سلفي مقهى “الحافة” بطنجة يدفن لغزه بانتحاره

قطع شرايين معصم يده اليسرى بسيفه وبقر بطنه واختار نهايته على فراش نومه في غرفة الخلوة بمنزل أسرته تطلب الوصول إلى المتهم بتنفيذ جريمة مقهى "الحافة" بطنجة، انتظار 22 يوما، لكن النهاية كانت مأساوية وانتحر المشتبه فيه بأداة الجريمة نفسها التي نفذ بها جريمته الشنيعة. المثير في ملف هذا "السلفي الجهادي" أنه اختار وضع حد لحياته بعد أن تراجع عن مواجهة رجال الأمن بسيفه الذي قتل به طالبا بمعهد الترجمة وأصاب زميله وسائحا أجنبيا يوم 15 أبريل الماضي. النيابة العامة أمرت بفتح تحقيق في الموضوع وذلك بعد أن لفظ المتهم أنفسه لدى وصوله إلى المستشفى، والسبب نزيف حاد وجرح غائر في البطن. "الصباح" انتقلت إلى منزل أسرة المتهم والتقت أفرادا من عائلته واستمعت إلى عدة روايات حول حادث الانتحار وجريمة مقهى "الحافة". وضع المتهم "عبد اللطيف الزهراوي"، الذي كان مبحوثا عنه للاشتباه في تورطه في تنفيذ جريمة مقهى الحافة بطنجة، يوم 15 أبريل الماضي، حدا لحياته في الساعة الواحدة والربع من صباح أول أمس (السبت)، بالانتحار عن طريق قطع شرايين معصمه الأيسر، وبقر بطنه بواسطة السيف نفسه الذي ارتكب به جريمة تصفية شاب يتابع دراسته في معهد فهد للترجمة بطنجة، وإصابة زميل الأخير بجروح خطيرة، إضافة إلى جرح سائح إسباني من أصل فرنسي كان برفقتهما.وقال مصدر أمني مسؤول لـ "الصباح" "توصلنا بمعلومات عن زيارة المشتبه فيه المبحوث عنه في إطار جريمة "مقهى الحافة" إلى منزل أسرته، منتصف ليلة السبت، فأوفدنا فريقا أمنيا لمحاصرة البيت وإيقافه، وبعد اقتحام الطابق السفلي حاول المطلوب الخطير للعدالة الاعتداء على رجال الأمن بواسطة السيف قبل أن يفر إلى غرفته وينتحر عن طريق قطع شرايين معصم يده اليسرى ويبقر بطنه بواسطة سيف".وحسب المصدر الأمني، فإن المتهم انتحر بهذه الطريقة قبل أن يسقط على فراش نومه، ورغم نقله على الفور بواسطة سيارة إسعاف إلى مستشفى محمد الخامس بطنجة، فقد لفظ أنفاسه قبل أن تجرى له عملية جراحية لإنقاذ حياته.فرضية الإدمان يقول مصدر طبي إن "السبب الرئيسي لوفاة المتهم يعود إلى نزيف خارجي حاد إضافة إلى جرح غائر في بطنه، كما عاين الطاقم الطبي وجود جروح قديمة، كشف تشخيصها أنها تشبه تلك التي يحدثها المدمنون على الأقراص المهلوسة، ما يرجح فرضية أن المتهم كان، في فترة ما، مدمنا على المخدرات، وهو ما نفاه أحد أقاربه في تصريح لـ "الصباح"، موضحا أن "عبد اللطيف الزهراوي" كان ملتزما ومتطرفا دينيا، بل إنه، ومنذ أزيد من عشر سنوات، وهو يحاول إجبار أفراد أسرته على الالتزام دينيا".وانتقلت "الصباح" إلى منزل المتهم المنتحر بحي "الحافة" والتقت أفرادا من عائلته التي لم تفاجأ بحادث انتحاره على اعتبار أنه كان يعاني اضطرابات نفسية، وكان منطويا على نفسه وقاطع شباب الحي غير الملتزمين، بل إن إخوته كانوا ممنوعين من دخول الطابق السفلي الذي يقيم فيه بمنزل أسرته، وكانوا يتخوفون من الحديث إليه لطبعه الحاد.أسرته لم يفاجئها الانتحارقال شقيق "عبد اللطيف الزهراوي" في تصريح ل"الصباح" "لم افاجأ بما حدث لقد كان شقيقي انطوائيا ومتطرفا دينيا وكنت أتفادى الحديث إليه، ولم يكن أحد من اسرتي يجرؤ على النزول إلى الطابق السفلي منذ أن تزوج بامرأة لم أر يوما ملامح وجهها لأنها منقبة".وأضاف شقيقه "لقد كان يفضل الخلوة في غرفته ويقضي أياما في العزلة وكان طبعه يخيف أفراد الأسرة، وكنت أتفادى لقاءه حتى لا يبادرني بالحديث معي عن الالتزام الديني، ومطالبتي بإطلاق اللحية وما إلى ذلك، وأنا لا أشبهه وكنت أفضل أن لا يفتح معي هذا الموضوع".وعن حادث الانتحار قال "لقد كنت نائما ساعة اقتحام عناصر الشرطة للمنزل، وكل ما سمعته هو صوت أختي التي كانت تبحث عن بطاقة تعريفه الوطنية لتسليمها إلى رجال الأمن، أما أي معلومات عن حادث الانتحار فلا علم لي بها ولم أسمع قط صوت شقيقي حين انتحر ولا أي أصوات مواجهات بينه وعناصر الشرطة."سلفي متوتر"بخصوص حادث مقهى "الحافة"، استطرد شقيق "عبد اللطيف الزهراوي" "إنه شخص كتوم وانطوائي ومتوتر ولا يكشف أسراره لأي أحد، وعندما بلغنا أنه مشتبه في تنفيذه جريمة قتل طالب جامعي لم نفاجأ، ولقد زارنا رجال الأمن أكثر من مرة وكانوا يطلبون منا تزويدهم بمعلومات عنه، وما إذا كان على اتصال معنا، وكنا ننفي علمنا بمكان وجوده، ولم نره إلى حدود انتحاره، بل إننا تفاجأنا عندما علمنا أن زوجته حضرت في الليلة نفسها التي جاء فيها لزيارة منزل الأسرة".ويفيد مصدر أمني "عندما داهمنا المنزل بعد رفض المتهم الاستجابة إلى ندائنا بتسليم نفسه وفتح الباب، وجدنا برفقته زوجته قبل أن يشهر في وجهنا سيفا ويتراجع إلى غرفته وينتحر، وكان همنا الوحيد نقله على عجل إلى المستشفى لإنقاذ حياته".ووفق رواية أحد أفراد أسرة المشتبه فيه المنتحر، فإنه حاول الدخول في مواجهة مع رجال الأمن لكن، بحكم أنه كان انطوائيا ويخشى المواجهة، فإنه تراجع وقرر وضع حد لحياته على طريقة المنحرفين المدمنين على المخدرات، وهذا ما تعكسه آثار الجروح القديمة التي كانت على أجزاء من يديه، ما يوضح أنه من المرجح أنه كان في فترة ما مدمنا على الأقراص المهلوسة قبل أن يتشبع بالأفكار "السلفية الجهادية".الزواج قبل ثلاثة أشهريحكي شقيق "عبد اللطيف الزهراوي" أن الأخير لم يتزوج سوى قبل ثلاثة أشهر، وكان مضطربا وأفكاره متطرفة بل إنه ربما كان وراء فرض النقاب على زوجته، وكان يعتزل الجميع ويفضل الخلوة في غرفته في الطابق السفلي للبيت واختار وضع حد لحياته فيها.وعن كيفية تحول "الزهراوي" من شاب محب للحياة إلى متطرف متشبع بالفكر "السلفي الجهادي"، قال شقيقه "لقد التزم دينيا وأطلق اللحية قبل سفره إلى إسبانيا حيث أقام في برشلونة خمس سنوات، ليرحل إلى المغرب بحكم قضائي وهو ما كان له بالغ الأثر عليه ودفعه إلى البحث عن السفر إلى دول أخرى لأنه لم يكن يرغب في البقاء هنا".وتفيد معطيات أن المصالح الأمنية كانت تضع منزل المشتبه فيه تحت المراقبة وعندما جاء خلسة لزيارة بيت عائلته، حيث كان على موعد مع زوجته، بعد 22 يوما على اختفائه عقب حادث مقهى "الحافة"، حاصرته قوات الأمن وحاولت إجباره على الاستسلام، لكن حين اقتحمت المنزل اختار وضع حد لحياته بالانتحار عن طريق قطع شرايين معصم يده اليسرى وبقر بطنه.استنفار الأجهزة لمحاصرتهظلت المصالح الأمنية بطنجة في حالة استنفار منذ تنفيذه جريمة مقهى "الحافة"، واضطرت إلى تمشيط غابتين تقعان بضواحي المدينة سعيا إلى إيقافه. وقال مصدر مطلع "لقد قضى رجال الأمن أزيد من 22 يوما في البحث عن المتهم، وقاموا بتمشيط غابتين بعد توصلهم بمعلومات عن اختبائه في إحداهما، لكن دون جدوى، قبل أن تتوصل الشرطة بمعلومات عن زيارته المباغتة لمنزل أسرته، ليلة أول أمس (السبت)، التي من المرجح أنها كانت بهدف لقاء زوجته التي كانت تقيم في بيت أسرتها في منطقة بني مكادة، وكان يستحيل عليه لقاءها لأن الشرطة كانت تفرض عليها مراقبة بحكم أنها كانت على يقين أنه سيحاول الاتصال بها.والمثير في قضية هذا المتهم أنه فضل وضع حد لحياته لتموت معه أسرار حادث "مقهى الحافة" الذي راح ضحيته الشاب "حسن.ز" وعمره 25 سنة، وقتل مباشرة بعد تلقيه طعنة قاتلة في الظهر، فيما أصيب زميله في الدراسة "سعد.ب" وعمره 25 سنة، بجروح عميقة كلفته إجراء عملية جراحية في الكتف.قصة حادث مقهى "الحافة"يحكي أحد العاملين في مقهى "الحافة" قصة الحادث الشنيع الذي وقع يوم 15 أبريل الماضي وكان يوم جمعة، ويقول في هذا السياق "دخل المتهم المقهى وجلس على مقعد، قبل أن تنتابه حالة هستيريا حادة ويستل سيفا ويبادر بالهجوم على ثلاثة أشخاص كان بينهم أجنبي من زبناء المقهى، فقتل أحدهم وهو طالب في مدرسة عليا للترجمة ويصيب زميله، فيما أصاب الأجنبي بجروح طفيفة في فخذه، قبل أن يلوذ بالفرار بعد أن كبر على طريقة منفذي العمليات الانتحارية".ولم ينجح حارس سيارات كان متسمرا قرب مقهى "الحافة" في إيقاف المتهم الذي لاذ بالفرار. وأكد شهود عيان أنه قصد غابة "مرقادة" بطنجة، المجاورة لموقع الحادث للاختباء فيها والافلات من مطاردات رجال الأمن. محاصرة المطلوب رقم 1 بطنجة في يوم 15 أبريل الماضي فوجئ العاملون في مقهى "الحافة" بهجوم شخص ملتح عليهم مشهرا سيفا قبل أن ينفذ جريمته بقتل طالب وجرح آخر وإصابة سائح إسباني من أصل فرنسي.ومباشرة بعد وقوع الحادث وفرار المتهم راجت أخبار أن الجريمة نفذها شخص ملتح ينتمي إلى "التيار السلفي الجهادي" لتنطلق عملية البحث عنه لتحدد في اليوم الموالي هويته وتنشر مذكرة بحث عنه.زار رجال أمن منزل أسرته بعد ثلاث ساعات من تاريخ تحديد هويته وجرى الاستماع إلى والدته وشقيقه، وأكدا أنهما لم يرياه منذ يوم الحادث وأنه شخص انطوائي ويختلي بصفة دائمة في غرفته، وعندما تزوج اختار فتاة منقبة أو فرض عليها النقاب بعد الزواج، ومنذ أن عقد قرانه أصبح يقطن معها في الطابق السفلي لمنزل الأسرة في حي "الحافة".وحددت هوية المتهم من طرف عناصر الأمن بناء على أبحاث قامت بها الشرطة القضائية بتنسيق مع الاستعلامات العامة، ولم يتطلب ذلك جهدا كبيرا لأن منفذ جريمة القتل كان أحد أبناء الحي الذي تقع فيه المقهى (مكان الحادث).وبمجرد أن وقع الحادث نزل المحققون إلى الحي لجمع المعلومات، وكان هناك إجماع على أن منفذ الجريمة لن يكون سوى "عبد اللطيف الزهراوي" لأنه الأكثر تطرفا وغلوا وبحثا عن تنفيذ عمليات "استشهادية" ضد الأجانب، لتحدد هويته وتنشر مذكرة بحث عنه وتوزع صوره على جميع المراكز الأمنية ليباشر البحث عنه، قبل أن يقع تفجير مطعم "أركانة" بمراكش، فوقع اشتباه في إمكانية ضلوعه في هذا الحادث بحكم أن الأوصاف التي حددها سياح كانوا شهود عيان تنطبق عليه، ليزداد الضغط على الأجهزة الأمنية في مدينة طنجة لإيقاف المشتبه فيه الذي انضاف إلى ملفه تفجير مراكش، قبل أن يماط اللثام عن هذه القضية، ليضبط بعد يومين من فك لغز "حادث أركانة" المطلوب رقم 1 بمدينة البوغاز ويحاصره الأمن ما دفعه إلى الانتحار. السر دفن بانتحار "السلفي" ما يزال زملاء الطالب "حسن.ز"، الذي قتل في حادث مقهى "الحافة" متأثرين بمقتله، بل إنهم حين علموا بانتحار منفذ الجريمة تذكروا زميلا لهم خطفته أيدا "مجرم ظلامي".وحسب مصدر في حي "الحافة"، فإن "عبد اللطيف الزهراوي" كان ربما يهدف من خلال الهجوم على المقهى الذي يرتاده كثير من الأجانب قتل الأجنبي الإسباني من أصل فرنسي، والذي كان ربما وراء الوشاية به لترحيله من إسبانيا سنة 2007.ووفق المصدر نفسه، فإنه ربما علم بوجوده في المقهى ولذلك حمل معه سيفه وتوجه إلى هذا المكان للانتقام وقتل الأجنبي، وبذلك يكون قد أسقط عصفورين بحجرة واحدة، حسب اعتقاداته، أي أنه قتل أجنبيا يكفره وانتقم لنفسه من الذي كان وراء الوشاية به وتسبب في ترحيله إلى المغرب.وعلمت "الصباح" أن الأجنبي الذي تحدث عنه هذا المصدر يسمى "فرانسيسكو. ن"، وأصيب في هذا الحادث بجروح خفيفة في فخذه، وغادر مستشفى محمد الخامس بعد تلقيه الاسعافات الضرورية وعاد إلى إسبانيا، ونفى خلال الاستماع إليه من طرف الشرطة أن تكون له معرفة سابقة بمنفذ الجريمة.وأصيب في حادث مقهى "الحافة" مجموعة من الزبناء إصابات خفيفة بسبب التدافع وسقوط بعضهم على الأرض وهم يحاولون الهروب. وقال شخص عاين الحادث "لقد حاول بعض الزبناء التصدي للجاني ورموه بالكراسي والحجارة وأجبروه على الفرار بعد أن فشلوا في محاصرته وإيقافه".وبحكم أن المتهم انتحر فإن الغموض ما يزال يكتنف الدوافع الحقيقية وراء ارتكابه هذه الجريمة، التي خلفت استياء عميقة بين رواد هذا المقهى الشهير، الذي يعتبر من المعالم التاريخية والسياحية بالمدينة. حكاية مرحل من إسبانيا اختار تنفيذ جريمة في مقهى سياحي يتحدر "عبد اللطيف الزهراوي" من أسرة فقيرة تقطن في حي "الحافة" بطنجة، وهو من مواليد سنة 1977، وكان يشتغل مياوما.هاجر منفذ جريمة "مقهى الحافة" سنة 2002 سرا إلى إسبانيا واستقر في برشلونة وهناك ربط علاقات بـ "سلفيين جهاديين" مغاربة. وبعد تفجير 11 مارس سنة 2004 بدأت المخابرات والأجهزة الأمنية الإسبانية تحرياتها حول العناصر المتطرفة المتحدرة من دول المغرب العربي المقيمة في إسبانيا في إطار مخططها لمكافحة التنظيمات الإرهابية وإحباط أي عمل إرهابي. واستمع إلى "الزهراوي" من طرف الأجهزة الأمنية الإسبانية سنة 2005 ثم سنة 2006، قبل أن يتقرر ترحيله بداية سنة 2007 إلى المغرب بناء على تقرير حول انتمائه إلى شبكة تهجير إلى العراق وسعيه إلى السفر إلى بلاد الرافدين للقتال هناك.وسلم المتهم بعد ترحيله إلى المصالح الأمنية المغربية التي قررت إخضاعه للتحقيق وإحالته على المحاكمة بتهمة محاولة الهجرة للقتال في العراق ليدان بقانون الإرهاب بخمس سنوات حبسا نافذا قضى منها ثلاث سنوات قبل أن يغادر السجن سنة 2010.وحين غادر سجن سلا قصد مدينة طنجة حيث قرر الاستقرار في بيت أسرته بحي "الحافة"، وبحث عن العمل ليشتغل مياوما بعد أسبوعين، لكن ما لوحظ عليه، حسب أسرته، أنه كان يختلي بنفسه في غرفته كلما رجع من العمل، بل إنه كان يحاول تقديم "النصح" لإخوته للالتزام دينيا.ويقول شقيقه، وهو أيضا رحل من إسبانيا إلى المغرب مباشرة بعد ترحيل "عبد اللطيف"، وذلك بتهمة الصلة بتاجر مخدرات، "لقد سبق لشقيقي أن قضى عقوبتين حبسيتين الأولى قبل التزامه وكانت بتهمة الضرب والجرح والثانية حين حكم عليه بخمس سنوات سجنا قضى منها ثلاثا في سجن سلا من أجل تهمة الإرهاب". إنجاز: رضوان حفياني والمختار الرمشي (طنجة)

سلفي مقهى “الحافة” بطنجة يدفن لغزه بانتحاره

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الصباح" في بيت المشتبه فيه الثاني في تفجير مراكش

كلاب البيتبول... خطر يتربص بالمجتمع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات