا أنه فشل في تفعيل مقتضيات الميثاق الذي ظل حبرا على ورق. وحرص رئيس الأغلبية على وضع ميثاق يحتكم إليه في تدبير الخلافات بين مكوناتها، خاصة مع التحاق أحزاب جديدة بحكومة العثماني، كانت في السابق، من أشد المعارضين لبرنامج حكومة بنكيران، مثل الاتحاد الاشتراكي، وخروج التقدم والاشتراكية من التحالف، إلا أن استمرار التقاطب بين وزراء العدالة والتنمية، من جهة وباقي وزراء الأغلبية، خاصة التجمع الوطني للأحرار، جعلت هشاشة الأغلبية تخرج إلى العلن، من خلال مواجهات بين الطرفين، تعمقت أكثر مع عدد من مشاريع القوانين، آخرها مشروع القانون الجنائي. وما عمق الخلافات، هو عدم مصادقة أحزاب التحالف على ميثاق يضبط العلاقة بينها، إذ ظلت الأغلبية تدبر أمورها بالاتصالات بين الزعماء عند الضرورة، في غياب وثيقة مرجعية تحدد أسس العمل المشترك، وتضبط أداء الفرق البرلمانية، في التعاطي مع مشاريع ومقترحات القوانين، بما يضمن الحد الأدنى من التنسيق والتماسك. ورغم إقرار العثماني، عدم وجود أي عرقلة سياسية من لدن بعض أحزاب التحالف الحكومي لإخراج الميثاق، إلا أن تجربة التدبير الحكومي، والحسابات السياسية التي باتت تحكم تحرك جميع الأطراف، مع قرب موعد انتخابات 2021، تكشف حجم الخلافات التي باتت واضحة للمتتبعين. والأكثر من ذلك، أن التنافس في الانتخابات الجزئية التي عرفها عدد من الدوائر والجماعات، أبانت عن انفراط التوافق بين مكونات الأغلبية، وعدم الاحترام للقواعد التي نصت عليها ديباجة الميثاق على أنه "وثيقة تعاقدية ومرجع سياسي وأخلاقي يؤطر العمل المشترك للأغلبية على أساس البرنامج الحكومي". والحال أن الميثاق الذي وضعته الأغلبية يقوم على خمسة مبادئ هي التشارك في العمل، والنجاعة في الإنجاز، والشفافية في التدبير، والتضامن في المسؤولية، والحوار مع الشركاء، وهو ما لا يتجسد في تجربة الفريق الحكومي ولا في سلوك الفرق البرلمانية المكونة للأغلبية.. ورغم أن الميثاق أقر بضرورة التنسيق والانسجام عبر تقوية آليات العمل المشترك داخل المؤسسة البرلمانية، إلا أن تجربة العمل في البرلمان خلال هذه السنة، أبانت عن عدم احترام هذه الأسس، وقد بدا ذلك في تباين تقييم الحصيلة من قبل فرق الأغلبية، بين من اعتبرها إيجابية، وبين من انتقد أداء الحكومة وحملها مسؤولية الضعف التشريعي، بل ومهاجمة غياب الوزراء في البرلمان، وعدم التجاوب مع أسئلة النواب البرلمانيين. إقرار بالفشل في تنزيل الميثاق أكد محمد أمكراز في حوار سابق مع «الصباح» أن الجواب عن فشل الأغلبية في تنزيل ميثاقها من اختصاص رئيس الحكومة باعتباره رئيسا للأغلبية، معتبرا من وجهة نظره، أن ما يجمع أحزاب الأغلبية هو تعاقد واضح البنود، يتجسد في البرنامج الحكومي، الذي تشتغل الحكومة على تنفيذه. وبخلاف الانتقادات التي تواجهها مكونات من الأغلبية للحكومة، يرى الوزير الشاب، أن الحكومة تحقق نتائج مهمة، مشيرا إلى أن التضامن والانسجام أمر حاصل بين أعضائها، لكن هذا التضامن، ليس مطلوبا من أحزاب الأغلبية، لأنه ليس مطلوبا منها الانسلاخ عن جلدها، والانصهار في بوتقة واحدة. وبرر أمكراز ما يجري بين أحزاب الأغلبية من ملاسنات وخلافات، بالأمر العادي، لأن الأمر يتعلق بحرية الرأي، وإلا " سنكون أمام أحزاب لا لون ولا طعم لها، ومن واجب مناضلي الأحزاب الحكومية أن يكونوا حاضرين برأيهم ونضالهم، كلما كان الأمر ضروريا، وأن يعبروا عن آرائهم". برحو بوزياني

تـحـالف بـدون مـيـثـاق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صراعات الأغلبية تضعف الحكومة

الأمن المغربي رائد في محاربة الإرهاب

مقالات ذات صلة