“الصباح” في بيت المشتبه فيه الثاني في تفجير مراكش

حكيم الداح حاصل على بكالوريا علوم تقنية وأخرى في الاقتصاد مساء الجمعة الماضي، انتقلت عناصر من مختلف الأجهزة الأمنية إلى حي الكورس بآسفي، وتحديدا منزل المشتبه فيه الثاني حكيم الداح، لمعاينة المكان الذي كان يعيش فيه، والبحث عن كل ما يمكن أن يفيد في الأدلة. تجمع عدد كبير للجيران يرمقون من بعيد المنزل الذي كان يؤوي مواطنا صنفته الأبحاث المشتبه فيه الثاني في أخطر عملية إرهابية ارتكبت منذ 2003. لم يصدق أبناء آسفي أن ينتمي إلى مدينتهم المشتبه فيهم بارتكاب العمل الإرهابي الذي استهدف مقهى أركانة، ما خلف صدمة وذهولا ممزوجين بشجب وإدانة، عمت كل الشوارع والمقاهي، صبيحة الجمعة الماضي، في البدء، كان الاعتقاد أن مشتبها فيه واحدا ينتمي إلى عاصمة السردين، قبل أن تتسلسل الأخبار، ليتم الجزم أن الثلاثة الذين أكد بلاغ وزير الداخلية إلى ضلوعهم في الحادث الإرهابي كلهم أبناء المدينة نفسها."الصباح" واصلت زيارة منازل المشتبه فيهم، والاقتراب أكثر من ذويهم لرسم صورة نفسية واجتماعية عن المتهمين، والبحث في مسارات حياتهم.في حي كورس، الأكثر شعبية، يقطن حكيم الداح، المشتبه فيه الثاني. بعد وفاة والدته في شهر غشت الماضي، ظل يقيم رفقة شقيقه في شقة بالطابق السفلي لبناية قديمة، تتكون من غرفتي نوم، واحدة تخصه والأخرى يشغلها أخوه، بالإضافة إلى صالون صغير ومطبخ.لم يمانع ي. د (33 سنة)، في استقبال موفدي "الصباح"، لنلج الفضاء حيث أوقف شقيقه الذي يكبره بسبع سنوات، ولنعرف تفاصيل من حياة حكيم، الذي أشارت الأبحاث إلى أنه العنصر الثاني في العمل الإرهابي الذي استهدف مقهى أركانة.كانت الحسرة بادية عليه، وقبل أن ينطلق في الإجابة عن الأسئلة، رفع يديه إلى السماء شاجبا ومدينا العمل الإرهابي، "هذ العمل لا يقبله أحد كيفما كانت ديانته".انطلق يونس في حديثه يرسم مسارات حياة شقيقه الأكبر، إذ توفي الوالد في أواخر السبعينات، حينها كان المشتبه فيه لا يتعدى عمره سبع سنوات، فيما شقيقه المتحدث إلى "الصباح" كان رضيعا، عانت الأم لإعالة ابنيها واشتغلت في مجالات مختلفة، آخرها كانت "الفابريكا"، في إشارة إلى معمل تصبير السمك. كانت الأسرة حينها تقطن في منزل آخر بأقصى الحي نفسه، قبل أن تنتقل في 2006 إلى الشقة الجديدة التي تشغلها على وجه الكراء.حكيم المولود في سنة 1970 كان معروفا في الحي أنه رياضي، إذ كان يمارس كرة سلة، في مرحلة الإعدادي والثانوي، كما ظل يشارك أبناء الحي في كرة القدم وفي جلسات "رأس الدرب".فشل في تحقيق الذاتحكيم حاصل على شهادتين للبكالوريا، الأولى تخصص علوم تقنية والثانية في العلوم الاقتصادية، بعد حصوله على الشهادتين سنة 1990، كان حلمه السفر إلى الخارج لاستكمال التحصيل العلمي، واستطاع فعلا التسجيل في إحدى الجامعات بأوربا، إلا أن الوضع الاجتماعي لم يسمح له بتوفير المبلغ المالي الذي يكلفه هذا الانتقال.يروي شقيقه، كان المبلغ عاديا، إذ لم يكن يتجاوز 7000 درهم، لكن الظروف المادية الصعبة منعت توفيره، وكان حينها حكيم يلوم والدته، ويلح عليها في تدبر المبلغ لإنقاذ مساره التعلمي.فشل حكيم في ولوج جامعات أوربا، وأخذت حياته منعطفا آخر، إذ امتنع عن التسجيل في الجامعة داخل أرض الوطن. توالت السنوات بعد ذلك، وعاش الظروف نفسها التي يعيشها العديد من أقرانه الذين يرفضون الشغل، وكانت أمه تلومه وتعاتبه على تقاعسه في تدبر شغل، فتشتعل بينهما بين الفينة والأخرى حزازات، إذ لم يكن يطيق أن يؤمر بالبحث عن العمل.تحولت حياة الشاب في لحظة لم يعد شقيقه يتذكرها، إذ أصبح يصلي في مسجد الحي، كما انطلق في امتهان التجارة البسيطة، بأن يقتني سلعا ويعيد بيعها. فرحت الأم وسرت بذلك، سيما بعد أن علمت أنه أصبح شريكا لشخص آخر في بيع الأحذية المستعملة، وأصبح يشتغل في محل تجاري، فرحة الأم لم تدم طويلا، إذ توفيت في غشت الماضي، وبقي الشقيقان وحيدين.كان الشقيق الأصغر يختلف عن المشتبه فيه، إذ اشتغل صغيرا، وانتقل بين مجموعة من المهن، قبل أن يستقر أخيرا بإحدى الشركات، ولم يكن حكيم ينفق من ماله بل إن أخاه الأصغر كان يتكلف بمصاريف الشقة وتجيهزاتها، ولم يشاركه الأخ الأكبر قط.وتعود أسباب ذلك إلى أن والدته أوصته بأن لا يختلف مع أخيه وأن يبتعد عن كل ما يمكن أن يقلقه ويدخله في حالة عصبية، فحكيم كان معروفا بمزاجه الغريب، إذ أنه لا يحب أن يفاتحه أي شخص في أموره الشخصية، بل حتى عندما كانت تفاتحه أمه في مشروع بيع الأحذية المستعملة وطريقة الشراكة، كان يصمت قبل ثم يغادر الجلسة، بل في حالات كان يغادر البيت ليومين أو أكثر.حكيم لم يكن يحب أن يشاركه أحد أسراره، التي كان يحرص على أن تبقى طي الكتمان، فشخصيته غريبة ومختلفة، إلا أنه لم يكن يبدي أي تشدد ديني، فقد كان يشاهد التلفزيون، ويتفرج على الأفلام الأمريكية.في الفترة الأخيرة، تغيرت حالة حكيم، بل أوضح لأخيه أنه "فض الشركة" مع عادل العثماني المشتبه فيه الرئيسي في تفجير مراكش، وانفصلا عن بعضهما تجاريا، وأصبح حكيم منذ ذلك الوقت يقضي يومه في النوم، وليلا لا يعرف له اتجاه، سيما أن شقيقه كان يشتغل ليلا، ولا يعود إلى المنزل إلا في الفجر.اعتقال حكيم لم يعلم به شقيقه الأصغر، إلا بعد حدوثه بيوم، فقد عاد من عمله فجرا، وفوجئ بوجود آنية طبخ على الفرن، فتحها ليجد أن أخاه تناول العشاء ولم يكمله.في الصباح، سأل عنه في المستشفى، اعتقادا منه أن حادثا وقع له كما سأل في الدائرة الأمنية، قبل أن يدرك أنه متورط في جرائم خطيرة. المصطفى صفر

“الصباح” في بيت المشتبه فيه الثاني في تفجير مراكش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عبد الصمد المشتبه فيه الثالث يبيع الأحذية المستعملة

سلفي مقهى "الحافة" بطنجة يدفن لغزه بانتحاره

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات