مزوار: المؤشـرات لا تبشـر بالخيـر

مزوار رئيس "الباطرونا" طالب الحكومة باتخاذ مواقف واضحة وتدابير سريعة لإيقاف النزيف أشار صلاح الدين مزوار، رئيس الاتحاد العام للمقاولات، إلى أن الأوضاع الحالية تبعث على القلق وأن الحكومة لا تتحلى بالسرعة في اتخاذ القرارات والتفاعل مع المستجدات. وأكد في حوار مع "الصباح" أن تداعيات المقاطعة أصبحت لها أبعاد اجتماعية تستدعي تقديم أجوبة واضحة وجريئة، كما أن لها انعكاسات سلبية على نفسية المقاولات، ما يفرض على الحكومة إعطاء إشارات قوية لاستعادة الثقة. < ما تقييمكم للوضع الاقتصادي الحالي ولمناخ المقاولة؟ < المؤشرات لا تبشر بالخير والاقتصاد يمر من فترات الصعبة، هناك ضعف في الاستثمارات والتشغيل، وسجلت تراجعات في عدد من مكونات الاقتصاد. كما أن التأثير النفسي والمعنوي للمقاطعة على نفسية أرباب المقاولات والجو العام السائد لا يشجع على تحسين المناخ العام والمؤشرات المرتبطة بالاستثمار والتشغيل. إضافة إلى ذلك، فإن إعلان "سنطرال" تسريح بعض العمال وتخفيض مقتنياتها, مع ما يعني ذلك من تشريد أسر لا يعكس صورة إيجابية على الاقتصاد الوطني ويؤثر سلبا على مناخ الثقة الذي يمكن أن يساعد في استرجاع روح المبادرة والديناميكية المطلوبة. هناك تراجع ومناخ غير إيجابي وتأثيرات نفسية قوية إثر عملية المقاطعة. لذا، فإن الحكومة مطالبة باسترجاع المبادرة وإعادة الثقة وإيجاد حل للإشكاليات المطروحة، لأنها هي المؤسسة المخول لها هذه الصلاحيات. ويمكن أن أؤكد، حاليا، بصفتي رئيسا للاتحاد العام للمقاولات بناء على ما يصلنا من المقاولات، أن هناك تشاؤما ومخاوف. كما أن القرارات التي تتخذها بعض المقاولات المعنية بالمقاطعة ستؤثر أكثر على نفسية أرباب المقاولات وعلى المناخ العام للاستثمار. < ما هي، بصفتكم هيأة تمثل المقاولات وقوة اقتراحية، المقترحات التي يمكن أن تقدموها إلى الحكومة من أجل تجاوز الوضع الراهن؟ < نعتبر من منظورنا هيأة تمثيلية أن للمقاولة دورا يجب أن تقوم به، لكن، في الوقت ذاته، هناك أمور لا تدخل في مجالها وتعتبر من صلاحية الحكومة. ومن المقترحات التي يمكن أن نقدمها في هذا الباب أن تتخذ الحكومة موقفا واضحا وتدابير سريعة لإيقاف النزيف، إذ يتعين تقديم جواب قوي تجاه عملية المقاطعة التي أصبحت تكتسي جوانب اجتماعية تفرض على الحكومة تقديم أجوبة قوية وواضحة بشأنها. بالنسبة إلينا في الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب سنطرح على الحكومة خلال اللقاء الأول الذي سيجمعنا مع رئيس الحكومة عددا من القضايا ذات الارتباط بالمقاولات، خاصة ما يتعلق بإشكالية التمويل التي تعتبر، حاليا، من بين الصعوبات الكبرى التي تواجهها المقاولة، ما يفرض الإسراع بإنشاء صندوق الضمان الذي يقدم ضمانات التمويل لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة، سنناقش أيضا مسألة آجال الأداء، والإجراءات التي يتعين اتخاذها من أجل حماية السوق الداخلي من الواردات غير الشرعية. هذه بعض الإشارات التي يمكن للحكومة إطلاقها من أجل إعادة الثقة. لكن عالم المقاولة والقطاع الخاص ينتظر، حاليا، من الحكومة اتخاذ إجراءات جريئة في ما يخص المقاطعة والتبعات الاجتماعية وانعكاساتها السلبية على الجانب المقاولاتي. < في ظل الأوضاع التي أشرتم إليها، هل يمكن تحقيق هدف إحداث مليون و 200 ألف منصب شغل الذي وعد بها رئيس الحكومة؟ < لا أعتقد أنه يمكن تحقيق ذلك في ظل الوضع الراهن، لكن، في الوقت ذاته، نحن داخل الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب، الذي يتوفر على رؤية إستراتيجية وقناعات اقتصادية، نسعى إلى تحقيق هذا الهدف، وسنقدم لرئيس الحكومة مجموعة من المقترحات ونحمل مقترح التوقيع على اتفاق إطار من أجل التنمية والتشغيل، الذي يجب أن يشكل إطار عمل بالنسبة إلى ثلاث سنوات المقبلة بين الحكومة والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين. وسنطرح مبادرات وحلولا، يتعين أن تشتغل عليها الأطراف الثلاثة، من أجل توفير شروط الثقة وإحداث الرجة المطلوبة، إذ أن الوضع الذي نعيشه حاليا، بحاجة إلى رجة، التي ستسمح، في إطار العمل المشترك والتضامن والرؤية المرتبطة بمصلحة البلد والمواطنين، باسترجاع الديناميكية الإيجابية وتحسين الأوضاع الاجتماعية والمناخ العام. < ما هي أهم القضايا المستعجلة التي ستدافعون عنها لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة؟ < يمثل هذا الملف بالنسبة إلي ورشا، لكن الأساسي بالنسبة إلي والذي يأخذ طابعا استعجاليا هو إعادة الأوكسيجين لهذه الوحدات لتحيا من جديد، ويتعلق الأمر بالتمويل، ويمكن لصندوق الضمان الذي نقترح إنشاءه أن يعيد الحياة لمجموعة من المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تعاني ضائقة مالية، إذ سيكون من مهام ها الصندوق ضمان التسهيلات التي تقدمها البنوك لهذه المقاولات، وسبق أن استعملت هذه الآلية عندما كنت أشغل منصب وزير الاقتصاد والمالية وكانت لها نتائج إيجابية على المقاولات الصغرى والمتوسطة دون أن يكون لذلك تأثير على ميزانية الدولة، لأن الأمر يتعلق بصندوق ضمان وليس تمويل، مهمته أن يواكب البنوك من أجل تقديم التسهيلات المالية الضرورية لفائدة المقاولات من أجل تمويل احتياجاتها اليومية من مقتنيات وتكاليف إنتاج وتسويق. وليس هناك مخاطر لعدم الأداء لأن المقاولة عندما تتوفر لها الإمكانيات، فإنها تتمكن من تجاوز الضائقة المالية وتسويق منتوجاتها وأداء القروض التي في ذمتها. < وماذا عن الجانب الثاني؟ < الجانب الثاني يتعلق بآجال الأداءات سواء تعلق الأمر بالمشاريع التي تمولها الدولة، أو في ما يتعلق بمعاملات المقاولات في ما بينها، وبطبيعة الحال، فإن الاتحاد العام سيشتغل على هذا الشق الثاني من الملف ويتعين على الحكومة إيجاد الآليات المناسبة من أجل ضمان أداء مستحقات المقاولات التي تنجز صفقات عمومية في آجال معقولة. وسنعمل، أيضا، على الجانب المرتبط بالسوق الداخلي وحمايته من الواردات غير الشرعية، التي لها تأثير سلبي جدا على مجموعة من الشركات والتشغيل. هذه هي الأولويات الثلاث التي حددناها وأعتقد أن الحكومة بإمكانها اتخاذ قرارات بشأن هذه المطالب والمقترحات، لأنها قرارات إما أنها غير مكلفة أو كلفتها محدودة. ويمكن لاتخاذ إجراءات من هذا القبيل أن يعطي إشارات قوية ستعيد الثقة والديناميكية وتقلص من الانعكاسات السلبية للمناخ الذي نعيشه حاليا. إضافة إلى ضرورة العمل على اتخاذ قرارات بخصوص ما نعيشه اليوم من تأثيرات لعملية المقاطعة. مكمن الخلل < أين يكمن الخلل، بالنسبة إليكم، في أداء الحكومة؟ < من الصعب الحكم بشكل قطعي، لكن ما يلاحظ بهذا الصدد هو الجانب المرتبط بالقرارات في الوقت المناسب والسرعة المطلوبة في اتخاذها، وأعتقد أن مكامن الخلل واضحة ويتعين اتخاذ قرارات بشأنها، وأتساءل هل السبب يرجع إلى طبيعة تركيبة الحكومة أم أن هناك أشياء أخرى، إذ من الصعب أن أجزم لأنني لست داخل الحكومة. لكن الشيء الأكيد أن هناك انتظارات يجب التفاعل معها، والحكومة القوية هي التي تجيب وتتفاعل بشكل سريع من خلال قرارات جريئة وصادمة تعيد الثقة، لأن الثقة في الحكومة هي ثقة، أيضا، في مقومات البلد. مجلس المنافسة مطلب أساسي < ألا يمثل تفعيل مجلس المنافسة أولوية بالنسبة إلى الاتحاد العام للمقاولات؟ < أثرنا بكل صراحة ووضوح، خلال الحملة الانتخابية، هذه المسألة وطالبنا بضرورة تفعيل مجلس المنافسة في أقرب الآجال، لأنه يعتبر الضامن المؤسساتي لتفادي ما يحدث الآن أو يمكن أن يقع مستقبلا. لذا فإن تفعيله في أقرب الآجال يعتبر مطلبا أساسيا وملحا بالنسبة للاتحاد العام للمقاولات بالمغرب. الاتكال على الحكومة ليس حلا < أشرتم خلال حملتكم الانتخابية إلى جوانب الحكامة داخل الاتحاد العام للمقاولات ما الذي تعتزمون تقديمه في هذا المجال؟ < أعتبر، من منطلقي بحكم التجربة التي عشتها في القطاعين الخاص والعام، أن الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب يجب أن يكون قوة اقتراحية وعملية ومصدر مبادرات، لأن الاتكال على الحكومة وحدها ليس حلا بالنسبة إلى المقاولة. صحيح أن الحكومة مسؤولة عن اتخاذ القرارات التي تضمن الشروط الملائمة للمقاولات، وهذا سيظل مطلبا مستمرا للاتحاد إذا لم يصل هذا المطلب إلى المستوى الذي نطمح إليه جمعيا، لكن في الوقت ذاته هناك مسؤولية للمقاولة، التي يتعين عليها أن تكون مقاولة مبادرة ومستثمرة ذات بعد اجتماعي وتهتم بمحيطها وتتفاعل مع مناخها العام. وسنعمل على تكريس هذه الثقافة بشكل قوي لأن بلدنا بحاجة إلى هذا النوع من المقاولات. والمقاولة في حاجة كذلك إلى حكومة وإدارة ومسؤولين مجاليين يتقاسمون الحس الوطني ذاته لأن عملنا المشترك هو الذي سيسمح لنا، في نهاية المطاف، بالمساهمة القوية في التنمية المستدامة والقوية لبلادنا وحل الإشكالات الاجتماعية. بوانو لا يحترم المؤسسات < عبر عبد الله بوانو رئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية عن تخوفه من أن يتحول الاتحاد إلى هيأة سياسية تخدم أجندة معينة بعد انتخابكم رئيسا له، ما مصدر هذه التخوفات في نظركم؟ < أعتقد أن هذه التصريحات مجرد مزايدات ليس لها أي أساس في الواقع. وأقول للسيد بوانو، الذي أعرفه وأحترمه، أن الديمقراطية تفرض احترام الناخبين، فكما طالبوا هم باحترام إرادة الناخبين عندما احتلوا المركز الأول في الانتخابات التشريعية، فعليهم، أيضا، أن يطبقوا المبدأ نفسه بالنسبة إلى المؤسسات الأخرى. والاتحاد العام للمقاولات بالمغرب مؤسسة مستقلة وبحكم استقلاليتها تم فتح نقاش داخلي لأزيد من خمسة أسابيع حول برنامجي الثنائيين المتنافسين وقال الجمع العام كلمته بقوة، إذ صوت 80 % للثنائي الذي يسهر حاليا على إدارة الاتحاد العام للمقاولات. ومن هذا المنطلق نعتبر أن إبداء تصريحات من هذا القبيل هو تجاوز للصلاحيات وإشارة إلى عدم احترام مؤسسة واستقلاليتها، كما تعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية لمؤسسة مستقلة اتخذت قرارها بكل حرية عبر هياكلها القانونية. وأتساءل كيف يمكن لرئيس، حتى وإن كان ينتمي إلى حزب معين، أن يمرر مواقف حزب معين داخل مؤسسة تشتغل وفق ضوابط واضحة وتتوفر على هياكل تقريرية تتخذ قراراتها بشكل مستقل وديمقراطي؟ لذا أعتبر أن تصريح بوانو تبخيسا واستصغارا لذكاء المنخرطين داخل الاتحاد العام للمقاولين بالمغرب، الذي يتشكلون من أرباب شركات ومؤسسات يعرفون ماهي السياسة وأين توجد مصلحتهم. < ألا ترون أن تصريح عبد الله بوانو رئيس الفريق النيابي للحزب الذي يرأسه سعد الدين العثماني يمكن أن يؤثر سلبا على عنصر الثقة بين الاتحاد، الذي ترأسونه، والحكومة؟ < ما جاء على لسان بوانو هو تعبير يرجع لبرلماني وليس للحكومة، التي تربطنا بها علاقة ثقة واحترام وسأشتغل مع مؤسسات وليس مع أحزاب، والمؤسسة الحكومية تتشكل من أحزاب مختلفة، ورئيس الحكومة يمثل الأغلبية ويتعامل، بدوره مع مؤسسة اسمها الاتحاد العام لمقاولات المغرب في إطار احترام تام لقراراتها وطبيعتها ودورها. < التخوف الذي عبر عنه بوانو نجده أيضا عند أعضاء بالاتحاد بل صرح به رؤساء سابقون مثل حسن الشامي، فلماذا كل هذه التوجسات؟ < أتأسف أن يتخذ رؤساء سابقون مواقف، علما أن من مسؤولية رئيس سابق للاتحاد الحياد وليس اتخاذ مواقف، كما أنه لا يمكن أن يحكم على النوايا. قرار ترشحي كان قرارا شخصيا لا علاقة له بالحزب أو بمساري السياسي، ويجب احترام هذا القرار. ويتعين انتظار ما سيصدر عني من أفعال، وإذا تبين أن هناك بالفعل أي انزلاق من هذا النوع، فإن مواقف من هذا القبيل ستكون في محلها، أما إصدار أحكام واتخاذ مواقف بناء على النوايا فأعتبره خطأ وخروجا عن الإطار العام الذي يشتغل فيه الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب. تعاقد ثلاثي < ما هي أسس التعاقد بين الاتحاد والحكومة مستقبلا؟ < سيكون مبنيا على أهداف وتدابير مرتبطة بديناميكية الاستثمار والتشغيل، من خلال العمل على وضع إطار مشترك لعقد اجتماعي مع الشركاء الاجتماعيين. لأن الوضع الحالي لبلادنا، يقتضي، حاليا، أن نشتغل يدا في يد، ويتعين على هذه المكونات الأساسية أن تؤمن بأن الظرفية تقتضي العمل المشترك في إطار الثقة المتبادلة وبذل المجهودات المشتركة من أجل التنمية والتشغيل. هناك انتظارات وطنية كبرى وطلبات مواطنين تحتاج إلى تقديم جرعة من الأمل. ومما لا شك فيه أن المكونات الثلاثة للتعاقد (الحكومة والاتحاد العام للمقاولات والنقابات) لها دور أساسي ومهم لإعادة الديناميكية والثقة والحركية بالنسبة إلى المجتمع. نحن مبادرون ونتقدم بمقترحات ومستعدون لتحمل مسؤوليتنا في إطار التزامات مرتبطة بالاستثمار والتشغيل والحكومة لها دور، أيضا، لتحسين مناخ وإطار التنافسية وتبسيط المساطر والإصلاحات الأخرى التي التزمت الحكومة بها في برنامجها، كما يتعين على الشركاء الاجتماعيين أن يواكبوا هذه الديناميكية، في إطار المطالب المشروعة. وأعتقد أن هذا الأمر ليس جديدا بالنسبة إلى المغرب وليس بعيد المنال، لأن بلدنا له القدرة على بناء إطار تعاقدي من هذا القبيل. أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي

مزوار: المؤشـرات لا تبشـر بالخيـر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الباك" على "فيسبوك" من أول دقيقة

الحبس لمغربية قتلت وليدها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات