بورصة البيضاء لم تعد تبيض ذهبا

رسملتها انخفضت من مليار درهم في اليوم إلى حوالي 30 مليونا بعد أن تراجعت الأسهم إلى قيمتها الحقيقية عرفت رسملة بورصة البيضاء انخفاضا متواصلا، خلال السنوات الأخيرة، إذ أصبحت تتراوح بين 25 مليون درهم في اليوم و30 مليونا، في حين أنها كانت تصل إلى مليار درهم قبل عشر سنوات. وتعتبر رسملة البورصة، التي تحتسب بضرب عدد الأسهم المتداولة في قيمتها السوقية، أحد أهم المؤشرات على ديناميكية الأسواق المالية. ويجمع الكل، حاليا، على أن تدني رسملة البورصة يرجع بالدرجة الأولى إلى أن عملية تقييم أسهم المقاولات التي تلج إلى البورصة لم تكن تعكس القيمة الحقيقية لهذه المقاولات. فهناك بعض الشركات التي ارتفعت أسهمها، مباشرة بعد ولوجها إلى بورصة البيضاء، بسبع مرات في ظرف وجيز، إذ انتقل السهم من 560 درهما إلى أزيد من 4 آلاف درهم في ظرف وجيز، ما شجع عمليات المضاربة وساهم في نفخ حجم رسملة السوق بشكل لا يعكس الحقيقة. لكن هذه الفقاعات لم تصمد طويلا، إذ سرعان ما تهاوى سهم هذه الشركات إلى أقل من 50 درهما، ليرجع السوق إلى حجمه الطبيعي. ويعترف، حاليا، القائمون على تدبير السوق المالي بالبيضاء، بغياب الدقة في تقييم أسهم الشركات المدرجة، الذي لم يكن يعكس القيمة الحقيقية للمقاولات المدرجة. واعتبر كريم حجي، المدير العام للشركة المدبرة للبورصة، تراجع أداء البورصة أنه بمثابة تصحيح للأسعار، موضحا أن قيمة أسهم بعض الشركات لم تكن تعكس الواقع. وساهمت هذه الممارسات وغياب الشفافية وضعف المراقبة في تدني أداء البورصة. فهناك بعض الشركات التي لا تلتزم بشروط الشفافية المطلوبة، من خلال إخبار المتدخلين في السوق بكل المستجدات التي تطرأ على الشركة، وقد اتخذ مجلس اخلاقيات القيم (دركي البورصة) إنذارات وتوبيخات وغرامات مالية على 11 شركة أخلت بشروط والتزامات الإخبار. وتسعى السلطات، حاليا، إلى تعزيز دور آليات المراقبة، إذ هناك مشروع قانون سيحول مجلس أخلاقيات القيم إلى سلطة تقنين مستقلة، على غرار باقي مؤسسات التقنين والضبط، التي يتعين أن تتمتع بالاستقلالية التامة للقيام بدورها على أتم وجه، كما يتم الإعداد لعدد من المقتضيات التي تهم الشركات المدرجة، إذ ستصبح الشركات الكبرى ملزمة بتقديم تقرير فصلي يتضمن مختلف البيانات المتعلقة بنشاطاتها. لكن تنمية البورصة لا تتوقف فقط على إجراءات قانونية ومؤسساتية، بل ترتبط أيضا بمسائل ذات بعد ثقافي ومجتمعي، إذ أن الثقافة المالية تظل محدودة في فئات اجتماعية معينة. وفي هذا المستوى تكمن المفارقة الكبرى التي تميز سوق القيم بالمغرب، فمن جهة، نجد أن المقاولات تعاني مشكل التمويل وتشتكي من الشروط التعجيزية التي تضعها البنوك للاستفادة من القروض، ومن جهة أخرى هناك بورصة البيضاء التي تبذل مجهودات، من أجل إقناع هذه المقاولات بتمويل مشاريعها عن طريق البورصة، لكن دون جدوى. والسبب الرئيسي في ذلك، أن اللجوء إلى البورصة من أجل الحصول على الموارد المالية، من خلال إدراج المقاولة في البورصة وتداول أسهمها في السوق المالي، يقتضي، بدوره، بعض الشروط، من أهمها الشفافية. فالمقاولات التي ترغب في الولوج إلى البورصة مطالبة بتقديم كل المعطيات التي تهم تعاملاتها ونتائجها المالية، ما يجعل العديد من المقاولين يحجمون عن اللجوء إلى هذا السوق من أجل الحصول على التمويلات الضرورية. فإذا كانت البنوك تشترط مجموعة من الضمانات، مبالغ فيها في بعض الأحيان، فإن البورصة تلزم بدورها الراغبين في الحصول على التمويلات من البورصة أن يلتزموا بالشفافية، الأمر الذي يتنافى مع ثقافة الكتمان الشائعة في المجتمع.عبد الواحد كنفاوي

بورصة البيضاء لم تعد تبيض ذهبا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لدينا موظفون أكثر من المكتب الشريف للفوسفاط

التشطيب على محامين من هيأة البيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات