أو مجانا بعد

نبه علي شعباني، أستاذ باحث في علم الاجتماع، إلى الحساسية التي يثيرها زواج القاصرات، إذ قال إنه من المواضيع التي تستأثر باهتمام الباحثين والمسؤولين على مستوى التشريع وبعض الفاعلين في المجتمع المدني الذين يناضلون من أجل ترسيخ حقوق الطفل والمرأة. حساسية الموضوع، يشرح شعباني تكمن في أنه يتداخل فيه الدين مع ما هو اجتماعي وإنساني وما هو حقوقي وتشريعي، "لذلك نجد أن هناك الكثير من الباحثين، يحاولون ملامسة أسباب الظاهرة، ولماذا هي مازالت شائعة ومنتشرة بشكل كبير"، لافتا الانتباه إلى أن الإحصائيات لا تعكس الحقيقة، بل هي تقتصر على جزء بسيط من الواقع. ورغم صدور التشريعات التي حددت سن الزواج في سن الرشد، مع فتح المجال أمام استثناءات قليلة، وتنامي الأصوات الحقوقية التي دقت أجراس الإنذار حول مخاطر زواج طفلات على صحتهن النفسية والبدنية، شدد شعباني أنه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن للمجتمع المغربي وجهين" أحدهما حداثي يتماشى مع التطورات الراهنة ويستجيب لشروط المنتظم الدولي الذي تتبع له الدولة، فيما الثاني محافظ، تسيطر عليه عقلية رفض التشريعات الحديثة، ويعتبر أنها تتعارض مع قيمه ومصالحه". وخلص أستاذ علم الاجتماع في تصريح ل"الصباح" إلى أنه في ما يخص الأسباب المباشرة لاستمرار زواج القاصرات "نجد أنها تتأرجح بين ما هو ديني واجتماعي بالأساس". واسترسل "الجانب الديني، مؤثر نظرا لأن المجتمع يدين بالإسلام، وبما أن نسبة كبيرة من المغاربة، تحاول تطبيق تعاليم الدين، الذي لا يحسم في سن الزواج، بل اعتبره، صيانة وحصانة للمرأة، شاعت قناعة مفادها أن نصف الدين هو الزواج، أيا كان سن المتزوجة، إذ توجد أحاديث تسمح بزواج حتى ذوي التاسعة، كما أن المرتكزين على هذا الطرح غالبا ما يقدمون مثال زواج الرسول بعائشة وعقد قرانهما وهي لم تتجاوز بعد سن السابعة، علما أن النصوص الفقهية لم تحسم أبدا في ما إن كان الزواج توثيقيا في ذلك السن أم يطلق فعلا". هذا الطرح، يضيف شعباني، يدفع الكثير من المغاربة إلى السعي إلى تزويج بناتهم، دون مراعاة السن، مشيرا "في السابق كانت الفتاة عندما تصل إلى سن 18 و19 سنة تعتبر "عانسا"، وهذه المسألة لم تكن تثير مشكلة للأسر مادامت مغطاة بغطاء الدين، بل على العكس، إلى القريب كانت المرأة تعتبر عورة ومثارا للرذيلة، ولا يرتاح والدها إلا بعد تزويجها". وعن البعد الاجتماعي الذي يفسر استمرار الظاهرة، لفت شعباني الانتباه إلى أنه ينقسم إلى العديد من المحاور، منها ما هو معتقدات سائدة، بغض النظر إن كان أصلها دينيا أو خرافة، ومنها ما يرتبط بالمشاكل العائلية، "فهناك العديد من العائلات، تعاني تفككا، إثر انفصال الزوج عن الزوجة، فتخفيفا للعبء يتم تزويج أول خطيب للفتاة، كانت تقيم مع والدتها أو والدها، حتى إن كانت في سن صغيرة". ويندرج الفقر أيضا ضمن لائحة المسببات الاجتماعية لاستمرار الظاهرة، إلى جانب أن طبيعة بعض العلاقات في المجتمع القروي، تفرض التزويج منذ الولادة، وتتربى الطفلة على أساس أنها زوجة فلان، لتصير زوجته فعليا بمجرد أن تتم 12 سنة، فضلا عن مصالح الشراكة والعمل التي يتم ترسيخها عبر رابطة الزواج. هجر المغلي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"ديستي" تطيح بممول مقاتلي داعش

فـوزي: اتجـار بالبشـر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات